التوازن الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط
الجمل:المفهوم الجيو- سياسي التقليدي لمنطقة شرق المتوسط، يقول: إنها تمثل المنطقة التي تضم سوريا، فلسطين، لبنان، والأردن.. ولكن على خلفية تفكك نظام القطبية الثنائية، ونتائج حرب الخليج الأولى التي انتهت بتحرير الكويت، والثانية التي انتهت بغزو العراق، أدت المتغيرات الجيوستراتيجية إلى اكتساب مفهوم منطقة شرق المتوسط بعداً جديداً، جعل الاصطلاح الجيوسياسي الخاص بالمنطقة يكتسب بعداً حيوياً جديداً، بحيث أدى توسع المصالح إلى توسع الرقعة الجغرافية الخاصة بالمنطقة.
• البعد الهيكلي البنائي: أصبحت منطقة شرق المتوسط تضم سوريا، فلسطين، لبنان، الأردن، وأيضاً العراق، تركيا، إيران، السعودية، وبلدان الخليج.
• البعد القيمي: كانت العلاقات الداخلية بين بلدان شرق المتوسط الأربعة التقليدية، تقوم على التعاون المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والخارجية، ولكن بظهور الدور الأمريكي، وتزايد عدد الوحدات الدولية للمنطقة، إضافة إلى التداعيات السالبة التي أفرزتها تجربة وخبرة اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع مصر والأردن، (إضافة إلى علاقات إسرائيل غير المعلنة مع السعودية، وقطر.. وربما غيرها)، وهي تداعيات أدت إلى نشوء شبكة مريبة من الارتباطات والدخول في الارتباطات الخارجية مع أمريكا وإسرائيل على السواء، بالشكل الذي أدى بالمقابل إلى إفراز نسق قيمي شديد التعقيد والتنافر في كل ما يتعلق بإدراك المصالح الوطنية من جهة، ومن جهة الأخرى عدم الاهتمام بإدراك مدى التأثير السلبي الذي ينتج عن ذلك في مجال المصالح القومية.
• البعد التفاعلي: أصبحت أمريكا وإسرائيل تستغل حالة التضارب بين المصالح الوطنية والمصالح القومية، والتي أصحبت سائدة بين الدول العربية الموجودة في شرق المتوسط، فالأردن مثلاً بررت توجهاتها على أساس اعتبارات المصلحة الوطنية، والتي ضاقت دائرتها الآن، وأصبح النظام الأردني يتعامل مع أمريكا وإسرائيل على أساس مصلحة بقاء الأسرة المالكة في الحكم.. والشيء نفسه حدث بالنسبة للسعودية مع أمريكا.
وبالنتيجة يمكن القول: إن التوازن الاستراتيجي في منطقة شرق المتوسط –بالمفهوم الجديد- لن يكون توازناً قائماً على محصلة قوى الدولة التقليدية المعروفة: قوة اقتصادية، عسكرية، سياسية، اجتماعية، وتكنولوجية.. بل سوف يكون الدور الأكثر أهمية فيه لعاملين هما:
- العامل الخارجي: والذي سوف يركز على القوة الغاشمة الأمريكية والإسرائيلية.
- العامل الشعبي: والذي سوف يركز على تماسك الإرادة الوطنية والقومية العربية لشعوب المنطقة.
وقد أثبتت تجربة حرب الصيف بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، أن التوازن الاستراتيجي سوف يكون في نهاية الأمر في صالح العامل الشعبي.. ومن ثم يمكن القول بأنه كلما تزايدت القوة الغاشمة الأجنبية في المنطقة، تزايدت قوة العامل الشعبي، الأمر الذي سوف يؤدي إلى هز الكثير من العروش المتحالفة حالياً مع القوة الغاشمة الأمريكية- الإسرائيلية
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد