أوباما ونهاية اللعبة السورية

06-09-2013

أوباما ونهاية اللعبة السورية

الجمل- بيريغرينو بريما- ترجمة: د. مالك سلمان:
 
يمكن أن تكون هذه أغرب قصة تقرؤونها وتعيشون لتشهدونها بأم أعينكم. فهي أشبه برواية من روايات روبرت لادلام. ومن المحتمل أنها أفضل رواية كتبها حتى الآن.
[روبرت لادلام: روائي أمريكي (1927- 2001) كتب 27 رواية في التشويق والإثارة؛ من رواياته الشهيرة التي تم تحويلها إلى أفلام سينمائية سلسلة "بورن" من بطولة مات ديمون]
بدأت القصة في 21 آب/أغسطس حوالي الثالثة صباحاً عندما تدفقت المعلومات بشكل مفاجىء حول هجوم ضخم بالأسلحة الكيماوية في سوريا, وبدأ المرضى بالتدفق إلى المشافي.
علينا أن نعيدَ الشريط قليلاً إلى الوراء. بدأت القصة فعلاً في 20 آب/أغسطس, عندما كان المتمردون قد بدؤوا سلفاً بتحميل أشرطة الفيديو حول الهجوم على "يوتيوب", قبل أن يحدث الهجوم.
كان مصورو الكاميرات وأشرطة الفيديو متواجدين بكثرة, حيث تم تحميل أطنان من أشرطة الفيديو بسرعة كبيرة.
يمكننا العودة إلى الوراء قليلاً.
من الضروري أن نقرأ هذا التقرير الذي كتبه الصحفي المولود في إسرائيل يوسف بودانسكي على موقع "غلوبل ريسيرتش", والذي أشار إليه البارحة أحد أهم الإذاعيين الأمريكيين, راش ليمباو:

في 13- 14 آب/أغسطس, بدأت قوات المعارضة المدعومة من الغرب والمتواجدة في تركيا بالتحضير لهجوم عسكري ضخم وغير نظامي. عقدت اجتماعات أولية بين قادة عسكريين كبار في المعارضة و ممثلين عن الاستخبارات القطرية والتركية والأمريكية في الحامية العسكرية في أنطاكيا/مقاطهة هاتاي, التي تم تحويلها إلى مركز قيادة ومقر قيادي ﻠ "الجيش السوري الحر" ورعاته الأجانب. قام بعض قادة المعارضة رفيعو المستوى جاؤوا من اسطنبول بإعلام القادة الإقليميين حول تصعيد وشيك في القتال نتيجة "تطور من شأنه أن يغيرَ الحرب" ويقودَ بدوره إلى حملة قصف على سوريا بقيادة الولايات المتحدة.
كان على قوات المعارضة تحضير قواتها بسرعة لاستغلال القصف الأمريكي للهجوم على دمشق وإسقاط حكومة بشار الأسد, كما شرح القادة الكبار. وقد أكد مسؤولو الاستخبارات القطريون والأتراك للقادة الإقليميين السوريين أنهم سيتلقون كميات ضخمة من الأسلحة لشن الهجوم القادم.
وفعلاً, بدأ توزيع كميات كبيرة من الأسلحة, وعلى مستوى غير مسبوق, على كافة معسكرات المعارضة في مقاطعة هاتاي في 21- 23 آب/أغسطس 2013. ... وقد تم توزيع الأسلحة من مخازن تسيطر عليها الاستخبارات القطرية والتركية تحت مراقبة دقيقة من الاستخبارات الأمريكية.
...
قال مسؤولون في المعارضة في هاتاي إن شحنات الأسلحة هذه كانت "أضخم" شحنات يتلقونها "منذ بداية الأحداث, قبل أكثر من سنتين". ذهبت الأسلحة التي تم تسليمها في هاتاي إلى كافة قوات المتمردين العاملة في المنطقة الممتدة من إدلب إلى حلب, بما في ذلك الجهاديين المرتبطين بالقاعدة (الذين يشكلون القسمَ الأكبر من قوات المتمردين في المنطقة).
أكد بعض العديد من المسؤولين رفيعي المستوى في المعارضة السورية والدول العربية الراعية لهم أن شحنات الأسلحة هذه تهدف بشكل خاص إلى استغلال القصف القادم لسوريا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وقد عقدت الاجتماعات الأخيرة لتشكيل الاستراتيجية والتنسيق في اسطنبول بحضور السفير الأمريكي روبرت فورد.
والأهم من ذلك كانت اجتماعات التنسيق العسكري والعملياتي التي عقدت في الحامية العسكرية في أنطاكيا. فقد حضر الاجتماعات مسؤولون رفيعون من الاستخبارات التركية والقطرية والأمريكية, بالإضافة إلى قادة (المعارضة) السوريين الكبار. تم إبلاغ السوريين بأن القصف سيبدأ في غضون أيام قليلة.
قال أحد السوريين الذين حضروا الاجتماع: "أخبروا المعارضة بشكل واضح وصريح أنه سيتم اتخاذ إجراءات تهدف إلى ردع نظام الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي خلال فترة لا تتجاوز عدة أيام." وقال مشارك سوري آخر إنه كان على قناعة أن القصف الأمريكي كان مقرراً يوم الخميس, 29 آب/أغسطس 2013. وأكد العديد من المشاركين – السوريين والعرب – أن ضمانات القصف القادم كانت واضحة على الرغم من أن أوباما لم يكن قد اتخذ قراره بشكل رسمي.
إن توصيف هذه الاجتماعات يثير سؤالاً حول مدى معرفة الاستخبارات الأمريكية, وبالتالي حول معرفة البيت الأبيض. فقد أكدت كافة المصادر – السورية والعربية – أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية قد شاركوا بشكل فعال في الاجتماعات والمعلومات المقدمة في تركيا. ولذلك, وعلى أقل تقدير, لا بد أنهم عرفوا أن قادة المعارضة يتوقعون "تطوراً يغير مسار الحرب": أي, حدث دراماتيكي من شأنه أن يحرض على التدخل العسكري الأمريكي.
إن مجرد حقيقة فتح مواقع تخزين الأسلحة المراقبة بإحكام من قبل الاستخبارات الأمريكية وتوزيع أطنان من الأسلحة المتطورة للمعارضة تشير إلى أن الاستخبارات الأمريكية كانت تتوقع مثل هذا العمل الاستفزازي والفرصة المتاحة أمام قوات المعارضة لاستغلال القصف القادم الذي ستقوم به الولايات المتحدة وحلفاؤها. ومن هنا, حتى لو لم يكن البيت الأبيض يعرف مسبقاً بالاستفزاز الكيماوي, فقد كان عليهم أن يستنتجوا, أو يشكوا على الأقل, بأن الهجومَ الكيماوي هو "التطور الذي سيغير مسارَ الحرب" الذي توقع قادة المعارضة أنه سيؤدي إلى القصف الأمريكي. وفي ظل ظروف كهذه, كان على بيت أوباما الأبيض أن يتجنبَ التسرع في اتهام حكومة الأسد والتهديد بالانتقام, مما يجعل البيت الأبيض, على الأقل, متواطئاً بعد العملية.

يأخذنا هذا إلى 13 آب/أغسطس, أو إلى ما قبله.
ففي 8 آب/أغسطس, قيلَ إن حكامَ السعودية حاولوا رشوة و "تهديد" روسيا للتخلي عن سوريا. كانت الرشوة ضخمة جداً. أكثر من 15 مليار دولاراً على شكل صفقات بالإضافة إلى وعدٍ, تحولَ إلى تهديد, بضمان سلامة الألعاب الأولمبية الشتوية في روسيا, بما أنهم – أي السعوديين – "يسيطرون على المتمردين/الإرهابيين الشيشان". رفضت روسيا العرض المقدم لها.
ولكن لكي نفهمَ ما يجري حقاً, علينا أن نعودَ إلى شهر تموز/يوليو.
تحرير مقاتلي القاعدة: تنسيق هرب السجناء في العراق وليبيا وباكستان
في 23 تموز/يوليو, قامت مجموعة تنتمي إلى القاعدة بمهاجمة سجنين عراقيين ونجحت في تحرير أكثر من 500 سجين, من بينهم قادة كبار في المجموعة الإرهابية. تم تنسيق الهجوم بشكل منظم باستخدام الهاون, والانتحاريين, والقنابل الصاروخية, بالتزامن مع أعمال شغب منظمة وإطلاق نار, كما وصفت "سي إن إن" المشهد.
وفي يوم الأحد, 26 تموز/يوليو, وفي سجن محاط بحراسة أمنية مشددة في بنغازي/ليبيا, حدثت عملية هروب مشابهة تماماً لعملية الهروب في العراق. حدثت أعمال شغب داخل السجن, ثم إطلاق نار, إلخ. حيث قام مسلحون بهجوم مفاجىء على السجن وأخذوا يطلقون النار. هرب حوالي 1,200 من أخطر السجناء في ليبيا.
وفي منتصف الليل, في 29- 30 تموز/يوليو, قام مسلحون من طالبان مزودون بقاذفات صواريخ وانتحاريين, يرتدون زي الشرطة, بمهاجمة أكبر سجن في ديرا اسماعيل خان, في إحدى محافظات باكستان الشمالية, وتحرير أكثر من 300 سجيناً. تم تنسيق كل ذلك بشكل دقيق, باستخدام القذائف الصاروخية وتحرير القادة المتطرفين – بعض أكبر مجرمي وقتلة حركة طالبان. فقد استخدموا مكبرات الصوت لإعلان أسماء الرجال الذين يريدونهم. وتبعاً لأحد المسؤولين ("رويترز"), 70 من بين 200 حارساً فقط كانوا مناوبينَ في تلك الليلة الرهيبة, مما يشير إلى تورط جهات أمنية حكومية رفيعة في العملية.

"فيالق القاعدة الآتية من الجحيم"
إذاً, تم تحرير أكبر قادة القاعدة في عمليات هروب منسقة من السجون في ليبيا, وباكستان, والعراق. ونتذكر أنه مع تحرير هؤلاء القتلة, وصلت الأمور إلى درجة الغليان بحيث قامت الولايات المتحدة مؤقتاً بإغلاق سفاراتها في الشرق الأوسط. وقد أشار "الإنتربول" إلى وجود علاقة بين عمليات الهروب المتزامنة هذه.
إن تاريخَ تدفق المقاتلين الجهاديين ومقاتلي القاعدة من كافة أنحاء العالم إلى سوريا ليس بحاجة إلى توضيح أكبر. فالآن لدينا أكثر من ألف إرهابي طليق تم تهريبهم من السجون. الكلاب طليقة وهي تتحضر – في هذه اللحظة التي تقرؤون فيها هذه الكلمات – لتدمير مدينة دمشق. هذا هو ثمن حريتهم. ومن ثم ...

إنهاء التمرد
تحقق سوريا الانتصارات ضد "الجيش السوري الحر" و "جبهة النصرة" المرتبطة بالقاعدة في الأيام الأخيرة. وقد أعلن بشار الأسد مؤخراً أن الولايات المتحدة تستخدم بلادَه لإرسال الإرهابيين المكروهين إلى موتهم؛ وأشار إلى أنه من دون الغزو الأجنبي الكامل, لم يكن بمقدور المتمردين أن يحققوا أية نجاحات أبداً. وبمساعدة "حزب الله", ودحر الجيش السوري للمتمردين في القصير "أم المعارك", واستعادة مدينة القنيطرة الحدودية, والسيطرة على مناطق هامة في حلب, كانت سوريا على وشك إنهاء التمرد المسلح. كانت أوقاتاً يائسة, وكان يجب فعل شيء ما. وتبعاً لصحيفة "تلغراف", كانت وزارة المصالحة التابعة للحكومة السورية تستقبل المئات من المقاتلين المتمردين "المغرر بهم" العائدين إلى حضن الدولة والوطن.
وقد أدى اليأس بالمتمردين السوريين إلى القيام بأعمال وحشية مثل أكل لحوم البشر ونشر الرعب, عبر إطلاق القذائف الصاروخية على القرى المدنية وأكل أعضاء البشر أمام الكاميرات.
مع سقوط أقنعتهم وتكشف شخصيتهم, قاموا باختطاف العاملين في الأمم المتحدة, وقتل وذبح الأطفال ورجال الدين المسيحيين. كما قاموا بتهديد الغرب الذي حملوه مسؤولية فشلهم. ولتعقيد الأحداث بشكل أكبر, فإن الرئيس المصري مرسي – الذي كان قد حضر اجتماعاً للمتطرفين تم فيه تحريض المصريين على دعم القوات المناوئة للحكومة السورية – واجه مشاكله الخاصة التي انتهت بالإطاحة به عن طريق انقلاب عسكري. كما واجهت الأمة التركية, وهي داعم قوي واستراتيجي للحرب, مشاكلَ سياسية خاصة بها, مما أدى إلى تقليص قدرة إيردوغان على الاستمرار في التورط العميق في الأزمة السورية.
مرة أخرى, كان يجب فعل شيء ما, وبسرعة. قتل 100,000 سوري في الحرب حتى الآن, وفرَ أكثر من 2 مليون سوري من البلد. وإذا استمرت الأمور على هذا النحو فإن هذه الحرب, التي دخلت عامها الثالث, يمكن أن تستمر لعشر سنوات أخرى. كما أن تأثيرها على البلدان المجاورة أصبح أكبر من أن يحتمَل. فقد شهدت العراق أكثر من 30- 70 تفجيراً وعمليات قتل إرهابية في كل يوم من الشهرين الأخيرين نتيجة تهريب الأسلحة والمقاتلين "السيئين" الذين يتم تجنيدهم وإرسالهم عبر الحدود إلى سوريا.
وأخيراً, ومما يدعم هذه القصة؛ ففي الأخبار البارحة, اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن مهمته لا تقتصر على "ضربة محدودة" لمنع استخدام السلاح الكيماوي, بل هناك خطط قائمة لتسليح ومساعدة المتمردين.
فهل تشمل هذه الخطط مقاتلي القاعدة الألفين الذين تم تجنيدهم بُعَيدَ عمليات الهرب من السجون العراقية والليبية والباكستانية؟



http://www.globalresearch.ca/obamas-syria-endgame-new-al-qaeda-recruits-dispatched-to-syria/5348059

تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 4 أيلول/سبتمبر 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...