تضارب معلومات في باريس حول صفقة لتسوية أزمة دارفور
كشفت صحيفة "لوموند" أمس، أن فرنسا مدعومة من بريطانيا منشغلة بإعطاء الأولوية للسلام في إقليم دارفور غرب السودان، على محاكمة الرئيس السوداني عمر البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن الدبلوماسية الفرنسية طرحت على الخرطوم مقايضة على أساس وقف القتال، والتفاوض مع المتمردين، وتطبيع العلاقات مع تشاد، والتعاون مع الأمم المتحدة من اجل نشر القوات المختلطة في دارفور، ومحاكمة وزير حقوق الإنسان احمد هارون ورئيس ميليشيات الجنجويد علي قشيب، اللذين سبق للمحكمة الجنائية أن تقدمت بمذكرتي إيقاف دوليتين بحقهما، لكن الخرطوم رفضت الأمر كليا، في حين نفت وزارة الخارجية الفرنسية وجود صفقة من هذا النوع.
وقالت "لوموند" إنه من المفترض أن يقول القضاة كلمتهم في هذا الصدد خلال الأسابيع المقبلة، إلا انه من حق مجلس الأمن أن يتخذ قرارا، وفق المادة 16من قانون المحكمة الجنائية الدولية، تعلق بموجبه الملاحقات ضد البشير لمدة سنة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية فرنسية أن جنوب إفريقيا تنوي التقدم بمشروع قرار للمجلس، لكنه لن يكون له أي حظ من النجاح، من دون مساندة باريس ولندن، وأشارت إلى أن الدبلوماسية الفرنسية تبدو وكأنها قامت بانعطافة بعد أن تبين لها أن الوضع وصل إلى طريق مسدود، ولذا قامت باريس في مطلع الشهر الحالي بإيفاد المستشار الدبلوماسي ل"الإليزيه" المتخصص في الشؤون الأفريقية برونو جوبيرت إلى الخرطوم، حيث تباحث مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه.
وعززت "لوموند" معلوماتها بحديث مع السفير السوداني في الأمم المتحدة عبد الحليم محمد، الذي قال "نعم لنشر قوات الأمم المتحدة من دون حدود، نعم للمساعدة الإنسانية، نعم لعملية السلام، ولكن لن يكون هناك أي اتفاق بصدد تسليم مواطنينا، هذا خطنا الأحمر"، وكشف السفير أن وفدا سودانيا قد يتوجه إلى باريس قريبا من اجل استكمال المفاوضات، وأشار إلى احتمال عقد اجتماع بين نائب الرئيس السوداني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الثاني والعشرين من الشهر الحالي.
وقالت الصحيفة إن "الإليزيه" أثنى مؤخرا على محاولات قطر لتسوية أزمة دارفور، وكشفت أن ساركوزي أثار أمر المادة 16 في لقاء القمة الذي جمعه في دمشق، مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ونوهت "لوموند" كذلك بمساعٍ ليبية للمساعدة في نفس الاتجاه.
وقالت مصادر دبلوماسية في باريس أن الدوحة تلعب دورا أساسيا في دفع هذه القضية، وتعمل في عدة اتجاهات من اجل ضمان نجاح مساعيها، ومن ذلك أن هناك عدة لقاءات عقدت في سرية تامة في العاصمة القطرية، حضرتها وفود من الأطراف المعنية، بهدف ترتيب الحوار السوداني.
ونفى الناطق باسم الخارجية الفرنسية اريك شوفالييه تفاوض باريس مع الخرطوم، فيما اعتبرت مصادر في "الاليزيه" انه من الممكن التفكير بالأمر في إطار إحلال السلام في دارفور، وأكدت أن فرنسا تسعى للحل عبر الحوار، وأشارت إلى أن البوادر المطلوبة من حكومة الخرطوم، هي اتخاذ موقف بصدد مذكرتي التوقيف الخاصتين بهارون وقشيب، ويبدو ان هذا هو مربط الفرس، ذلك أن شوفالييه عبر عن عزم فرنسا رفع "الفيتو" في مجلس الأمن ضد أي طلب يجري التقدم به لتعليق المادة ،16 طالما لم تحترم الخرطوم القرارين الخاصين بهارون وقشيب.
بشير البكر
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد