تقارير حول ترحيل 800 ألف من الأجانب المقيمين في الكويت

27-08-2008

تقارير حول ترحيل 800 ألف من الأجانب المقيمين في الكويت

الجمل: تداولت أجهزة الإعلام التقارير الإخبارية المتعلقة بقرار الكويت الهادف إلى ترحيل 800 ألف من الأجانب المقيمين حالياً في الأراضي الكويتية، وبرغم أن الخبر يبدو من الناحية الشكلية سيادي وعادي، إلا أنه من الناحية التحليلية يحمل المزيد من الدلالات المتعلقة بأوضاع ومستقبل اتجاهات التركيب الديمغرافي السكاني الخليجي.
* الأمن الديمغرافي الخليجي: الفرص والمخاطر:
يتميز كل قوام ديمغرافي بالعديد من عوامل الضعف والقوة وبالمقابل من ذلك يتعرض كل قوام ديمغرافي إلى المخاطر التي تهدد أمنه وهي مهددات يمكن أن نصنفها على النحو الآتي:
• مهددات جهوية: وتنقسم إلى داخلية وخارجية.
• مهددات نوعية: وتنقسم إلى اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وعسكرية.
تشير الخارطة الديمغرافية الخليجية إلى الآتي:
• عوامل الضعف: وتتمثل في انخفاض عدد السكان وعدم توازن الهرم السكاني بفعل ارتفاع عدد الإناث إضافة إلى تمركز الأغلبية العظمى من السكان في المدن الكبيرة المطلة على الخليج العربي.
• عوامل القوة: تتمثل في ارتفاع مستوى الدخل إضافةً إلى تزايد معدلات التحضر.
عند معايرة عوامل الضعف وعوامل القوة على ضوء منظور المخاطر والمهددات فإننا نلاحظ الآتي:
• المخاطرة الأولى تتمثل في انخفاض عدد السكان مقارنة بالأجانب المقيمين في الخليج.
• المخاطرة الثانية تتمثل في أن ارتفاع مستوى الدخل أدى إلى عزوف معظم السكان عن العمل.
• المخاطرة الثالثة تتمثل في أن تمركز معظم السكان في المدن الكبرى أدى إلى إفراغ الكثير من المناطق وتحويلها إلى أماكن جرداء خالية.
• المخاطرة الرابعة تمثلت في أن معدلات التحضر قد تزايدت على أساس النزعة الاستهلاكية المتزايدة على النحو الذي حول هذه المجتمعات إلى مستهلك يعتمد على الاستيراد في كل شيء وليس كمنتج قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
تراكم هذه المخاطر وتقاطعاتها أدت إلى تزايد الشعور بمدى مخاطر الأجانب المقيمين بالخليج.
* الإدراك الخليجي لثنائية المخاطر – المهددات: إشكالية عدم التوازن:
الإدراك الخليجي لثنائية المخاطر – المهددات على أساس اعتبارات النزعة القومية – الاجتماعية التي تنظر للأجنبي باعتباره مصدر الكرب والبلوى، وتتجاهل العوامل الأخرى، وعلماً بأن مناطق صغيرة في العالم مثل هونغ كونغ وسنغافورة تكتظ بديمغرافيا سكانية تعادل أضعاف أضعاف سكان الخليج، لم تتبلور نزعة قومية – اجتماعية تزعم بأن الأجانب هم مصدر المشكلات ولا حاجة لأن نقول بأن هذه المناطق تعتبر من الأكثر تقدماً وتحضراً في العالم.
* سكان الخليج والتطورات الجيو-سياسية المعاصرة:
شهدت منطقة الخليج خلال الأربعة حقب الماضية الكثير من التطورات التي من أبرزها:
• الثورة الإسلامية في إيران التي اندلعت في العام 1979م وتداعياتها على بلدان الخليج وعلى وجه الخصوص الشيعة الخليجيين الذين اتخذوا موقفاً إيجابياً من الثورة الإسلامية في مواجهة السكان السنة الذين اتخذوا منها موقفاً سلبياً وبكلمات أخرى نظر الشيعة الخليجيون إلى الثورة الإسلامية باعتبارها فرصة لتأسيس مرحلة نهضوية خليجية، أما السنة فنظروا إليها باعتبارها المؤشر الرئيسي لصعود الخطر الشيعي.
• حرب الخليج الأولى التي اندلعت بين العراق وإيران والتي نظر إليها السنة باعتبارها رداً على الخطر الإيراني واعتبروا نظام الرئيس صدام حسين يخوض حرباً لدرء الخطر عن الخليج، أما الشيعة في الخليج فقد نظروا إليها باعتبارها حرباً تهدف لتقويض المشروع الشيعي الإسلامي.
• حرب الخليج الثانية التي دارت بين قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا وبين العراق وهدفت إلى إخراج القوات العراقية من الكويت حيث نظر إليها جميع سكان المنطقة الخليجية باعتبارها حرباً تهدف إلى حماية الخليج من خطر النفوذ العراقي إضافة إلى أن الشيعة رأوا فيها إضعافاً لنظام صدام حسين بما يفسح المجال أمام احتمالات نمو المشروع الإسلامي الشيعي في المنطقة.
• حرب الخليج الثالثة التي تمثلت بقيام الولايات المتحدة وحلفاءها بغزو واحتلال العراق حيث نظر إليها الخليجيون باعتبارها حرباً تهدف إلى تخليص العراق من نظام صدام حسين بما يؤدي إلى إدماجه ضمن البيئة الخليجية.
• حرب المقاومة العراقية التي تمثلت في الصراع العراقي – العراقي والصراع الأمريكي – العراقي، واختلف الخليجيون في النظر إليها، وبينما رأي الشيعة في الخليج فيها حرباً تمهد لإقامة دولة شيعية في العراق فقد رأى فيها السنة حرباً تهدف إلى القيام بعملية تطهير عرقي شامل ضد السنة في العراق.
* الوجود الأجنبي في الخليج: بين الواقع ونظرية المؤامرة:
تعكس الأدبيات السياسية والإعلامية الكثير من الدلالات المتباينة لجهة الإشارة إلى الوجود الأجنبي في الخليج، وتدور الكثير من الخلافات حول مدى دقة التعريفات المستخدمة كتلك المتعلقة بالسؤال القائل هل رعايا الدول العربية المقيمين في الخليج يندرجون ضمن مفهوم الوجود الأجنبي؟
من المعروف أن الخليج يمثل منطقة عربية القوام الديمغرافي والإرث الثقافي والاجتماعي إضافةً إلى أنه تعتبر من مناطق المصدر في الإرث العروبي، وفي كل البلدان العربية نوجد المزيد من الامتدادات القبلية والعشائرية التي تعود جذورها إلى الخليج.
من الصعب نظرياً وعملياً الفصل بين عربي وعربي على أساس الانتماء الثقافي وفقط تقوم عملية الفصل والتمييز الحالية على أساس اعتبارات الهوية الوطنية لجهة الارتباط بالكيانات السياسية التي نشأت في المنطقة العربية في فترة مت بعد الحرب العالمية الثانية.
* ماذا وراء الموقف الجديد: الأبعاد غير المعلنة:
تشير التسريبات والمعلومات إلى أن ارتباط الحكومات الخليجية المتزايد بالولايات المتحدة وحلفائها قد دفع هذه الحكومات إلى تقديم المزيد من التنازلات لأمريكا وهي تنازلات لم تنحصر في مجال الإمدادات النفطية والمالية إنما أيضاً في السياسات الخليجية السكانية.
يؤكد المنظور الأمريكي – الغربي على ضرورة إفراغ الخليج من الوجود العربي غير الخليجي بما يؤدي إلى:
• إضعاف الروابط الاجتماعية بين العرب الخليجيين والبلدان العربية الأخرى.
• إعادة تصدير المهاجرين العرب الذين حصلوا على الجنسيات الأمريكية والغربي إلى الخليج لملء الفراغ الذي يترتب على عمليات إبعاد وترحيل رعايا الدول العربية. وتشير التحليلات إلى أن هذه العمليات ستتم بشكل تدريجي وغير معلن وفقاً لترتيبات تقليل معدلات العمالة العربية الوافدة إلى الخليج وزيادة معدلات العمالة العربية التي سيتم ترحيلها من الخليج.
تقول التسريبات الواردة بأن الحكومات الخليجية أقرت تقديم التسهيلات غير المسبوقة للقوات الأمريكية بما يتيح لها استخدام مساحات كبيرة من الأراضي للأغراض العسكرية، ومن أبرز الشواهد على ذلك أن القوات الأمريكية تستخدم حوالي 60% من أراضي الكويت وبالتالي فإن المبادرة الكويتية الهادفة لترحيل 800 ألف من المقيمين فيها ستشمل كل الجنسيات ولكنها ستتركز على أفراد الجاليات العربية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...