ازدهار التهريب وارتفاع في الأسعار والحكومة تعلن عجزها

20-11-2007

ازدهار التهريب وارتفاع في الأسعار والحكومة تعلن عجزها

«الاقتصاد» بكل اجراءاتها التي اتخذتها مؤخراً لضبط الاسواق ومنع التلاعب بالسلع والمنتجات الاكثر حاجة للمواطن والتي تهم حياته اليومية..

تبدو عاجزة تماما عن ضبطها ووضع الحدود والخطوط الحمر امام العابثين والمستفيدين من عملية عدم الاستقرار في السوق وانفلات الاسعار الى حدود ليست معقولة.. بل تعدت في انفلاتها حدود المقدرة الشرائية للمواطن. ‏

بدليل اسعار السلع الغذائية والمنتجات التي زادت بارتفاعاتها سقف 200% والسوق خير دليل لاسعار الزيوت والسمون واللحوم ومشتقات الحليب ومن يريد التأكد من ذلك عليه سبر اسواق دمشق وريفها ليحصل على النتيجة ذاتها. ‏

مسؤولو الوزارة (اي الاقتصاد) يرون فيما ذكر حالة طبيعية باعتبار ان الاسواق المحلية يرتبط استقرارها باستقرار الاسواق العالمية لان العديد من السلع والمنتجات المتوفرة في الاسواق المحلية مصدرها من الاسواق الخارجية وبالتالي هنا عملية الارتباط حتمية بلا شك. ‏

ولكن لا يخلو الامر حسب اقوالهم من ضعاف النفوس من التجار الذين يرون في حالات تذبذب الاسواق وعدم الاستقرار حالات طبيعية لممارسة اعمالهم المشبوهة بقصد الكسب الغير مشروع وعلى حساب المواطن والوطن على السواء.. وهذه حالات تتكرر باستمرار ولا يمكن بترها نهائياً لان هؤلاء يراقبون الاسواق محلياً وخارجياً مراقبة شديدة لاستغلال ازماتها ولا يمكنهم العمل الا من ضمنها وهذه مسألة في غاية الخطورة على الاقتصاد الوطني اولاًوحاجة المواطن اليومية ثانياً. ‏

وذلك على الرغم من قرارات السماح للمستوردين باستيراد المواد والسلع التي اصدرتها الوزارة خلال العام الحالي لفتح الباب واسعاً امام التجارة الخارجية لتنشيطها باتجاه تأمين حاجة السوق من الموارد والسلع التي تحقق الاستقرار السعري والجودة المطلوبة. ‏

وبالتالي فان قمع هذه الطبقة من التجار وضعاف النفوس يحتاج لاجراءات اكثر من صارمة تنهي تطاولهم على الاساسيات والحاجات اليومية للوطن والمواطن ومنعهم من تحريك ادواتهم في السوق لخلق حالة من عدم الاستقرار والاستفادة من ذلك لزيادة ثرواتهم واستغلالهم للازمات والتي تبدو في معظم حالاتها ازمات مفتعلة يقف خلفها عابثون بالاقتصاد الوطني. ‏

ويرى السيد محمود المبيض مدير التجارة الداخلية بمدينة دمشق ان هناك الكثير من الاسباب الداخلية والخارجية التي ادت الى ارتفاع الاسعار وفقدان السيطرة عليها لا سيما في اسعار الحليب الطازج ومشتقاته نتيجة التوسع الكبير في معامل الانتاج لمشتقات الحليب والتي يزيد عددها على48 منشأة لتصنيع مشتقات الحليب ناهيك عن المنشآت المخالفة والمتوضعة في الاحياء الشعبية بعيدة عن الرقابة وتحقيق ادنى شروط التصنيع السلامة البيئية والصحية.. الامر الذي شكل زيادة كبيرة في الطلب على المادة الاولية دون التوسع في قاعدة الانتاج وعدم الالتزام من قبل المنشآت المرخص لها حديثاً بانشاء مباقر خاصة لتلبية الطلب. ‏

وأضاف السيد المبيض انه تم مخاطبة الوزارة بشكل رسمي بذلك مع اقتراح ان يصار الى الزام منشآت تصنيع الاجبان وتعقيم الحليب بانشاء مباقر خاصة بهم وقيام وزارة الزراعة مع غرف الصناعة بالسماح باستيراد الابقار لهذه المنشآت. بالاضافة الى دعوة مؤسسة الاعلاف لتأمين الاعلاف للسوق المحلية. ‏

مع الاشارة الى ان شركات القطاع العام التابعة لوزارة الصناعة «البان دمشق وحلب وحمص» قد اعتمدت اسعاراً موازية لاسعار منشآت القطاع الخاص والمشترك وهي اسعار مرتفعة ويمكن ان تحقق وزارة الصناعة تدخلاً ايجابياً واضحاً وملموساً عن طريق الطلب الى شركاتها ومنشآتها ضرورة التدخل ايجابياً في السوق وتخفيض الاسعار وضرورة مشاركة مندوبين من وزارة الاقتصاد او مديريات التجارة الداخلية في لجان تحديد الاسعار في هذه المنشآت باعتبارهم الاكثر تقديراً ومعرفة باسعار السوق وتحركاتها انخفاضاً وارتفاعاً. وغير ذلك من مقومات التسعير. ‏

بدوره السيد شفيق العزب مدير التجارة الداخلية بريف دمشق قال إن الارتفاعات السعرية للزيوت والسمون النباتية والحيوانية المستوردة تعود في معظمها لعدم استقرارها في بلدها الام والارتفاعات التي طرأت عيها وبالتالي من الطبيعي جداً ان تؤثر على اسعار السلع المستوردة سلباً او ايجاباً وخاصة اسعار السكر التي زادت بنسب متفاوتة واسعار الحليب المجفف والمستورد ايضا بحدود 150% عن العام الماضي الامر الذي انعكس سلباً على اسعار السمن الحيواني وهذا الامر ايضاً ينسحب على الزيوت النباتية باعتبارها تعتمد في مادتها الاولية على دوار الشمس المستورد من الاسواق الخارجية والتي تأثرت بارتفاع الاسعار.. ويمكن التحكم بها عن طريق قيام الجمارك بموافاة الوزارة بالبيانات فور الانتهاء من اجراءات التخليص ليتم تسعيرها اصولا ومراقبة التزام كافة الحلقات بالتقيد بنسب الارباح المعقولة والتي ترضي الجميع بدءاً من المنتج وصولا الى المستهلك مروراً بكافة الحلقات التصنيعية والتجارية شريطة ان ينعكس ذلك على مستويات الدخول المعيشية للمواطنين. ‏

أما فيما يتعلق باستقرار سوق الفروج والبيض فهي مسألة في غاية الأهمية حسب رأي السيدة وفاء الغزي مدير الأسعار بوزارة الاقتصاد باعتبارها تتعلق بطرفيين رئيسيين في معادلة السوق (المنتج والمستهلك الذي تتوجه إليه المادة) الأول يكمن في مدى ندرة المنتج على الاستمرارية في ضخ المزيد من المنتجات لتلبية حاجة الطلب ولكن هذا الأمر في ظل ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الأعلاف لا يمكن التكهن بحالة القدرة واستقرار المنتج في السوق المحلية لأن أعلاف الدواجن تشهد ارتفاعات باستمرار تنعكس بدورها على زيادة التكلفة الإنتاجية بالإضافة إلى خروج المئات من المربين والمنتجين من سوق الإنتاج الأمر الذي يخلق حالة من هستريا السوق وأسعارها الجنونية.. وهنا يمكن أن يكون للجهات الحكومية تدخل تستطيع أن تقول عنه ايجابياً يكمن هذا التدخل بالتأكيد لا بل قيام الجمارك فعلياً بموافاة مديرية تجارة الداخلية بالبيانات الجمركية الحقيقية لتتمكن هذه المديريات من الوقوف على حقيقة الأسعار ومراقبتها من خلال تسعيرها ومراقبة تداول الفواتير والتقيد بنسب الأرباح علماً أن الجهات المعنية لاسيما الجمارك والزراعة تتوقف باستمرار عن تقديم هذه البيانات.. ويمكن تعويض ذلك أو معالجته بحصر استيراد المادة العلفية بمؤسسة الأعلاف مع التزامها الكامل بتغطية حاجة السوق الفعلية من هذه المادة وبكميات كبيرة من شأنها تحقيق الاستقرار الفعلي بالسوق لا الاستقرار الشكلي أو «الهش» الذي يذهب مع أول هزة في السوق.. وهذا الأمر ينسحب إلى أمور أخرى يجب ألا تغيب عن ذهن القائمين على حماية السوق واستقرارها هي عمليات التصدير وفتح المنافذ الحدودية على مصراعيها أمام المصدرين لتصدير السلع الغذائية لاسيما المادة المذكورة والسوق بحاجة إليها وذلك باتخاذ قرارات حاسمة تجاه المصدرين والمهربين ومن يقف خلفهم من جهة وإلزام المنتجين بمسك سجلات نظامية توضح كمية الفروج المربى وجهة بيعه وهذا الأمر ينسحب أيضاً على المسالخ والمحلات التجارية التي تتعامل بالمادة أصولاً. ‏

وفي النهاية يرى معاون وزير الاقتصاد السيد عبد الخالق العاني أن استقرار السوق يرتكز على عدة قضايا أساسية تعتبر من المسلمات لحالة الاستقرار التي تنشدها وستعمل الوزارة لتحقيقها تكمن في طرح مواد كافية من السلع مع تعدد مصادرها دون الاعتماد على مصدر واحد من أجل خلق نوع من المنافسة في السوق المحلية وذلك من أجل الوصول إلى أسعار معقولة تتناسب مع مستويات الدخل في المجتمع السوري والأهم من ذلك وفق المواصفات المطلوبة. ‏

مع الأخذ بعين الاعتبار ترشيد الاستهلاك وخلق حالة من التوعية لدى المستهلكين واقتناء ما يلزم دون الحاجة إلى اكتناز المواد وتخزينها لفترات طويلة بقصد الخوف من فقدان المادة وعدم توفرها في السوق. ‏

ولكن فوق كل هذا وذاك يرى السيد عبد الخالق العاني أن القضية الأهم تكمن في معالجة «التهريب» ومكافحته والعمل على إيجاد مجموعة تدابير قانونية لقمع هذه الظاهرة ومحاربة المتعاملين بها وهذه مسألة في غاية الأهمية باعتبارها الجرح الذي يستنزف خيرات اقتصادنا الوطني. ‏

وأخيراً نجد أن أصحاب الشأن لدى وزارة الاقتصاد قد وضعوا أيديهم على مكامن الخلل في مسألة السوق والطريقة التي يمكن من خلالها معالجة أزمات السوق السعرية وعدم توفر السلع الأكثر حاجة للمستهلك وخاصة أيام الأعياد والمناسبات التي تكثر فيها الطلب على المواد الغذائية والاستهلاكية الأخرى. ‏

ولكن بكل تأكيد نحن نقول مازالت الوزارة تفتقد للإجراء الصحيح والقرار المسؤول في معالجة قضايا السوق دون النظر إلى المحسوبيات والواسطات التي تتداخل فيما بين أعمال الوزارة وأصحاب الشأن من متنفذين وأصحاب قرار وتجار ومن يلعبون بين هذه الأطراف مجتمعة.. ودون التخلص من هذه الظاهرة لا يمكن ضبط السوق ولو تدخلت المئات من المؤسسات المعنية والتابعة للوزارة كالخزن والاستهلاكية وغيرها من الجهات التي تتكفل باستقرار السوق حسب مهامها وفق قرارات الإحداث.. فهل تفعلها وزارة الاقتصاد..؟ ‏

فالأجوبة مفتوحة على كافة المجالات..!! ‏

سامي عيسى

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...