دمشق تنعي الجامعة العربية والحشود الغاضبة تملأ ساحات المدن السورية
قال مندوب سورية الدائم في الجامعة العربية السفير يوسف أحمد، إن قرار الجامعة تعليق عضوية سورية «غير قانوني ومخالف للميثاق والنظام الداخلي». وقال الأحمد ان قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية «نعيٌ للعمل العربي المشترك وإعلانٌ فاضح بأن إدارته تخضع لأجندات أميركية غربية».
وكان احمد قال في افتتاح اجتماع المجلس الوزاري العربي امس، ان بلاده «ملتزمة» بتنفيذ خطة العمل العربية و «مستمرة في تنفيذ جميع بنود الخطة». وأفادت «سانا» ان احمد استعرض «الخطوات العملية» التي اتخذتها سورية في الايام الماضية، وقال: «في ما يخص إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، بدأت قوات الجيش العربي السوري منذ اليوم التالي لصدور قرار مجلس الجامعة وخطة العمل العربية بالانسحاب من جميع المدن والأحياء السكنية فيها، حيث تم استبدال عناصر الجيش داخل المدن وعلى الحواجز بقوات من حفظ النظام». وزاد أن «السلطات السورية أنهت عملية سحب مختلف المظاهر العسكرية والآليات إلى خارج المدن على رغم استمرار بقايا العناصر والجماعات المسلحة في استخدام سلاح ثقيل ومتطور يتم إلى الآن تهريبه عبر حدود الدول المجاورة لارتكاب أعمال القتل والترويع والتخريب داخل المدن وأطرافها وفي الأحياء السكنية».
وأشار الى أن الحكومة السورية «أصدرت قراراً بإطلاق سراح معتقلين بسبب الأحداث الراهنة شمل 553 معتقلاً وستقوم بالإفراج عن دفعات جديدة بشكل تدريجي وخلال فترة وجيزة. كما أصدرت قراراً بالعفو العام عن كل من يسلم سلاحه ممن لم يرتكب جرماً، ومازال هذا القرار سارياً». وأضافت «سانا» أن احمد حذّر من «التطور الخطير في موقف الولايات المتحدة تجاه الأزمة في سورية وجهود جامعة الدول العربية للتوصل إلى تهدئة الأوضاع على الأرض»، مشيراً الى «إعلان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية صراحةً أن بلادها تنصح المسلحين بعدم تسليم أسلحتهم (...)، وهذا الموقف الأميركي يعكس اعترافاً رسمياً صريحاً من الولايات المتحدة بوجود مسلحين فاعلين وناشطين على الأرض».
ومن الخطوات الاخرى التي ذكرها احمد، «إصدار وزارة الإعلام منذ إعلان خطة العمل العربية العديد من التصريحات لممثلي العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية للدخول إلى سورية وتغطية حقيقة الأوضاع على الأرض، وهم موجودون بشكلٍ فاعل على الأرض الآن»، مؤكداً «استمرار الحكومة السورية بتزويد اللجنة الوزارية العربية والأمانة العامة للجامعة بمعلومات وتقارير عن الأعمال الإرهابية المسلحة، ولا سيما في مدينة حمص وأطرافها».
وبخصوص بعثة جامعة الدول العربية، أشار السفير أحمد إلى المذكرة الرسمية التي وجهتها سورية أول من أمس إلى الأمانة العامة للجامعة، والتي تعرب فيها عن «ترحيبها واستعدادها للتعاون التام مع البعثة التي قررت اللجنة العربية المعنية بالأوضاع في سورية تشكيلها من جامعة الدول العربية وإرسالها للاطلاع على حقيقة الأوضاع هناك وتقديم تقريرٍ بهذا الشأن إلى اللجنة»، وان الحكومة «ستوفر كل التسهيلات والضمانات التي تكفل أمن بعثة الجامعة العربية في الأراضي السورية وحرية تنقلها للوقوف على حقيقة التزام سورية ببنود خطة العمل العربية والاطلاع على الأدلة القاطعة حول جرائم الجماعات الإرهابية المسلحة ضد المدنيين والعسكريين والممتلكات العامة والخاصة، ودور بعض الجهات في الداخل والخارج، المنصبّ على إفشال خطة العمل العربية وقطع الطريق أمام أي حلٍّ سلمي وآمن للأزمة التي تشهدها البلاد».
الى ذلك، اشار مندوب سورية الى «محاولات أطراف خارجية وجهات من المعارضة السورية لإفشال الخطة وإظهار جامعة الدول العربية بمظهر المنظمة الإقليمية العاجزة عن ممارسة دور إيجابي فاعل في الأزمة السورية يفرضه عليها ميثاق الجامعة ومقتضيات العمل العربي المشترك ومفهوم الأمن القومي العربي، وذلك تمهيداً لاستدعاء التدخل الخارجي مهما كان شكله أو ثمنه».
من جهة أخرى اعتبر وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، أن قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية «يعقّد الأمور أكثر ولن يؤدي الى الأمن والاستقرار في المنطقة». ونقلت «الوكالة الوطنية للاعلام» اللبنانية عن منصور في كلمته في اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس، «ان الجامعة مدعوّة الى مساعدة سورية على الخروج من أزمتها والمحافظة على وحدتها وسيادتها وأمنها وأمن المنطقة واستقرارها، وليس الى جر سورية الى الذين يتربصون بها». وحذر منصور من «السماح بتأجيج النار التي ستلتهم الجميع، ومن ترك سورية دون الوقوف بحزم حيال ما يحاك ويحضر في الداخل والخارج من تحريضات مغرضة وهدامة وحملات اعلامية تجاوزت كل الحدود»، لافتاً الى «انه منذ الاجتماع الاول كانت هناك نية لدى بعض الاطراف بتعليق عضوية سورية في الجامعة».
ورفض منصور مشروع القرار المطروح امام مجلس الجامعة بتعليق العضوية «لما له من تداعيات خطيرة على المنطقة وعلى سورية بالذات»، مؤكداً «ان هذه الخطوة من شأنها تعقيد الامور أكثر فأكثر، ولن تؤدي الى الأمن والاستقرار في المنطقة».
واعتبر «ان البندين الثاني والرابع يشملان سابقة لها عواقبها الخطيرة على الصعيد الدولي وعلى الصعيدين السياسي والاقتصادي، ويقوضان اسس التعاون العربي المشترك والسلام في المنطقة ويضعان صدقية الجامعة ككل في الميزان».
وكانت الدول الغربية قد رحبت وأشادت بقرار الجامعة العربية والعقوبات على سورية وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما في بيان اصدره البيت الابيض "احيي القرارات المهمة التي اتخذتها الجامعة العربية اليوم ومن بينها تعليق عضوية سوريا ودراسة فرض عقوبات اقتصادية عليها" بعد "اخفاق النظام السوري الفاضح في الالتزام بتعهداته" بوقف قمع تظاهرات المعارضة وانتهاكات حقوق الانسان.
واضاف ان "الولايات المتحدة تنضم الى الجامعة العربية في دعم الشعب السوري الذي يواصل المطالبة باحترام حقوقه العالمية في مواجهة العنف اللاانساني للنظام".
وقال اوباما ايضا "سنتابع العمل مع اصدقائنا وحلفائنا للضغط على نظام الاسد ودعم الشعب السوري في الوقت الذي يطالب فيه بما يستحقه من كرامة وانتقال الى الديموقراطية".
كما أشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بموقف الجامعة العربية، ورأت أن جامعة الدول العربية إتخذت موقفاً قوياً وتاريخياً يهدف الى وقف العنف في سوريا وحماية المدنيين السوريين، مجددة دعوتها للرئيس بشار الأسد للتنحي، مشيرة الى أن الولايات المتحدة الاميركية تشيد بهذا الموقف المبدئي الذي إتخذته الجامعة العربية وتدعم التنفيذ الكامل للجهود التي تبذلها الجامعة لتحقيق نهاية سلمية للازمة.
من جانبها اكدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون السبت دعم الاتحاد الاوروبي لقرار الجامعة العربية وقال مايكل مان المتحدث باسم اشتون لفرانس برس "ندعم كليا القرارات التي اتخذتها الجامعة العربية اليوم والتي تظهر تزايد عزلة النظام السوري". واضاف "اننا نحيي عرض الجامعة العربية وقف اعمال العنف واجراء الاصلاحات التي يطالب بها الشعب السوري منذ اشهر".
وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسية الان جوبيه في بيان ان "فرنسا تحيي الاجراءات القوية التي اتخذتها الجامعة العربية اليوم بحق النظام السوري"، معتبرا انها تؤكد "ان الوقت حان بالفعل لزيادة الضغط على النظام السوري وليوقف على الفور القمع الوحشي بحق سكانه".
كما اشاد وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ ب"حزم" الجامعة العربية معتبرا ان قرار تعليق عضوية سوريا "الى ان يوقف النظام السوري قمع المدنيين ويحترم تعهداته يظهر الاحباط الذي يشعر به اعضاء الجامعة العربية حيال تعنت الرئيس الاسد".
وفور صدور قرار تعليق عضوية سورية بالجامعة العربية اليوم خرج عشرات الآلاف من المواطنين السوريين إلى الساحات في مختلف المدن والمحافظات السورية منددين بالقرار ومؤكدين دعمهم للقرار الوطني المستقل، فقد عبر أبناء الجولان السوري في مسيرة حاشدة خرجت في ساحة مجدل شمس عن رفضهم لقرار الجامعة العربية بتعليق مشاركة وفد سوريا في إجتماعات مجلس الجامعة، مؤكدين رفضهم التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية ودعمهم للقرار الوطني المستقل.
وأعرب أبناء الجولان، الذين توافدوا من كل قراه إلى ساحة مجدل شمس، عن استنكارهم لتحول الجامعة العربية إلى أداة تمهد للتدخل الخارجي بما يضر بالأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك، مؤكدين وقوفهم إلى جانب وطنهم الأم سوريا التي ستبقى رافعة لواء القومية العربية والمدافع الأول عن القضايا العربية رغم المؤامرة التي تتعرض لها.
وفي دمشق تجمع الآلاف أمام مقر السفارة القطرية وفي ساحة المحافظة بدمشق حاملين لافتات تدين القرار وتؤكد أنه تدخل سافر في شؤون سورية الداخلية وانتهاك لسيادتها ويسهم في تقويض العمل العربي المشترك.
كما ردد المتظاهرون شعارات عبروا فيها عن تقديرهم للتضحيات التي قدمها الجيش العربي السوري في سبيل إرساء الأمن والاستقرار ورفضهم للتدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية. كما احتشد آلاف المواطنين في حلب واللاذقية وطرطوس والحكسة رفضاً للقرارات التي صدرت عن الجامعة العربية وتأييدا للإصلاحات ودعماً للقرار الوطني المستقل.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد