أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويدعو لانتخابات برلمانية
أعلن أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الأربعاء، حل مجلس الأمة، ودعا إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في غضون 60 يوماً، معتبراً أن الساحة البرلمانية شهدت "ممارسات مؤسفة شوهت وجه الحرية والديمقراطية الكويتية."
ففي كلمة وجها الشيخ صباح إلى الشعب الكويتي مساء الأربعاء، قال إن "تلك الممارسات قد أفسدت التعاون المأمول بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأشاعت أجواء التوتر والتناحر والفوضى، بما أدى إلى تعثر مسيرة العمل الوطني في البلاد، وامتدت طويلاً، وامتد معها صبر المواطنين بلا جدوى."
جاء قرار أمير الكويت بحل البرلمان، بعد يومين على قبوله استقالة رئيس الحكومة، الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، مساء الاثنين، إلا أنه طلب استمرار الوزراء بتصريف "العاجل من الأمور"، حتى صدور مرسوم بتشكيل الحكومة الجديدة.
وقال الشيخ صباح، في كلمة متلفزة الأربعاء، إن "بعضاً منا قد غرتهم نعم الله فاعتادوها، وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وتناسوا أمن سفينة الوطن الغالي، التي هي حصن الجميع، وراحوا يتبارون في مماحكات وممارسات محمومة - أياً كانت مقاصدهم - تهدد سلامة الوطن واستقراره ووحدة أبنائه، ويعرضون شعباً بأكمله للخطر الذي ليس وراءه خطر."
وأضاف: "أقول ذلك بكل الحزن والأسف، بعد أن تجاوزت هذه الممارسات كل الحدود، وأضحت سبيلاً إلى استفزاز مشاعر الناس وتحريضهم، وسبباً في إذكاء رماد الفتنة البغضاء، لعن الله من يوقظها."
وتابع قائلاً: "لقد تلمست خلال لقاءاتي المتعددة مع المواطنين في مختلف مناطق البلاد، مشاعر القلق والاستياء، والتي باتت تقض مضاجعهم وتؤرقهم، فكلنا يدرك ما آلت اليه الأمور من تداعيات جراء الخلل المتفاقم الذي يشوب العمل البرلماني."
وأضاف في هذا الصدد أنه، أي العمل البرلماني، "انطوى على انتهاك للدستور وللقانون، وتجاوز لحدود السلطات الأخرى، وتدني لغة الحوار على نحو غير مسبوق، وانتهاج سبل التعسف والتشكيك والتصيد والقدح بذمم الناس وأخلاقهم، وممارسة المزايدات والاستعراضات المشبوهة على مختلف المنابر والتجمعات، واستغلال وسائل الإعلام لإثارة الجماهير وشحنهم وشق الصف، تحقيقاً لغايات قصيرة ضيقة على حساب مصلحة الوطن."
وقال موجهاً حديثه لأبناء الشعب الكويتي: "تابعتم وتتابعون طبيعة وظروف وملابسات استخدام الاستجوابات، والتهديد بتقديمها، تحت مختلف الحجج والذرائع، وما انطوى عليه ذلك من خروج عن المقاصد السامية التي استهدفها الدستور، وانصراف عما ينتظره المواطنون من إنجازات حقيقية تلبي حاجاتهم الفعلية ومعالجة قضاياهم المهمة."
كما أقر بوجود "بعض أوجه القصور في أداء الأجهزة الحكومية، بما يستوجب العمل الجاد من أجل الارتقاء بأداء الجهاز الحكومي، والعمل على تسريع إنجاز المشاريع التنموية"، ولكنه أضاف متسائلاً: "ولكن هل يمكن أن يتحقق الانجاز المطلوب في ظل أجواء مشحونة بغيوم الشد والتوتر والتعسف والتشكيك والترهيب؟"
وأوضح أن "ممارسة النائب لحقوقه الدستورية في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية حق لا جدال حوله، بل هي ممارسة رقابية محمودة ما دامت في اطارها الصحيح، بما في ذلك توجيه الاستجوابات.. ولكن كل حق مهما كان نوعه له شروط وضوابط لا يجوز إغفالها أو القفز عنها، ولعل أهمها أن يكون منضبطاً بإطاره القانوني السليم، وملتزماً بروح المسؤولية، ومحققاً لغاية وطنية، وبعيداً عن الكيدية والشخصانية، وإلا صار الحق أشبه بالباطل."
وتساءل قائلاً: "هل يليق أن تتحول قبة البرلمان إلى ساحة للجدل العقيم والخلافات وافتعال الأزمات؟، تعج بها الممارسات الشخصانية وعبارات التشكيك والإهانة بين أبناء المجتمع الواحد."
وأضاف أن "ما آل اليه الوضع من تراجع وترد في الممارسة الديقراطية، وما ترتب على ذلك من تداعيات باتت تمس ركائز ومقومات أمن مجتمعنا واستقراره، يجعلوني أستشعر الخطر كل الخطر، ولاسيما أن مناخاً مضطرباً، بل متفجراً، يضرب الواقع الإقليمي والدولي في شتى صوره الأمنية والسياسية والاقتصادية."
وأشار أمير الكويت إلى أنه صبر طويلاً بأمل إصلاح العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والارتقاء بأدائهما للمستوى المنشود"، وأضاف أنه وجه "رسائل واضحة لأصحاب الشأن آملاً الاستجابة للنصح تجنباً لما أبغض وأكره، وقد فاض الكيل."
كما توجه الشيخ صباح بـ"عتاب كبير" إلى المؤسسات الإعلامية بوسائلها المختلفة، مشيراً إلى أنه تم "استغلال بعضها كمعاول هدم لمجتمعنا ولثوابتنا الوطنية."
ودعا إلى انتخاب مجلس نيابي جديد "ينهض بمسؤولياته الجسام في صيانة أمن الوطن وسيادته، ويتحمل مسؤولية التطوير والتنمية في روح من التعاون الواعي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية"، معتبراً أن ذلك هو "حجر الزاوية في نماء كل وطن وهو مركز الإنطلاق إلى كل هدف."
وتابع قائلاً: "وليعلم الجميع أنني ومن منطلق أمانة المسؤولية الوطنية التي أحملها، وهي أمانة وطن وشعب، لن أتردد في اتخاذ أي خطوة في صيانة أمن الوطن واستقراره والحفاظ على مصالحه، وحماية ثوابته ومكتسباته."
من جانبه، أشاد جاسم محمد الخرافي رئيس مجلس الأمة "المنحل"، بما وصفه "حكمة أمير البلاد في حل الأزمة السياسية التي مرت بها الكويت أخيراً"، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا."
وقال الخرافي إن "لجوء أمير الكويت إلى حل مجلس الأمة وفق المادة 107 من الدستور، قرار ليس بيسير"، مضيفاً أنه (الصباح) اتخذ ذلك القرار "بعد أن رأى بحكمته المعهودة، أن ذلك هو الحل الأمثل لما تمر به الكويت."
وكانت الاستجوابات المقدمة لرئيس الحكومة الكويتية، وخاصة من جانب القوى المحسوبة على التيار الإسلامي، قد تراكمت خلال الأسابيع الماضية، وكان آخرها في التاسع من الشهر الجاري، إذ تقدم النائب محمد هايف المطيري بطلب جديد، هو الثالث من نوعه، خلال شهر.
ويذكر أن الحياة السياسية الكويتية سبق أن شهدت عدة مرات في السابق إعلان حل البرلمان، أو استقالة الحكومة لدى طلب استجواب رئيسها.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي استقالت الحكومة، بعد إثارة طلب استجواب رئيسها بسبب زيارة رجل دين شيعي إيراني إلى الكويت، ليعود أمير البلاد بتكليف الشيخ ناصر المحمد الصباح، لتشكيل الوزارة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي مايو/ أيار الماضي، جرى حل البرلمان، بسبب قضية طلب رفع الحصانة عن نواب شاركوا بتأبين القيادي العسكري بحزب الله اللبناني، عماد مغنية.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد