خارطة الخلافات الأمريكية حول خطط استهداف سورية
الجمل: استمرت التقارير والتحليلات السياسية الإقليمية والدولية المعنية بشأن الحدث السوري، في ظهورها المتواتر والذي أخذ طابعاً منخفض الكثافة بدءاً من مطلع هذا الأسبوع مقارنة بالأسابيع الماضية، فما هي المعطيات الجديدة التي كشفت عنها هذه التقارير والتحليلات، وما هي وجهات النظر المتباينة الشرق أوسطية وعلى وجه الخصوص المتعلقة بسوريا؟
* المقاربات الأمريكية للحدث السوري: الخلفيات والنوايا
بدأت وجهات النظر الأمريكية إزاء الحدث السوري أكثر اهتماماً لجهة الرصد، ثم تحولت بعد ذلك لتصبح أكثر تحيزاً لجهة استهداف دمشق، ثم تحولت لتتخذ طابعاً خلافياً بين طرف يراهن على جدوى التصعيد وطرف آخر يراهن على المخاطر الجمّة التي يمكن أن تؤدي إليها نتائج التصعيد، ثم تحولت بعد ذلك، لجهة التحول باتجاه الرهان على فعالية الدور الخارجي لجهة القيام بالتغيير المطلوب بعد أن تبين عدم قدرة فعاليات المعارضة الداخلية على إحراز هذه النتائج، ثم تحولت بعد ذلك إلى اعتماد موقف أكثر تبايناً لجهة تحديد الرهان الأساسي الأمريكي المتعلق بإدارة فعاليات الحدث السوري، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• تيار صقور سياسة سوريا: يتمثل هذا التيار في وجهات النظر التي تسعى جماعات اللوبي الإسرائيلي لجهة التسويق إليها عبر الصحف الأمريكية الكبرى، ومراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكية، ومن أبرز رموز هذا الاتجاه نجد: اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام، والذي نشر عبر الموقع الالكتروني الخاص بمجلس العلاقات الأمريكية حوالي 15 وجهة نظر خاصة بسوريا، إضافة إلى مجموعة من الخبراء اليهود الأمريكيين الناشطين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وعلى وجه الخصوص: الخبير روبرت ساتلوف ـ الخبير ديفيد شينكر ـ الخبير أندو تابلر.
• تيار حمائم سياسة سوريا: يتمثل هذا التيار في وجهات النظر التي ظل معهد السلام الأمريكي أكثر اهتماماً لجهة التسويق لها، ونلاحظ أن وجهات النظر الأساسية التي ظل معهد السلام الأمريكي يركز عليها كانت تأخذ طابع تعليقات خبراء الشؤون السورية والشرق أوسطية، ومن أبرزهم: منى يعقوبيان ـ ستيفن هايدمان ـ سكوت لاينسكي ـ فريدريك هوف.
هذا، وفي معرض التفريق بين تيار الصقور والحمائم الأمريكيين إزاء سوريا، نلاحظ أنهما يتفقان حول ضرورة السعي لاستهداف سوريا، والفرق بينهما ينحصر في كيفية إنجاز هذا الاستهداف، بحيث يركز الصقور على آليات الشر الخشن، بينما يركز الحمائم على آليات الشر الناعم.
* خارطة طريق الخلافات الأمريكية حول سياسة سوريا: توصيف المعلومات الجارية
سعت معطيات الأداء السلوكي السياسي الخارجي الأمريكي إزاء سوريا، لجهة بث الرسائل التي انطوت على المزيد من الإشارات المتضاربة التي حملت حجماً من اليقين يقل بكثير عن حجم اللايقين الذي تضمنته مفرداتها وتعبيراتها، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• عدم اعتماد خيار أمريكي رسمي موحد على المستوى المعلن إزاء سوريا، فقد ظلت المواقف الرسمية الأمريكية تؤكد على التعامل بشدة ضد دمشق، ولكنها في نفس الوقت اكتفت بمطالبة دمشق بإجراء الإصلاحات والتعديلات، وهو ما لم تسع واشنطن إلى مطالبة نظام الزعيم القذافي، أو الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أو الرئيس المصري السابق حسني مبارك به.
• اعتماد ملف مواجهة سياسية أمريكية منخفضة الشدة مع دمشق، مقارنة بالموقفين الفرنسي والبريطاني اللذان سعيا من الوهلة الأولى لجهة استخدام الشدة الدبلوماسية المفرطة.
هذا، وتشير المعطيات الجارية إلى أن الإشارات المتعاكسة، بدأت تأخذ مفعولها، بحيث أبرزت معطيات أداء السياسة الخارجية الأمريكية المواقف الآتية:
• قيام كوزينيتش العضو البارز في الكونغرس الأمريكي بزيارة دمشق، وإجراء المزيد من اللقاءات المستفيضة الرفيعة المستوى في سوريا.
• قيام المزيد من صقور الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي بتوجيه الانتقادات ضد عضو الكونغرس كوزينيتش على أساس أن زيارته لدمشق لا تنسجم مع توجهات واشنطن الرامية إلى تشديد الضغوط على سوريا.
وإضافة لذلك، جاءت وجهة النظر الجديدة، التي سعى إلى التسويق لها خبير اللوبي الإسرائيلي وزعيم جماعة المحافظين الجدد، اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام، ضمن وجهة نظره التي نشرها الموقع الالكتروني الخاص بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، والتي حملت عنوان (سوريا: سياسة واقعية أم وهم أحمق باهظ الثمن؟) ويمكن الإشارة إلى أبزر النقاط التي أوردها إيليوت أبراهام على النحو الآتي:
• شهد الأسبوع المنصرم قيام واشنطن بحث المعارضة السورية من أجل الانخراط والمشاركة في فعاليات المحادثات والمفاوضات الجارية مع دمشق.
• سعت الصحافة الأمريكية إلى إبراز مشهدين، الأول عندما نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تقريراً يقول بأن دمشق قد سعت إلى المزيد من عمليات قمع الاحتجاجات والمظاهرات السياسية، والثاني عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً يقول بأن دبابات الجيش السوري قد قامت باقتحام مدينة خربة الجوز الحدودية المتاخمة للأراضي التركية. وذلك من أجل قمع المتظاهرين والمحتجين.
• تقوم الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي بممارسة الضغوط على المعارضة السورية من أجل المشاركة والانخراط في فعاليات الحوار والنقاش والمفاوضات الجارية حالياً في دمشق بين السلطات الرسمية وكبار رموز المعارضة الداخلية.
• سعى السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد إلى حث رموز المعارضة السورية من أجل المشاركة في المحادثات والمناقشات والمفاوضات الجارية حالياً بين السلطة الرسمية ورموز المعارضة الداخلية في سوريا.
• سعى بعض رموز المعارضة الخارجية السورية لجهة التذمر وتوجيه الانتقادات إزاء موقف واشنطن الذي طالبهم بالمشاركة في المحادثات والحوار والمفاوضات، وفي هذا الخصوص تحدث المعارض السوري المقيم في أمريكا رضوان زيادة واصفاً استراتيجية الإدارة الأمريكية المطالبة بالحوار والتفاوض مع دمشق بأنها استراتيجية غير مجدية وغير صالحة وغير مقبولة بواسطة المتظاهرين السوريين، إضافة إلى أنها استراتيجية جاءت متأخرة.
هذا، وإضافة إلى وجهة نظر اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام خبير مجلس العلاقات الخارجية في الشؤون الشرق أوسطية، فقد نشر معهد المسعى الأمريكي وجهة نظر اليهودي الأمريكي مايكل روبين خبير المعهد في الشؤون الشرق أوسطية، والتي ركزت لجهة الإشارة لنفس النقاط التي سعى لجهة التأكيد عليها إيليوت أبراهام، ولكن مع خلاف شكلي واحد تمثل في الاستنتاجات:
• خلصت وجهة نظر اليهودي الأمريكي مايكل روبين إلى توجيه السباب والشتائم في حق عضو الكونغرس كوزينيتش الذي قيام بزيارة دمشق، واعتبار أن هذه الزيارة تمثل نقطة بارزة لجهة التأكيد على عدم جدية إدارة أوباما في الضغط على دمشق، إضافة إلى عدم أخلاقية هذه الإدارة في التعامل بمصداقية إزاء التزامها بدعم وتعزيز الروابط الخاصة الأمريكية ـ الإسرائيلية.
• خلصت وجهة نظر اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام إلى وصف إدارة أوباما، بأنها على خلفية حثها للمعارضة السورية بضرورة التفاهم والحوار والتفاوض مع دمشق بأنها إدارة أمريكية لا ترغب في استهداف دمشق وإنما ترغب في إفساح الفرصة والمجال أمام دمشق لكي تتحاور وتتفاهم.
على أساس اعتبارات تقييم الوضع الكلي السياسي الأمريكي الحالي، نلاحظ، وجود احتمالات لجهة تصاعد الآتي:
• مؤشر احتمالات توتر علاقات المعارضة السورية الخارجية مع واشنطن.
• مؤشر تزايد انتقادات خبراء اللوبي الإسرائيلي لتوجهات الإدارة الأمريكية إزاء دمشق وإزاء المعارضة السورية الخارجية.
وتأسيساً على فعاليات عمل هذين المؤشرين، فمن الأكثر احتمالاً هو حدوث حراك مزدوج متوازي بحيث يحدث المزيد من انخراط كبار رموز المعارضة الداخلية في الحوار والتفاوض والتفاهم الوطني السوري الداخلي البعيد عن نفوذ الأطراف الخارجية الأجنبية. مقابل حدوث المزيد من التقارب بين وجهات نظر رموز المعارضة السورية الخارجية وخبراء جماعات اللوبي الإسرائيلي الرافضة لهذا الحوار والساعية لتحريض واشنطن من أجل المزيد من استهداف سوريا.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقارب قد بدأ يأخذ شكلاً ملموساً واضحاً، بدءاً من اجتماع الأمس الذي حمل اسم "الاجتماع الشعبي السوري" واستضافته قاعة سينما سان جيرمان الباريسية الفاخرة، والمخصص لرموز المعارضة السورية الخارجية والذي دعا له الناشط اليهودي برنار هنري ليفي وحضره عضو الكنيست الإسرائيلي ألكسندر غولدفارب كضيف شرف، جنباً إلى جنب مع المعارضة السورية الخارجية.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
من هذا ؟
الله يسامحك
شو هالحكي ؟؟؟؟
تعليقات رائعة
احلى تعليق والله انا فكرتو
القادة الارانب
إضافة تعليق جديد