خمس فرضيات إسرائيلية حول مستقبل الحدث السوري
الجمل: تنشط حالياً فعاليات مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الإسرائيلية لجهة القيام بمحاولات تسليط الضوء على محتوى ومضمون الحدث السوري، وفي هذا الخصوص فقد نشر مركز أورشليم للسياسة العامة العديد من الأوراق البحثية التي حاولت بلورة رؤية محددة إزاء حركات الاحتجاج السياسي الشرق أوسطية، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالحدث السوري: فما هي مكانة الحدث السوري في الإدراك السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص الإدراك الليكودي الذي يمثله هذا المركز؟
* مقاربة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر: تأثيرات الحدث السوري على إسرائيل.
يعتبر البروفيسور إيعال زيسر من أبرز الخبراء الإسرائيلين المعنيين بالشأن السوري اللبناني. وهو يتولى حالياً منصب عميد كلية الدراسات الإنسانية بجامعة تل أبيب، إضافة إلى توليه منصب الرئيس السابق لشعبة تاريخ الشرق الاوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، والرئيس السابق لمركز موشي دايان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية، ومن أبرز مؤلفاته كتاب عن سورية بعنوان "باسم الأب"، وكتاب عن لبنان بعنوان "لبنان: تحدي الاستقلال"، إضافة إلى إعداد المزيد من البحوث والأوراق العلمية المتعلقة بالشؤون السورية واللبنانية.
لعبت دراسات وبحوث وندوات ومقالات البروفيسور إيعال زيسر دوراً هاماً في دعم مدخلات عملية صنع واتخاذ القرار السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي إزاء سورية ولبنان، إضافة إلى تعميق توجهات النزعة الليكودية في أوساط النخب السياسية والفكرية الإسرائيلية.
هذا وقد نشر مركز أورشليم للسياسة العامة اليوم عل موقعه الإلكتروني، ورقة بحثية، أعدها البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر، حملت عنوان (الانتفاضة السورية، التأثيرات على إسرائيل)، وقد سعى البروفيسور إيعال زيسر لجهة مقاربة تأثيرات الحدث السوري على إسرائيل، من خلال خمسة فرضيات، يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• الفرضية الأولى: برزت في مختلف أطراف سورية قوى اجتماعية جديدة تنخرط حالياً في صراع من أجل الصعود إلى السلطة والسيطرة على المركز، وأضاف البروفيسور إيعال أن منطقة المركز تؤيد وتدعم النظام، وبالمقابل لذلك فقد انقلبت الأطراف على المركز وأنه قد حدث بفعل تأثير العوامل السوسيولوجية الاقتصادية.
• الفرضية الثانية: ظلت الحركات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الماضية أكثر تأييداً لدمشق. ولكن مؤخراً، وعندما اندلعت فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، فقد تخلت هذه الحركات الإسلامية عن تأييد دمشق، ومن أبرز الأمثلة الدالة على ذلك موقف الزعيم الديني الإسلامي السني الدكتور يوسف القرضاوي الأخير إزاء دمشق.
• الفرضية الثالثة: ارتبطت تركيا خلال السنوات الماضية بعلاقات تعاون وثيقة مع النظام في سورية، بما أدى إلى جعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بمثابة الحليف لدمشق في المنطقة، ولكن، وبسبب توجهات أردوغان الإسلامية السنية، فقد أصبح في الآونة الأخيرة أكثر إهتماماً بتفضيل الوقوف إلى جانب المعارضة السنية السورية وبالذات حركات الإخوان المسلمين السورية بدلأً من الوقوف إلى جانب دمشق.
• الفرضة الرابعة: إنهيار دمشق سوف يؤدي إلى صعود نظام إسلامي سني ضعيف، بما سوف يودي إلى استبدال دمشق القوية بدمشق الضعيفة. وبرغم ذلك، فمن المتوقع أن تواجه إسرائيل بعض عمليات العنف الإرهابية المتقطعة في مناطق الحدود، ومع ذلك، فأن خيار إنهيار دمشق الحالية هو الافضل لإسرائيل طالما أنه يؤدي إلى استبدال "دمشق القوية" بـ "دمشق الضعيفة".
• الفرضية الخامسة: صعود المعارضة السنية الإسلامية السورية إلى دمشق سوف يؤدي إلى استبدال دمشق الحالية بدمشق أخرى أكثر اهتماماًُ باعتماد السياسات الخارجية التي تكون من جهة معارضة لإيران وحزب الله اللبناني، وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى تكون حليفة لواشنطن والبلدان الغربية الأوروبية، وهو الأفضل لإسرائيل.
هذا وعند مناقشة هذه الفرضيات نلاحظ أن البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر قد سعى وبشكل مستمر إلى إسناد هذه الفرضيات إلى بعض المعلومات والوقائع التاريخية السورية. والتي اختارها بشكل إنتقائي وفقاً لما يقدم الإسناد البرهاني الداعم للاستنتاجات التي حاول التوصل إليها.
* الحدث السوري ـ الحدث المصري: مقاربة البروفيسور زيسر وإشكالية التحليل المقارن.
تطرقت ورقة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر في استنتاجاتها الختامية لجهة عقد مقارنة بين فعاليات ونتائج الحدث المصري، وفعاليات ونتائج الحدث السوري، وفي هذا الخصوص أشار إلى النقاط الآتية:
• في مصر كان نظام الرئيس حسني مبارك داعماً للمصالح الإسرائيلية، وبالتالي فقد كانت إسرائيل وواشنطن أكثر حرصاً على دعم استمراره.
• في سورية، النظام الحالي هو الخصم الرئيسي لإسرائيل، والعقبة الرئيسية أمام صعود قوة إسرائيل كطرف مهيمن على الشرق الأوسط، وبالتالي فإن إسرائيل وواشنطن سوف يظلون أكثر حرصاً على دعم عدم استمراره.
• في مصر تزايدت قوة المعارضة بما أصبح من غير الممكن عملياً لإسرائيل وواشنطن دعم بقاء الرئيس السابق حسني مبارك.
• في سورية النظام قوي والمعارضة ضعيفة، والمطلوب أن تسعى إسرائيل وواشنطن لجهة دعم المعارضة الداخلية والخارجية بما يجعل منها عملياً أقوى من النظام.
واشار البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر في هذه النقطة قائلاً، بأن المعارضة الإسلامية المصرية الصاعدة هذه الأيام في القاهرة، سوف تظل من جهة تشكل خطراً محدوداً على إسرائيل، ولكنها من الجهة الأخرى، سوف لن تستطيع إبعاد مصر عن علاقاتها وروابطها مع أمريكا والغرب وإسرائيل طالما أنه لا يوجد للقاهرة أي بديل يجعلها تستغني عن المساعدات والمعونات الأمريكية والغربية إضافة إلى عدم القدرة لجهة القيام بتحمل مخاطر إنهيار اتفاقية كامب ديفيد المصرية ـ الإسرائيلية. وأما بالنسبة لسورية، فقد أشار البورفيسور إيعال زيسر قائلاً، بأنه في حالة صعود حركة الإخوان المسلمين السورية، فإنها سوف تدفع باتجاه إبعاد دمشق عن إيران وحزب الله اللبناني، إضافة إلى أن رموز هذه الحركة من خلال علاقاتهم مع النخب الأردنية والسعودية والنخب التركية، والأمريكية والغربية الأوروبية، سوف يعملون باتجاه بناء أفضل الروابط مع أمريكا وبلدان أوروبا الغربية، وإذا أضفنا إلى ذلك الحقيقة القائلة بأن دمشق البديلة سوف تكون هي دمشق الضعيفة، فإن خيار صعود جماعة الأخوان المسلمين السورية هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل.
هذا وبرغم تفضيل البروفيسور إيعال زيسر لخيار استبدال دمشق القوية بدمشق الضعيفة، فقد كان لافتاً للنظر اعترافه بالحقيقة الآتية: مازالت فعاليات الحدث السوري الاحتجاجية مقتصرة حصراً على جزء صغير محدود من المجتمع الإسلامي السني، وليس كله. ومازال المجتمع الدرزي بعيداً عن المشاركة في الاحتجاجات، وبالنسبة للمسيحيين السوريين فقد حسموا الأمر لجهة خيار دعم دمشق القوية. أما الأكراد، فرغم خلافهم مع دمشق، فإن أغلبيتهم أصبحت حالياً، أكثر اهتماماً بالوقوف بعيداً ومراقبة الأمور عن كثب، وذلك عملاً بالمبدأ القائل: دعنا ننتظر ونرى.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
ويقولون أن لامؤامرة
يمكن رأيي صحيح؟؟؟
إضافة تعليق جديد