دمشق تؤكّد التزامها «التام» بخطة أنان وأوروبا وأميركا تفرضان عقوبات جديدة
تسارعت أمس عملية نشر المراقبين الدوليين في سوريا، الذين سيرتفع عددهم إلى 30 مراقبا خلال أيام، كمقدمة لنشر 300 مراقب الأسبوع المقبل، وقام فريق منهم بجولة واسعة شملت دوما والزبداني وأحياء في حمص وحلب، فيما وصف مسؤولون في الأمم المتحدة الوضع في سوريا بأنه يقف «عند منعطف»، لكنهم أعربوا عن الأمل في تغيير دينامية الأزمة بما يؤدي الى عملية سياسية.
في هذا الوقت، أكد وزير الداخلية محمد الشعار أن بلاده ستستعيد أمنها واستقرارها وستخرج «أقوى» من الأزمة التي تتعرض لها منذ أكثر من 14 شهرا، فيما أعلن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد ان الحوار الوطني هو السبيل «الوحيد» للخروج من الأزمة، مكررا التزام بلاده «التام» بخطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان و«التي لم تلتزم بها المجموعات الإرهابية المسلحة والدول الداعمة لها حتى الآن».
وقرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على النظام السوري من خلال حظر صادرات المواد الفاخرة والحد من صادرات المواد التي يمكن أن تستخدم لقمع المتظاهرين. وأعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما أذن بفرض عقوبات على الجهات التي تزود سوريا وإيران بالوسائل التكنولوجية الرامية الى تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد عدد من الوزراء الأوروبيين دعم مهمة أنان. وحذر وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن من انه إذا فشلت خطة انان «فستكون هناك حرب أهلية. إنها الفرصة الوحيدة أمامنا كمجتمع دولي» لإيجاد حل للأزمة في سوريا.
وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قال، ردا على سؤال عما إذا كان متفائلا بنجاح مهمة أنان، «من الصعب أن نكون متفائلين بعد كل ما حدث في الأشهر الـ13 الماضية في سوريا. النظام السوري لا يزال يعجز عن تنفيذ الجوانب الرئيسية لوقف إطلاق النار، الذي من الواضح أنه يجري انتهاكه».
ويفترض أن يرتفع عدد أفراد فريق المراقبين الموجودين حاليا في سوريا إلى 30 خلال أيام. وكان مجلس الأمن الدولي اقر، السبت الماضي القرار 2043، الذي يقضي بنشر 300 مراقب في سوريا.
وأعلن مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة ادواردو دل بوي لوكالة «فرانس برس» ان انتشار المراقبين الدوليين الـ300 سيبدأ الاسبوع المقبل. وقال «القرار اتخذ (و) انتشار بعثة المراقبة سيتم على مراحل» اعتبارا من الأسبوع المقبل. وأوضح ان انتشار هذا الفريق المحدود «ينبغي ان ينجز مع نهاية نيسان والأولوية تعطى للانتشار السريع لسائر المراقبين العسكريين».
وردا على سؤال لفرانس برس، أقر المتحدث باسم المبعوث الدولي احمد فوزي بأن «الظروف تنطوي على أخطار» في سوريا، مضيفا «لكننا نعتقد بأن وجود مراقبي الأمم المتحدة سيبدل الدينامية السياسية على الأرض».
وخلال مناقشة داخل مجلس الأمن حول الشرق الأوسط، اعتبر مساعد الامين العام للأمم المتحدة المكلف الشؤون السياسية لين باسكوا ان الوضع في سوريا يقف «عند منعطف»، وأقر بأن احترام وقف اطلاق النار «لا يزال غير كامل»، مضيفا «عدد كبير من الأرواح أزهق، وانتهاكات حقوق الإنسان ما زالت ترتكب من دون محاسبة احد. إننا نأمل أن يساعد نشر مراقبين في وقف القتل وتعزيز الهدوء، وتهيئة الظروف من عملية سياسية جديرة بالثقة».
ودعا باسكوا السلطات السورية إلى سحب قواتها من المدن والكف عن استخدام السلاح الثقيل. وأوضح ان هدف بعثة المراقبين «ليس تجميد الوضع بل تأمين الظروف» لإطلاق الحوار السياسي بين السلطة والمعارضة الذي نصت عليه خطة كوفي انان، الذي سيتحدث أمام مجلس الأمن اليوم. وسيعرض قائد عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة ايرفيه لادسو بدوره امام المجلس التفاصيل العملانية لانتشار المراقبين ومعداتهم.
واعتبرت المندوبة الأميركية سوزان رايس، التي تترأس بلادها مجلس الامن لهذا الشهر، ان مهمة المراقبين «خطيرة وتنطوي على اخطار استثنائية»، داعية دمشق الى «انتهاز هذه الفرصة لإيجاد حل سياسي للأزمة قبل ان يفوت الأوان. سنراقب أفعاله (النظام) نهارا وليلا».
وأكد نظيرها الفرنسي جيرار آرو ان «الجيش السوري لم يقم سوى بانسحابات شكلية»، مضيفا «لن يسمح المجلس بأي عرقلة لعمل (المراقبين) وبأي تهديد لأمنهم، وعليه في حال كهذه ان يبحث في تدابير رادعة اذا كانت ضرورية».
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن «موافقة مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار اقترحته روسيا لنشر مراقبين دوليين في سوريا تنطوي على أهمية كبيرة لإطلاق عملية التسوية السلمية في سوريا وفقا لخطة أنان». وأضافت «يجب أن يقرر السوريون بأنفسهم مصير سوريا. أما بالنسبة للاعبين الخارجيين فعليهم أن يساعدوا السوريين على بدء الحوار السياسي بهدف إقامة نظام ديموقراطي تعددي».
وقدم وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار، خلال لقائه ضباط ودورات طلاب الضباط في كلية الشهيد باسل الأسد للعلوم الشرطية في دمشق، «عرضا عن مجريات الأحداث التي تمر بها سوريا وأبعاد المؤامرة والحملات التحريضية، التي تقودها جهات خارجية، للنيل من أمن سوريا واستقرارها نتيجة مواقفها الوطنية والقومية ورفضها للإملاءات وسياسة الهيمنة والضغوط ودعمها للمقاومة»، داعيا «الضباط وطلاب الضباط إلى إدراك حجم المهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم في هذه المرحلة، لمواجهة كل التحديات، ومنع أي محاولة للعبث بأمن الوطن والمواطن».
وأشار الشعار إلى «الهجمة الإعلامية الشرسة التي تتعرض لها سوريا عن طريق بعض القنوات الفضائية التي باعت شرفها المهني، لتشارك في سفك الدماء السورية واستمرارها كل يوم في خلق الأكاذيب والفبركات حول الأحداث التي تجري في البلاد بهدف تأزيم الوضع الداخلي والتأثير على المعنويات، وإثارة الرأي العام العالمي ضد سوريا، وذلك بدعم من دول أجنبية وعربية، وباستخدام الجماعات الإرهابية المسلحة التي تمتهن القتل والتخريب خدمة لأجندات خارجية باتت مكشوفة للجميع».
وأكد أن «سوريا ستستعيد حالة الأمن والاستقرار، وتخرج من الأزمة أقوى مما كانت، بفضل وعي شعبها وتمسكه بوحدته الوطنية والتفافه حول قيادة الرئيس بشار الأسد»، مشددا على «الجاهزية الدائمة والعمل الدؤوب لمنع أيادي الإجرام من العبث بأمن الوطن والمواطن».
وأعلن سفير الكويت لدى الجامعة العربية محمد الغنيم أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي وعددا من وزراء الخارجية العرب اجروا «مشاورات هاتفية مع وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية، للتنسيق بشأن القضايا المطروحة» على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الخميس.
وقال العربي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في الجزائر، «هناك حاليا تفاهم دولي للمطالبة بنقطتين: وقف شامل لإطلاق النار وبداية عملية سياسية».
وشدد مدلسي على أن «الحل السياسي لا يمكن ان ينفصل عن الهدف الذي هو اليوم وقف اطلاق النار. لقد لاحظنا منذ بضعة ايام تراجعا للعنف لكن هذا غير كاف. ننتظر ان يحل محل هذا التراجع وقف حقيقي للعنف». وأضاف ان «الجزائر تواصل مواكبة جهود الجامعة العربية لحل الازمة في اسرع وقت ممكن في هذا البلد الواقع في قلب منطقة ذات حساسيات خاصة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد