هل تدير اليونان ظهرها للتاريخ وتوافق على صفقة نتنياهو
الجمل: وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة اليونانية ومساء أمس الاثنين الموافق 16 آب (أغسطس) 2010 وذلك في زيارة رسمية رفيعة المستوى لليونان. ما هي خلفيات زيارة نتنياهو لليونان؟ وما هو جدول أعمال نتنياهو-باباندريو؟ وما هي أبرز الحسابات الإستراتيجية الجديدة في دبلوماسية علاقات خط أثينا-تل أبيب؟
* جدول أعمال نتنياهو في اليونان: ماذا تقول المعلومات؟
شهدت العاصمة اليونانية أثينا يوم أمس الاثنين انعقاد لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو-رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، وأكدت التقارير بأن لقاء الطرفين كان منفرداً، حيث ناقشا عدداً من المسائل والقضايا الثنائية الإسرائيلية-اليونانية وكان أبرزها:
- ملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
- ملف الأزمة الإيرانية.
- ملف التعاون الاقتصادي الإسرائيلي-اليوناني.
- ملف التعاون العسكري الإسرائيلي-اليوناني.
- ملف التعاون الأمني الإسرائيلي-اليوناني.
- ملف الوساطة اليونانية في أزمة الشرق الأوسط.
هذا، وأشارت التقارير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو سوف يعقد اليوم الثلاثاء 17 آب (أغسطس) 2010 لقاء مع وزير الدفاع اليوناني إيفانجيلوس فينيزيلوس وذلك على ظهر إحدى السفن الحربية التي اشترتها اليونان مؤخراً من إسرائيل، وإضافةً لذلك أشارت التقارير إلى أن رئيس الوزراء نتنياهو سوف يعقد لقاء مع زعيم المعارضة اليونانية أثونيس ساماراس.
أفادت التقارير بأن اتفاقاً إسرائيلياً يونانياً تم لجهة تكوين لجنة أمنية ثنائية مشتركة إسرائيلية-يونانية، وإضافةً لذلك فقد تحدث الطرفان في المؤتمر الصحفي الذي عقداه بالأمس عن المزيد من اهتمامات علاقات خط أثينا-تل أبيب المشتركة، وذلك بما تضمن الآتي:
- رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو: أكد على اهتمام أثينا بقضية الشرق الأوسط، وحرص اليونان على إجراء المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية المباشرة، وإضافة لذلك أكد بأنه قد أجرى اتصالاً تلفونياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس المصري حسني مبارك وأمين الجامعة العربية عمرو موسى.
- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: أكد على اهتمام تل أبيب بضرورة حل قضية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني عن طريق المفاوضات المباشرة غير المقيدة بأي شروط مسبقة. وأضاف قائلاً، بأنه يوجد تحالف واسع من أجل السلام يجمع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية إضافة إلى العديد من دول العالم الأخرى مثل اليونان وغيرها.
سوف تنتهي اليوم الثلاثاء فعاليات زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اليونان، والتي شملت بجانب البعد الرسمي الدبلوماسي أبعاداً أخرى، منها عقد اللقاءات مع يهود اليونان، إضافة الى زيارة المتاحف والمواقع الأثرية التاريخية اليونانية الشهيرة.
* العلاقات الإسرائيلية-اليونانية: إلى أين؟
تشير المعلومات والتقارير إلى أن زيارة بنيامين نتنياهو إلى اليونان هي الأولى من نوعها لجهة أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يأتي في زيارة رسمية لليونان، ونفس الشيء بالنسبة لرئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الذي جاء إلى إسرائيل زائراً بعد مرور شهر على حادثة اعتداء القوات الخاصة الإسرائيلية في المياه الدولية على الناشطين الأتراك الذي كانت تقلهم سفن قافلة الحرية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
على أساس اعتبارات معطيات خبرة العلاقات الإسرائيلية-اليونانية، فقد ظلت اليونان من بين الدول الأوربية الغربية الأكثر تحفظاً لجهة الروابط مع إسرائيل، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
- ظلت أثينا تنظر إلى إسرائيل باعتبارها حليف تركيا الاستراتيجي في المنطقة.
- ظلت تل أبيب تنظر إلى اليونان باعتبارها الدولة ذات الروابط والصداقة الوثيقة مع العرب.
- ظلت اليونان تكتفي بوجود قنصلية يونانية في القدس وأخرى في حيفا، ولكن لاحقاً، وتحديداً في عام 1990، قامت أثينا بترقية وتطوير وجودها الدبلوماسي في إسرائيل إلى مستوى السفارة. وبرغم أن إسرائيل كانت ترغب في أن تقيم اليونان سفارتها في القدس، فإن أثينا أصرت على إقامة السفارة حصراً بتل أبيب.
هذا، وتقول التقارير والمعلومات بأن مسيرة العلاقات اليونانية-الإسرائيلية كانت حافلةً بالخلافات والتوترات، وكان من أبرزها:
- تسامح السلطات اليونانية مع بعض الذين تعتبرهم إسرائيل من المخربين والإرهابيين وعلى وجه الخصوص رموز حركات المقاومة الفلسطينية.
- الخلافات حول ملف البطركية الأرثوذكسية اليونانية الموجودة في القدس.
هذا، وتشير التسريبات إلى أن العلاقات الإسرائيلية-اليونانية سوف تشهد خلال الفترة المقبلة المزيد من الانتعاش، خاصةً وأن لقاء نتنياهو-باباندريو قد تم بناء على مباركة أمريكية-فرنسية-بريطانية.
* الحسابات الإستراتيجية في دبلوماسية خط أثينا-تل أبيب: تأثير العامل التركي
على مدى سنوات طويلة ظلت دبلوماسية علاقات أطراف مثلث تل أبيب-أنقرا-أثينا تخضع للمزيد من الحسابات الإستراتيجية المعقدة، وفي هذا الخصوص، فقد لعب تأثير العامل الأمريكي دوراً كبيراً في الحفاظ على توازن هذه العلاقات:
• احتفظت واشنطن بروابط قوية مع اليونان وتركيا، وذلك على أساس اعتبارات الدعم الأمريكي للطرفين والمشروط بضرورة تجميد العلاقات اليونانية-التركية لجهة التفرغ لمواجهة النفوذ السوفييتي باعتباره الخطر المشترك.
• سعت واشنطن إلى دعم تعزيز الروابط الإسرائيلية-التركية، وفي نفس الوقت إلى تهدئة اليونان باتجاه جعل أثينا تحتفظ بعلاقات وروابط بحدها الأدنى مع إسرائيل.
تحدثت المزيد من دوائر اللوبي الإسرائيلي على خلفية صعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي، عن ضرورة أن تسعى تل أبيب إلى ترتيب جدول أعمال الدبلوماسية الإسرائيلية باتجاه احتمالات استبدال التحالف الإسرائيلي-التركي بالتحالف الإسرائيلي-اليوناني.
تقول المعلومات بأن الأحداث والوقائع الجارية بين أطراف مثلث تل أبيب-أثينا-أنقرا قد أسفرت عن الآتي:
- أنقرا: أصبحت أكثر انتقاداً لإسرائيل.
- تل أبيب: أصبحت أكثر حنقاً وغضباً على تركيا.
- أثينا: أصبحت أكثر رغبة لجهة استغلال فرصة التوترات الإسرائيلية-التركية.
تزايدت معاناة أثينا بفعل ضغوط الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وسعت أثينا لجهة الحصول على تدفقات رأس المال المباشر و غير المباشر، من دول الاتحاد الأوروبي ومن الولايات المتحدة الأمريكية. وفي هذا الخصوص، فقد جاءت تدفقات رأس المال المباشر وغير المباشر الأوروبية وهي أكثر قيوداً وشروطاً، أما تدفقات رأس المال المباشر وغير المباشر الإسرائيلية، فلم تتمكن أثينا من الحصول عليها، ولا حتى من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الواقعان تحت السيطرة الأمريكية.
وعلى خلفية أحداث قافلة الحرية، وقيام القوات الخاصة الإسرائيلية بقتل الناشطين الأتراك، وما ترتب على ذلك من غضب وحنق تركي-إسرائيلي متبادل، فقد لاحت الفرصة لأثينا، وهي الفرصة التي ساهمت أثينا نفسها في ترتيب المسرح لحدوثها، وذلك عندما لعبت المخابرات اليونانية دوراً بارزاً في الضغط على السلطات القبرصية لجهة عدم استقبال سفن القافلة في الموانئ القبرصية، وهو الأمر الذي انشرح له صدر الإسرائيليين وأصبحوا أكثر اهتماماً بالتجاوب الدبلوماسي الإيجابي نحو أثينا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد