السوريون يبددون وقت فراغهم بالتدخين ومشاهدة التلفزيون
لا أعرف ماذا أفعل, إنني أشعر بالملل . عبارات يرددها الكثير من شبابنا وبأعمارهم المختلفة, فأوقات الفراغ التي من حقهم أن يقضوها بالمتعة والفائدة لتنمية ذواتهم وإعادة تطويرها لا يمتلكون خبرات صحيحة للاستفادة منها بغالبيتهم, ما يدفعنا إلى فتح هذه القضية والحديث عنها, لا بل اعتبارها أولوية من قبل الأسرة والمجتمع بمؤسساته التي يقع عليها تأمين التسهيلات اللازمة لاستثمار الفراغ بالشكل الصحيح كما يؤكد الاختصاصيون التربويون والاجتماعيون على أن عدم استثمار الفراغ بالشكل الصحيح يوازي الهدر في أوقات العمل.
ويبدي الاختصاصيون تخوفهم من سيطرة الإعلام الذي يساهم في تربية الشباب أكثر من الأسرة إذ يؤثر في عقولهم وأجسادهم, وتشير الدراسات المسحية في هذا السياق إلى أن نسبة مرتفعة من الشباب تصل إلى 66% يقضون أكثر أوقات الفراغ في مشاهدة التلفزيون يليها زيارة الأقارب والأصدقاء بالمرتبة الثانية والمطالعة بالمرتبة الرابعة والدراسة بالمرتبة الخامسة, التنزه والمشي في المرتبة السادسة, ممارسة الرياضة في السابعة كما وتشير دراسات أخرى إلى تأثير الفراغ في خلق سلوكيات سلبية عديدة عند الشباب.
كما أظهرت أخيرا دراسة علمية سورية وهي أن ظاهرة التدخين تتعلق بحالة الملل فهي مظهر من مظاهر عدم توجيه الشباب إلى استثمار وقت الفراغ بالشكل المطلوب وقد بينت الدراسة أن سبب التدخين عند 38% من الطلاب المدخنين 47% من الطالبات المدخنات سببها الملل يقول مازن حمزة عن تجربته الذاتية: ليس عندي وقت فراغ كي استغله رغم أهميته وأبحث عن وقت أمارس فيه الشيء الذي أحبه من مطالعة ولقاءات وزيارات, أحب القراءة وتصفح الانترنت (الجزيرة نت) فمن الضروري تواجد وقت فراغ أجدد فيه نشاطي لكن بحكم عملي لدوامين يصعب علي الأمر كما أن هناك صعوبات كثيرة تحول دون استثمارنا لوقت الفراغ.
عن استثمار وقت الفراغ تحدث الأستاذ هيثم أمين مدير معهد شبيبة الأسد للموسيقا فقال: نحن نطرح شعار (الموسيقا للجميع) إذ يفتح المعهد أبوابه أمام الشباب ويسمح لهم بهذا العمر الصعب أن يشغلوا أوقاتهم عبر الدورات الموسيقية التي تعلمهم موسيقا راقية تشعرهم بقيمة أوقاتهم وقيمة العمل ذاك بما يعود عليهم ثقة وطموحا في حياتهم العادية, فمن المعروف عن الإبداع بأشكاله وتاريخه أنه ارتبط عبر توظيف أوقات الفراغ بالشكل السليم والمنطقي وله أكثر من شكل إيجابي كما تتبلور النتيجة على شخصية الشاب روحيا وجسديا ولا يستهان بتأثير الملل على حياة الشاب الذي يلجأ بدوره إلى عادات سيئة وتصرفات غير سوية فمن الممكن اطلاعه على أفلام ليست من مستواه ليتعرف مع رفاقه بشكل جمعي كل ما يخالف القوانين والعادات الضارة وله على الصعيد الفردي والاجتماعي وليبحث بوسيلة ما عن إثبات ذاته وعلى الأهل أن ينتبهوا لهذا الأمر وان كان المعهد تجربة متميزة ونرى الأهالي يلجؤون إليه لتعليم أبنائهم لكن لا بد من الاعتراف بالافتقار الواضح إلى الوسائل الأخرى كالملاعب والحدائق والمسابح اللازمة لاستيعاب شبابنا واستقبالهم لممارسة أنشطة في وقت الفراغ وهي معوقات من الضروري تجاوزها.
لا شك بأن البنى التحتية تمهد الطريق لأنشطة إيجابية فيها الفائدة الصحية والنفسية وتحديدا في العمر الشبابي أكثر من غيره.
كما أكد الدكتور مازن جوهر فقال: يساهم استثمار وقت الفراغ في صقل شخصية الشباب عبر الأنشطة الإيجابية كالرياضة مثلا من الناحية البدنية كما الفكرية إذ يحميهم من الشعور بالملل كما يجنبهم الوقوع في الانحراف إلى السلوك غير السوي حيث لا بد من حاجة الشباب إلى أنشطة تترجم الطاقات البدنية بشكل صحيح وصحي, وأي فكرة يتبناها الإنسان في وقت مبكر تصبح أكثر يسرا وبالتالي الاهتمام بالوقت أمر في غاية الأهمية ويتوجب العناية اعلاميا عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية والصحف والندوات وغيرها لترسيخ ثقافة الفراغ والذي يحتاج إلى تعاون بين مختلف مؤسسات المجتمع لارتباطه المباشر بتكوين شخصية شبابية متكاملة صحيا ومن خلال البناء النفسي والصحي والثقافي السليم وتنمية المواهب والهوايات المختلفة من المطالعة وحتى الرياضة والسياحة والرحلات ومن الضروري بمكان تضمين المناهج التعليمية ثقافة ملء الفراغ واستغلال الوقت الضائع خصوصا في ضوء ما نلحظه من انخفاض درجة إقبال الشباب على ممارسة الأنشطة الجسدية كما الذهنية.
آنا عزيز خضر
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد