حين لا تؤدي الدبلجة الأهداف المرسومة لها

15-12-2010

حين لا تؤدي الدبلجة الأهداف المرسومة لها

عندما ظهرت حمى الدبلجة مع النماذج المكسيكية، والتي بدأت مع مسلسل «أنت أو لا أحد»، عرفت جماهيرية واسعة محلياً، وإقبالاً غير مسبوق عربياً، خصوصاً في دول المغرب العربي التي وجدت فيـها إرواء لظمئها الى اللغة العربية. علماً أن الحلقات المدبلجة كانت تنفذ في الإستوديوهات اللبنانية، التي يسجل لها اهتمامها بالتدقيق اللغوي. سيلفستر ستالون في «رامبو» الذي نفذ منه أربعة أجزاء
وفيما يشعر بعض الفنانين بالرضى عن تجربتهم في الدبلجة، الا أن آخرين ينحون منحى آخر. فالفنان عبد المجيد مجذوب على سبيل المثال يتباهى لكونه لم يساهم في هذه الموجة.
غير أن موضوعنا ليس ما أحدثته هذه المادة الفنية من أخذ ورد بين الفنانين في لبنان والعالم العربي. بل الى أين وصلت وهي تنتقل من مناخ الى آخر في خط متعرج عرف صعوداً مع التجربة السورية – التركية. ولعل ما يخدم الدبلجة السورية للأعمال التركية هو ذلك الشبه الكبير بين وجوه الناس في البلدين، ومهارة الممثلين السوريين في تقنية الأداء. وأبرز تجلياتها تطابق الشفاه مع الكلام المدبلج. ما خدم اللهجة السورية التي أسست لرواجها الدراما كما الكوميديا.
أما ما يحدث في محطة «أم بي سي»، عبر عرض لسلسلة من الأفلام الأجنبية المدبلجة الى العربية، التي تعتبر تحفاً فنية، فيشكل تراجعاً فنياً. فرغم تقادم الزمن ظلّت هذه الأفلام (الأميركية والأوروبية ) حية في الأذهان، وربما كان مطلوباً نقل مناخها الى العربية تعميماً للفائدة. لكن حسن النية وحده لا يكفي، فجاءت العواقب وخيمة.
لماذا؟ لأن بعض الناس ربما يرتاحون لتحررهم من عبء قراءة الترجمة العربية على الشاشة. فيكتفون بالاستماع الى أصوات الممثلين العرب من دون الاهتمام بأسمائهم. لكن المتابعين والعارفين يتوقفون عند أمر بالغ الأهمية، ويتعلق بصورة الفنان. حيث لا يعقل أن نواكب جاك نيكولسون على سبيل المثال، وهو يتحدث بالعربية وقد خبرناه على مدى ربع قرن متحدثاً بالانكليزية، وهو ما يسري على بقية النجوم العالميين، ولو أن بعضهم أدى أدواراً بلغات غربية أخرى، فإن أيا منهم لم ينطق بلغة الضاد أبداً.
وثمة رأي يقول بأن الدبلجة وجدت لخدمة المتقدمين في السن الذين يفضلون الاستماع على قراءة الترجمة عبر الشاشة، أو للأميين الذي لا يجيدون القراءة. وبغض النظر عن مدى صحة هذا القول، فمن الاعتباطي أن ندبلج كل منتج درامي الى العربية. فالقصة وأجواؤها تكون أفضل بطبيعتها الأولى. وقد عرض مؤخراً شريط مدبلج للعربية لآل باتشينو، وقد نطق بصوت آخر، ما جعل الأمر مضحكاً، خصوصاً لدى استذكارنا لما قاله النجم الكبير ذات مرة، رداً على سؤال: «لماذ يجدك النساء جذاباً الى درجة كبيرة، ما الذي تجده أجمل ما فيك، فرد من دون تفكير «صوتي».
إذاً إنه صوته، مثلــما هي حال نجوم آخرين مثل سيلفستر ستالون، أو آرنولد شوارزنيغر، على سبيل المـثال، أصـواتهم غير جذابة غالباً، لكـنها تدل عليهم وتميزهم.
تغدو الدبلجة أمراً أكثر حساسية ودقة، حين يتعلق بالنــجوم والمشاهير. لأن لأصوات هؤلاء مثل وجوههم سمات خاصة جداً. وممنوع التـلاعب بهــا. وربما يكون الحل بما يجري تسويقه حالياً من أعمال وافدة من كوريا، وأندونيـسيا. بالإضــافة الى المستورد من تركيا، لسـبب بسـيط يتعلق بانعدام شهـرة فـناني هذه البلاد على نطاق واسع (مع الاعتذار من جمهور مهند). وبالتالي لن ينتبه أحد لأصــواتهم. وربما تؤدي الدبلجة في هذه الحالة الأهداف المرسومة لها.

محمد خضر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...