بدء الحرب الإنسانية على سورية لدعم ميليشيات المعارضة وواشنطن تستعيد أغنية الكيماوي
بعد ساعات على انتهاء مؤتمر "جنيف 2"، برزت تطورات تشير الى تحرك غربي - عربي للضغط على دمشق من خلال مسارين: العمل على مشروع قرار لتقديمه إلى مجلس الأمن الدولي حول إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، بالإضافة إلى تهديد واشنطن بمعاقبة سوريا إذا لم تف بتعهدها إزالة ترسانتها الكيميائية بحلول حزيران المقبل.
وبرزت امس مبادرة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ازاء الرياض، حيث قال إنه "لا مصلحة لأي منا من الانقسام الطائفي، ولن يستفيد أحد منا من التشدد في المنطقة. يمكننا العمل معاً من أجل التوصل إلى منطقة آمنة".
ويبدو أن المعارك في حلب تتجه الى التصعيد، وذلك قبل موعد الجولة الجديدة من المفاوضات في جنيف في 10 شباط الحالي. ولم يكد وزير الدفاع، العماد فهد جاسم الفريج، ينهي زيارته الى المدينة التي استمرت 3 أيام بحسب مصادر امنية، حتى اشتعلت جبهات كانت هادئة نسبياً حتى فترة قريبة، وتصاعدت الغارات الجوية، على مناطق يسيطر عليها المسلحون، وأدت خلال اليومين الماضيين الى مقتل 121 شخصاً.
وعلى المقلب الآخر، شهدت الحرب المندلعة بين تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) والفصائل التي تقاتله ارتفاعاً في حدة الاشتباكات بينهما، وعودة جديدة للسيارات المفخخة، التي أدت الى مقتل 30 مسلحاً من "لواء التوحيد"، بينهم القائد العسكري للواء عدنان بكور، في مركز تابع للواء في مدرسة المشاة. كما استطاع "داعش" توسيع سيطرته على مناطق في دير الزور، كانت تسيطر "جبهة النصرة" عليها .
وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن "وجود تقدم في الملف الإنساني"، محذراً من أن "جعل الوضع تحت الإنذار والتهديد بخصوص مواعيد تنفيذ خطة عمل الكيميائي لن يساعد"، فيما رفض ظريف مناقشة الأزمة السورية مع نظيره الأميركي جون كيري خلال لقائهما في ميونيخ.
ولم تفض المحادثات الأولى بين الوفد السوري ووفد "الائتلاف الوطني" المعارض، برعاية المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، إلى أي نتيجة ملموسة، لكن يفترض أن تستأنف في العاشر من شباط الحالي.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال، على متن الطائرة التي أقلته والوفد المرافق من جنيف إلى دمشق، "إذا لم يتخلَّ وفد الائتلاف، المسمى معارضة، عن الأوهام التي حمّلهم إياها داعموهم ومؤيدوهم، فسيصابون بصدمة الواقع لأننا بلد مؤسسات ودستور ولدينا رئيس للجمهورية"، موضحاً أن الوفد ينتظر التوجيهات من اجل تقرير ما إذا كان سيشارك في المفاوضات في 10 شباط الحالي.
وأشار المعلم إلى أن الوفد السوري رفض طلباً أميركياً للتفاوض "مباشرة" ما لم يعتذر كيري عن خطابه في افتتاح المؤتمر في مدينة مونترو السويسرية، لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بيساكي نفت هذا الأمر، موضحة أن الولايات المتحدة اقترحت على السوريين إجراء اتصالات "على مستوى المعاونين تحت إشراف مشترك للإبراهيمي والأمم المتحدة، لأننا نسعى جاهدين لوضع حد لمعاناة الشعب السوري كما نفعل ذلك منذ بدء النزاع".
وقال ديبلوماسيون غربيون، أمس، إنه يجري حالياً إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن للمطالبة بإمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في حمص ومدن أخرى.
وفي الأمم المتحدة قامت دول عربية من جهة واستراليا ولوكسمبورغ من جهة أخرى بصياغة مشروعي قرار، يمكن أن يُجمعا في نص واحد، لطرحه على مجلس الأمن. وأوضح الديبلوماسيون انه لن يتخذ أي قرار قبل عقد اجتماع حول الأزمة الإنسانية في روما اليوم، مشيرين إلى ضرورة التريث لرؤية ما إذا كان بإمكان موسكو أن تقنع السلطات السورية بفتح حمص أمام القوافل الإنسانية. وقال ديبلوماسي إن "روسيا ليس لديها أي رغبة في تعطيل أي قرار إنساني".
إلى ذلك، يشكل برنامج تدمير الأسلحة الكيميائية وسيلة ضغط أخرى على السلطات السورية، التي تعهدت بإزالة كل ترسانتها بحلول نهاية حزيران المقبل، تحت طائلة العقوبات، أو حتى اللجوء إلى القوة كما قال كيري في ميونيخ.
لكن الديبلوماسيين الغربيين يرون أن الاحتمال ضئيل جداً أن توافق روسيا على فرض عقوبات على دمشق. ورأى ديبلوماسي أن "الأسد يدير هذا الملف بشكل متواز مع عملية جنيف 2، وهو يستعمل أسلحته الكيميائية للتذكير بأن لديه قدرة على الأذى في حال السعي إلى الضغط عليه في جنيف".
ودعا ظريف، في كلمة في مؤتمر الأمن في ميونيخ قبيل لقائه كيري، إلى "حشد الجهود من أجل وقف إراقة الدماء في سوريا، ثم نتحدث حول حل سياسي، خاصة عندما يريد الناس من الخارج أن يفرضوا شروطهم المسبقة على الشعب السوري من أجل الحل. هذا لن يحل المشكلة".
وحول العلاقات بين طهران والرياض، أعلن ظريف استعداده لإجراء مباحثات مع المسؤولين السعوديين في أي وقت. وقال "لا مصلحة لأي منا من الانقسام الطائفي، ولن يستفيد احد منا من التشدد في المنطقة. يمكننا العمل معاً من أجل التوصل إلى منطقة آمنة. لا حاجة للتنافس".
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية إن كيري عبّر لظريف عن بواعث قلقه من التأخير في نقل "الكيميائي" إلى ميناء اللاذقية وأيضاً قلقه من الأوضاع الإنسانية على الأرض، خاصة في المناطق المحاصرة. وأضاف إن كيري حث إيران على القيام بدور إيجابي لإنهاء الصراع، لكن ظريف أوضح انه ليس مفوضاً للتحدث بشأن سوريا.
وكان ظريف اعتبر، في مقابلة مع وكالة "رويترز" أمس الأول، أن المفاوضات في جنيف لم تكن ستحقق "بالضرورة" مزيداً من التقدم حتى لو شاركت إيران فيها. وقال "لا أعتقد أن التفاوض بناءً على أوهام قوة المعارضة الموجودة في جنيف، التي لا تكاد تسيطر على أي ارض داخل سوريا وربما حتى ليست محل ترحيب في الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة داخل سوريا، يساعد على تحقيق حل سلمي لهذا الصراع المأساوي جداً".
وكان لافروف قال، أمام مؤتمر ميونيخ أمس الأول، "لا يمكن لروسيا وحدها حل الأزمة السورية، ولا بد من الضغط على طرفي النزاع"، مكرراً مطالبته "توسيع وفد المعارضة في جنيف 2".
وأعلن أن الوضع الإنساني في سوريا "فظيع، لكن علينا أن نكون واقعيين. يمكنني التأكيد أننا نضغط يومياً على الحكومة السورية. إنه وضع صعب للغاية، ومحاولة إقناع الحكومة، التي تخوض حرباً، على تقديم بعض المبادرات أمر صعب جداً"، لكنه أشار إلى "وجود تقدم في الملف الإنساني، فمخيم اليرموك الفلسطيني تم فك حصاره أخيراً ويتم إيصال المساعدات إلى هناك رغم محاولات بعض المسلحين الإعاقة".
وأضاف "لا داعي لجعل الوضع تحت الإنذار والتهديد بخصوص مواعيد تنفيذ خطة عمل الكيميائي هل هذا سيساعد؟ طبعاً لا". وأعلن أن "روسيا تعتبر القرارات التي تم التوصل إليها في مسألة تدمير السلاح الكيميائي السوري، وعقد مؤتمر جنيف 2، وأيضاً في ما يخص الملف النووي الإيراني، جاءت نتيجة العمل الجماعي".
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد