خارطة الصراع السياسي العراقي وتداعياته الداخلية والخارجية

06-05-2010

خارطة الصراع السياسي العراقي وتداعياته الداخلية والخارجية

الجمل: تم عقد جولة الانتخابات العراقية العامة, وتم الإعلان عن نتائجها وبرغم مرور أكثر من شهر فإن القوى السياسية العراقية مازالت غير قادرة على حسم خلافاتها الأمر الذي أدى إلى إصابة العملية السياسية العراقية بالجمود والشلل: ما هي خلفيات هذا الصراع وأين توجد بؤرة الأزمة السياسية العراقية وكيف تعمل مفاعيلها وما هو السيناريو القادم وما هي تداعياته على العراق ودول الجوار العراقي؟

تكوين مجلس النواب العراقي: إشكالية توزيع القوى
أسفرت نتيجة الانتخابات العراقية الأخيرة عن وضع جديد لخارطة الصراع السياسي العراقي وفي معرض توصيف هذه الخارطة, يمكن الإشارة إلى النقاط البارزة الآتية التي تمثل خطوطها الرئيسية العامة, وهي:
• الكتل البرلمانية الكبيرة: وتتمثل في أربعة كيانات هي:
- 91 مقعدا الحركة الوطنية العراقية (إياد علاوي).
- 89 مقعدا ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي).
-  70 مقعدا التحالف الوطني العراقي (ابراهيم الجعفري).
-  43 مقعدا التحالف الكردستاني (الطالباني-البرازاني).
• الكتل البرلمانية الصغيرة:
-  8 مقاعد حركة التغيير (نشروان مصطفى).
-  4 مقاعد تحالف وحدة العراق (جواد البولاني- أبو ريشة).
-  6 مقاعد جبهة التوافق العراقي (عثمان التكريتي).
-  4 مقاعد الاتحاد الإسلامي الكردستاني (صلاح الدين بهاء الدين).
-  2 مقعد مجموعة كردستان الإسلامية (علي بابير).
-  8 مقاعد الأقليات (الصابئة – الإيزيدية – الأشوريين والكلدانيين).
نلاحظ أن الكتل البرلمانية العراقية بشقيها الكبير والصغير هي نفسها تكون من كتل فرعية, والكتل الفرعية تتكون بدورها من أحزاب وتيارات سياسية واجتماعية, وبالتالي من الصعب أن تتوحد هذه المجموعات ضمن موقف محدد.

الحكومة العراقية القادمة: صراع الخيارات
تشير المعلومات والإحصائيات إلخارطة الصراع السياسي العراقي ى أن الكتل السياسية الرئيسية الكبيرة هي التي تستطيع وحدها حسم عملية صنع واتخاذ قرار مجلس النواب العراقي المتعلق بتشكيل الحكومة العراقية ولكن لأن هذه الكتل نفسها تخوض في داخلها صراعات عميقة بسبب تعدد مراكز النفوذ في داخلها, فإن توحد هذه الكتل, أو بالأحرى التوافق والانسجام بينها سوف يعاني من تزايد العراقيل والخلافات, وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن كتلة الحركة الوطنية العراقية التي يتزعمها إياد علاوي هي وإن كانت تطرح على المستوى المعلن توجهات علمانية وطنية فإن 74 نائبا من إجمالي عدد نواب الكتلة البالغ عددهم هم من السنة العراقيون, وبالتالي فإن هذه الكتلة تمثل على المستوى غير المعلن المجتتمع السني العراقي, وما زعيمها إياد علاوي الشيعي ذو التوجهات العلمانية, إلا مجرد غطاء لهذه الكتلة, وبالتالي فإن الزعماء السنيين الفرعيين داخل هذه الكتلة يتميزون بقوة أكبر ومن أبرزهم: صالح المطلق وطارق الهاشمي وأثيل النجيفي إضافة إلى رافع العيساوي ثم بعد ذلك يأتي تحالف دولة القانون الذي يقوده الزعيم نوري المالكي, وهو يتكون من ثمانية مجموعات, منها جناح حزب الدعوة الذي يقوده نوري المالكي نفسه وجناح حزب الدعوة الثاني الذي يقوده هاشم الموسوي إضافة إلى كتلة المستقلين التي يقودها حسين الشهرستاني وكتلة التضامن التي يقودها قاسم داوود وجماعات أخرى. وبالنسبة للائتلاف الوطني العراقي فهو يتكون من عشرين مجموعة سياسية أبرزها: المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يقوده الحكيم وحزب الفضيلة الذي يقوده عبد الرحيم الحسيني والتيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر, أما بالنسبة للتحالف الكردستاني فإن موقفه أفضل نسبيا عن الكتل الثلاث الكبيرة الأخرى, وبرغم أنه قد حصل على 43 مقعدا, فإن قيادته مستقرة نسبيا وذلك بسبب التفاهم والتعاون بين قطبيه مسعود البرازاني وجلال الطالباني وعلى ما يبدو فإن التحالف الكردستاني قد حسم موقفه إزاء خيار المشاركة في السلطة بحيث يتولى البرزاني منصب رئيس حكومة إقليم كردستان, ويتولى جلال الطالباني منصب الرئيس العراقي.
أدت المناورات والصراعات داخل الكتل السياسية الثلاث الكبيرة إلى تبلور بعض المواقف المتعصبة فيما يتعلق باختيار من يتولى منصب رئيس الوزراء العراقي الجديد, وفي هذا الخصوص يقول آخر استطلاعات الرأي العراقي من خلال المسوحات التي شملت حوالي مليون ونص مليون عراقي بأن تفضيلات الرأي العام العراقي إزاء رئيس الوزراء العراقي الجديد هي على النحو الآتي:
- 24% يؤيدون ابراهيم الجعفري الذي ينتمي إلى حزب تيار الإصلاح الوطني المندرج ضمن الائتلاف الوطني العراقي.
- 23 % يؤيدون جعفر الصدر الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامي المندرج ضمن ائتلاف دولة القانون.
- 14% يؤيدون قصي السهيل الذي ينتمي للتيار الصدري المندرج ضمن الائتلاف الوطني العراقي.
- 10 % يؤيدون نوري المالكي الذي ينتمي لحزب الدعوة الإسلامي المندرج ضمن ائتلاف دولة القانون.
- 9 % يؤيدون إياد علاوي المنتمي إلى حزب التوافق الوطني العراقي المندرج ضمن التحالف الوطني العراقي.
- 5 % يؤيدون بهاء الأعرجي المنتمي إلى التيار الصدري المندرج ضمن التحالف الوطني العراقي.
- 3 % يؤيدون أحمد الجلبي المنتمي إلى المؤتمر الوطني العراقي المندرج ضمن التحالف الوطني العراقي.
- 2 % يؤيدون عادل عبد المهدي المنتمي إلى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق المندرج ضمن التحالف الوطني العراقي,
- 2 % يؤيدون رافع العيساوي, المنتمي إلى تجمع المستقبل الوطني المندرج ضمن الحركة الوطنية العراقية.
- 5 % تشتت آراءهم بين خيارات أخرى.
تقول التقارير الجارية بأن التحالف الوطني العراقي الذي يقوده الجعفري وائتلاف دولة القانون الذي يقودها نوري المالكي قد قررا الاندماج وتكوين كتلة برلمانية موحدة مع مراعاة إرجاء الخلافات حول من سيكون مرشح الكتلة الجديدة لمنصب رئيس الوزراء إلى وقت لاحق, وإضافة لذلك تقول المعلومات والتقارير بأن كتلة ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي, وكتلة التحالف الوطني العراقي التي يتزعمها إياد علاوي قد اتفقا على الاندماج وتكوين كتلة برلمانية واحدة مع الالتزام بتأجيل الخلافات بين الكتلتين حول تسمية المرشح لمنصب رئيس الوزراء الجديد إلى فترة لاحقة, وهذا معناه أن الكتلة الجديدة سوف يكون لها 159 عضوا في مجلس النواب العراقي, ولما كان العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب العراقي هو 325 نائبا فإن التوازنات المطلوبة داخل المجلس تتمثل في الآتي:
• قرار الإجماع الكلي يتم بنسبة 100%, أي بموافقة الـ325 عضوا.
• قرار الأغلبية العادية يتم بنسبة 50% +1, أي بموافقة 163 عضو.
• قرار الأغلبية المطلقة يتم بنسبة 66,6% أي بموافقة 217 عضوا.
نلاحظ أن الكتلة الجديدة سوف تحتاج إلى كسب أصوات أربعة نواب إضافيين من الكتل الأخرى لكي تصل إلى نسبة الـ50% +1, وإضافة لذلك فهي تحتاج إلى أصوات 56 نائبا إضافيا لكي تحصل على نسبة 66,66%, أي أغلبية الثلثين المطلوبة كشرط دستوري لمن يتولى منصب الرئيس العراقي, والذي لابد أن يتم اختياره أولا وقبل كل شيء, لأنه هو الوحيد الذي سوف يقوم بعد تعيينه بتكليف الكتلة البرلمانية الأكبر لكي تقوم بتسمية من يتولى منصب رئيس الوزراء والذي بعد اعتماده سوف يقوم بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
إذا مايزال الطريق طويلا أمام القوى السياسية العراقية خاصة وأن التطورات الجارية حاليا أصبحت تشير إلى ظهور صراع نوعي جديد تضمن الآتي:
- سعت كتلة نوري المالكي وإبراهيم الجعفري إلى تكتيك إضعاف كتلة إياد علاوي وذلك عن طريق اللجوء لإعادة الفرز اليدوي للأصوات في دوائر بغداد بما يمكن أن يترتب عليه تغيير النتائج, وأيضا لجأت هذه الكتلة إلى المحكمة العراقية من أجل حسم مدى قانونية مشاركة بعض النواب المنتمين لكتلة إياد علاوي باعتبار أنهم متهمين بالتورط في فعاليات نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
- سعت كتلة إياد علاوي إلى التهديد باللجوء للأطراف الدولية والإقليمية والمطالبة بوضع العراق تحت ما يمكن أن يشبه الوصاية الدولية وذلك تحت ذرائع ومزاعم حماية العملية السياسية العراقية وحماية الديمقراطية ومنع التدخل والنفوذ الإقليمي.
سوف يظل الأمر سجالا بين الأطراف العراقية خاصة إذا علمنا أن تدخل الأطراف الثالثة قد أصبح واردا, فإيران أكثر دعما لمحور إبراهيم الجعفري-نوري المالكي, والسعودية أكثر دعما لإياد علاوي, أما واشنطن فهي وإن كانت على المستوى المعلن تبدي قدرا من الحياد المظهري فإنها في حقيقة الأمر تدعم محور البرازاني-طالباني كحليف رئيسي, ثم السعي لدعم إياد علاوي مع السعي من أجل إحداث الانقسامات في محور نوري المالكي-إبراهيم الجعفري بما يؤدي إلى تفكيك بعض القوى وانسلاخها ثم ضمها إلى مثلث إياد علاوي-البرازاني-طالباني, ولكن على ما يبدو وبرغم جهود واشنطن الحثيثة فإن قاطرة الصراع السياسي العراقي-العراقي قد مضت بوتائر أسرع وأيا كانت النتيجة صراعا أم تعاون بين هذه الأطراف فإن قطارها قد تجاوز قدرات واشنطن على القيام بعمليات الضبط والسيطرة بالوسائل السياسية على مفاعيل الصراع السياسي العراقي ولن يكون بوسع واشنطن سوى القبول بالأمر الواقع أو السعي بالوسائل العسكرية والمخابراتية لتغييره.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...