بن يشعاي يكتب عن مصداقية السلام مع الأسد

14-11-2007

بن يشعاي يكتب عن مصداقية السلام مع الأسد

الجمل: كتب الصحفي الإسرائيلي رون بن يشعاي مقالاً نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عنوانه الرئيسي "جيش الدفاع الإسرائيلي يعتقد في الأسد"، أما العنوان الثانوي فقد كان "بوش - أولمرت يمكن أن يختلفا، ولكن الجيش يعتقد بأن سوريا مستعدة من أجل السلام، أما الفلسطينيون فلا".
يقول بن يشعاي:
البرود الحالي في العلاقة بين رئيس الوزراء أيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك هو بالتحديد جزء من جبل الجليد، وهو برود بتغطية عالية إلا أنها كانت أقل أهمية.
الشتائم العلنية المتبادلة بينهما وعدم التوافق حول الجوانب الإجرائية لاجتماعاتهما مع كبار مسؤولي الأمن، تعكس ليس فقط التحضيرات التي يقومان بها لخوض المنافسة القادمة من أجل منصب رئيس الوزراء، فهما أيضاً يؤكدان على عدم التوافق الاستراتيجي والرئيسي العميق حول المسألة المتعلقة بالمسار الذي يجب أن تنتهجه وتركز عليه جهود إسرائيل الدبلوماسية في العام القادم.
أولمرت (مدعوماً بالموساد، ومجلس الأمن القومي، وأيضاً الإدارة الأمريكية) يفضل التركيز على محاولة التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، ورئيس الوزراء يرغب في إخراج المجسات ووضعها على المسار السوري، ولكنه غير راغب في الدخول في علاقات كبيرة وملزمة.
باراك، من الناحية الأخرى، الذي يتمتع بالدعم الثابت من هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي، والمساعدة من جانب جهاز الأمن الداخلي «الشين بيت»، يعتقد بأن جوهر ولب الجهد الدبلوماسي يجب أن يتم توجيهه إلى المسار السوري، أما المسار الفلسطيني فيجب التعامل معه بحذر ويجب وضعه جانباً حتى ينضج على نار هادئة.
استناداً إلى تخمين المؤسسة الأمنية، ففي هذا الوقت توجد فرصة جيدة وحاجة كبيرة من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام ملزمة مع الرئيس بشار الأسد، واستناداً إلى هذا التوجه فإن الأخير سوف يكون قادراً على تقديم الفوائد مقابل الأرض والتنازلات الأخرى التي سوف يتلقاها من إسرائيل ومن الناحية الأخرى، وبالاستناد إلى المخابرات العسكرية وجهاز «الشين بيت»، فإن محمود عباس حتى إذا وقع على الاتفاق، فإنه سوف لن يكون قادراً على أن يقدم لإسرائيل مستوى الأمن الذي تطلبه، وأي تنازلات إسرائيلية رئيسية في الاتفاق الذي يمكن أن يوقع معه سوف تشكل موقفاً ابتدائياً للشروع في جولة المفاوضات القادمة – ومصدراً لضغط دولي أكبر.
يقول مسؤول أمني كبير جداً: "في الذكرى الستين لوجودها، يتوجب على إسرائيل أن تقوم باستحداث حدودها الدائمة بما يتماشى مع الخطاب الرئيسي القائل بأننا نستطيع التوصل إلى التفاهمات وإنهاء الاتفاقيات الملزمة". وأضاف المصدر "بإمكاننا أن نصل إلى هذه الحالة في هذا الوقت مع سوريا، أما مع الفلسطينيين فليس بعد"، واستناداً إلى نفس المصدر فإن اتفاق سلام مع سوريا سوف يؤثر بشكل غير مباشر على المسرح الإسرائيلي – الفلسطيني وذلك لأنه سوف يفصل دمشق عن إيران وحزب الله وحماس.
وقد حذر المصدر الأمني الإسرائيلي قائلاً "إذا لم نحاول على الأقل التوصل إلى اتفاق مع سوريا، فسوف نكون قد ألحقنا الأذى بأنفسنا" وأضاف قائلاً "كلنا نعرف ما الذي تريده سوريا وما الذي وافقت الحكومات الإسرائيلية على تقديمه من قبل، ومن الواضح بالنسبة لي أننا إذا قمنا بحرب ثانية اليوم فسوف نكسبها، لكن هذه الحرب ستسبب دماراً مفزعاً وضحايا من كلا الجانبين، وعندما تنتهي سوف نجلس على طاولة المفاوضات مع السوريين ونصل إلى اتفاق، ومن ثم فلماذا ننضم إلى مسيرة الحماقة هذه؟". واستدرك وهو يلمح إلى كتاب بربارة توخمان الشهير، والذي كان من بين جملة كتب أخرى قد تصدى لموضوع الحروب الدموية التي كان يمكن تفاديها، ثم أضاف متسائلاً "لماذا لا نحاول الدخول في المفاوضات في هذه النقطة من أجل التوصل مسبقاً إلى نفس النتيجة التي سوف نصل إليها بعد الحرب؟ وبحسب تقديري اليوم سوريا مستعدة لهذه المحادثات".
* الدروس المستفادة من عملية القصف:
إن هذا التوجه، الذي كما هو واضح يتناقض مع وجهات نظر رئيس الوزراء، هو توجه قد تشكل في جيش الدفاع الإسرائيلي خلال بضعة أشهر، ولكنه وجد دفعة قوية بعد الغارة الجوية على سوريا.
وفي مطلع هذا العام سبق أن خمنت المخابرات العسكرية بأن الرئيس الأسد يعني ما يقول. والسؤال الذي بقي مفتوحاً هو "هل يريد الرئيس السوري محادثات السلام مع إسرائيل من أجل التوصل إلى صفقة سلام ملزمة أم أنه يقصد فقط إلى إشراع المحادثات من أجل المحادثات؟".
الموساد على سبيل المثال أفاد بأن الرئيس بشار مهتم بالحوار من أجل إنهاء حالة العزلة التي تعيشها سوريا بحيث يقوم المجتمع الدولي بتخفيف الضغط عليه حول مسائل مثل تدفق الإرهابيين من سوريا إلى العراق، واغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. لقد قدر الموساد أن الرئيس السوري ليس مستعداً من أجل تحركات السلام الصحيحة مقابل الرغبة الإسرائيلية بالانسحاب من مرتفعات الجولان، بل هو فقط يريد المحادثات. ومع ذلك، فقد توصل المسؤولون في فرع المخابرات التابع للجيش الإسرائيلي مؤخراً إلى استنتاج مفاده أن الرئيس بشار مستعد بل وراغب في تقديم الفوائد، وقد كان هذا نتيجة للمعلومات التي تشير إلى التوجهات الآتية:
1- إن سوريا غير مرتاحة لتحمل الارتباط مع إيران والذي أصبح يظهر نفسه في كل مجالات الحياة بما في ذلك الأمن والاقتصاد.
2- إن الرئيس الأسد يرغب في رؤية التنمية المستمرة والمتواصلة في بلده، وهذا النمو هو الذي يشكل الدافع والباعث الرئيسي للدعم والتأييد الشعبي لنظامه في مواجهة التطرف الإسلامي.
* احتواء غزة، والسلام مع الأسد:
كنتيجة لهذه التخمينات والتقديرات فقد صاغت المؤسسة الأمنية إستراتيجية تقول بـ"الاحتواء في الساحة الفلسطينية والمبادرة الدبلوماسية على المسار السوري".
والتضمين العملي لهذا "الاحتواء" يتمثل في الجهد العسكري المستمر الذي يهدف إلى الحد من (أو القضاء على) الإرهاب الفلسطيني، إلى جانب التحركات الاقتصادية والدبلوماسية الهادفة إلى تعزيز وإنعاش وضعية محمود عباس. وإذا فشلت العقوبات والأنشطة العسكرية في غزة في الحد من عمليات إطلاق صواريخ القسام، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي سيقوم بشن عملية واسعة النطاق في القطاع تهدف إلى تدمير بنية الإرهاب التحتية والسيطرة على الوضع الأمني. مع ذلك، على أية حال، وكشرط للقيام بهذه العملية فقد طالب جيش الدفاع الإسرائيلي بقوات أكبر من أجل استخدامها في عملية طويلة الأمد. وبخلاف ذلك، وتبعاً للتقديرات التي وضعها كبار المسؤولين العسكريين، فإنه سيكون من المستحيل تحقيق إنجاز كبير في هذه المهمة.
يتفهم باراك والمؤسسة الدفاعية أن إسرائيل لا يمكنها تحمل البقاء بعيداً عن مؤتمر أنابوليس، مع ذلك فهم يطالبون بأن تشدد إسرائيل على مبادرة خارطة الطريق في كل المسائل المتعلقة بتفكيك البنيات التحتية للإرهاب الفلسطيني كشرط مسبق لازم لإحراز أي تقدم دبلوماسي. ويطالبون أيضاً بأن التفاهمات التي يتم التوصل إليها في المؤتمر يجب أن تكون عامة وغير ملزمة، فوقت الصفقة مع الفلسطينيين سوف يأتي بعد أن تكون إسرائيل قد حصلت على نظام لائق ومناسب لاعتراض المقذوفات والصواريخ، وبعد أن تصبح "حماسستان" غير موجودة في غزة، وعندما يتمتع محمود عباس بالسيطرة الفاعلة على الأرض.
ولكن، قبل أن يحدث كل ذلك واستناداً إلى نفس المدرسة الفكرية، فإن على إسرائيل أن تشرع في المفاوضات مع السوريين، وفي أول الأمر يجب أن يتم خلسةً وبشكل سري، وعبر الوسطاء (مثل تركيا على سبيل المثال)، ولاحقاً بشكل مفتوح ومعلن. هذا، وبعد قمة أنابوليس يقول أولئك المؤيدون للمحادثات مع سوريا، قد يكون مفيداً وجديراً بالاهتمام عقد قمة دولية خاصة تكون مكرسة لهذا المسار، وسوف يقدم هذا إطار العمل الدولي والمشروعية العربية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام محتمل بين أورشليم ودمشق. واستناداً إلى تقارير الإعلام الخارجي فإن الاتصالات الأولية هي بالأساس جارية تحضيراً لعقد هذا المؤتمر في موسكو. وفي الوقت الحالي فإن هذا التوجه يجد كتفاً بارداً غير متحمس من رئيس الوزراء والإدارة الأمريكية.
انتهى مقال الصحفي الإسرائيلي (الذي ترجمناه بقليل جداً من التصرف) رون بن يشعاي الذي سبق أن زار دير الزور السورية، وأعد تقريراً نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية حول الغارة الإسرائيلية الماضية على سوريا.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...