لقاء الأسد- عبد الله والمتغيرات الدبلوماسية على خط دمشق- الرياض

14-01-2010

لقاء الأسد- عبد الله والمتغيرات الدبلوماسية على خط دمشق- الرياض

الجمل:  شهدت المملكة العربية السعودية يوم أمس الأربعاء 13 كانون الأول (يناير) بداية فعاليات زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، هذا وقد ركزت وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية على رصد وتحليل وقائع الحدث، باعتباره يمثل نقطة مركزية في تحديد اتجاه وتطور تفاعلات النسق الإقليمي الشرق أوسطي خلال الفترة القادمة.
• لقاء الأسد- عبد الله: ضربة البداية
وصل الرئيس بشار الأسد إلى مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية الرياض، وكان في استقباله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، إضافة إلى لفيف من كبار أمراء المملكة والذين تجاوز عددهم العشرين أميراً، تحرك الموكب الرسمي من المطار إلى مزرعة الملك عبد الله بمنطقة الجنادريه، حيث مقر الإقامة، وتم هناك عقد لقاء كبير موسع شاركت فيه كل الأطراف الرئيسية المعنية بعملية صنع واتخاذ القرار السيادي السعودي، وتناولت بنود لقاء الرئيس الأسد- الملك عبد الله الآتي:
- بحث الأوضاع العامة في الساحة العربية
- بحث التطورات الجارية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
- بحث عملية السلام الشرق أوسطية المتعثرة.
- بحث تنقية الأجواء العربية باتجاه المصالحة الشاملة.
- بحث دعم وحدة وسلامة واستقرار اليمن.
- التأكيد على ضرورة السعي من أجل الحل العربي وعدم السماح بتدخل الأطراف الخارجية.
هذا وأضافت التقارير والمعلومات بأن الرئيس بشار الأسد سوف يمكث في المملكة العربية السعودية بضعة أيام، وقد غادر الرياض مساء أمس متوجهاً إلى مدينة جدة، بمرافقة سمو الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز مستشار الملك عبد الله، حيث وصلا جدة، وكان في استقبال الرئيس الأسد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة جدة.
• الرئيس الأسد: دبلوماسية خط دمشق- الرياض:
تشير معطيات التطورات الدبلوماسية الجارية، بأن الرئيس بشار الأسد قد سبق وقام بزيارة المملكة العربية السعودية قبل بضعة أشهر، ثم بعد ذلك قام العاهل السعودي الملك عبد الله بزيارة سوريا.. والآن، تمثل زيارة الرئيس الأسد الحالية، بمثابة نقطة اللقاء الثالثة في مجرى تقاطعات دبلوماسية خط دمشق- الرياض.
على طول مجرى سياق لقاءات القمة السورية- السعودية الثلاثة، فقد ظل الأداء السلوكي لدبلوماسية دمشق يتميز بالثوابت السبعة المتعارف عليها بين خبراء السياسة الخارجية، والممثلة في:
- الواحدية: توجد دبلوماسية سورية واحدة موحده.
- الرسمية: يقوم الرسميون السوريون، والمؤسسات الرسمية السورية بإصدار هذه الدبلوماسية.
- العلنية: تركز دبلوماسية دمشق على معالجة برامج العمل الخارجي المعلنة.. والقابلة للملاحظة الواضحة.
- الاختيارية: تتم عملية صناعة واتخاذ القرار بين طائفة من البدائل المتاحة، ومعايرة واختيار ما هو مناسب وصحيح منها.
- الهدفية: تسعى دبلوماسية دمشق إلى تحقيق الأهداف المعلنة والمشروعة.
- الخارجية: تقوم دمشق بإسقاط دبلوماسيتها المشروعة الواضحة في كافة اتجاهات التعامل الدولي والإقليمي ذات العلاقة بالمصالح والاهتمامات والالتزام بالحقوق القانونية الدولية المشروعة.
- البرنامجية: تتم صياغة دبلوماسية دمشق وفقاً لمحددات برامج وترتيبات بنود السياسة الخارجية السورية الملتزمة ببنود الشرعية الدولية.
ضمن هذه الثوابت المشروعة والواضحة، تندرج كل تفاعلات دبلوماسية دمشق، وعلى وجه الخصوص، ما يندرج منها ضمن جدول أعمال العمل العربي المشترك.. باعتباره يأتي على رأس بنود جدول أعمل دبلوماسية دمشق.
• قمة الجنادريه: تحليل الإطار الجيو- سياسي:
على أساس اعتبارات تحليل المعطيات البيئة السياسية الإقليمية والبيئة السياسية الدولية، نلاحظ الآتي:
- لجهة التوقيت تأتي القمة السورية- السعودية في لحظة تزامن مع إقتراب تطورات أزمة الملف الإيراني من الدخول في مرحلة نوعية جديدة.
- لجهة أمن الجزيرة العربية تأتي القمة السورية- السعودية، في لحظة تتزامن مع تصاعد وتيرة حرارة الصراع اليمني، وتزيد احتمالات تحول اليمن إلى مستنقع نزاع حقيقي مرتفع الشدة.
- لجهة الوضع الخليجي تأتي القمة السورية- السعودية في لحظة ما تزال تشهد تزايد تداعيات أزمة دبي المالية الاقتصادية.
- لجهة الوضع اللبناني تأتي القمة السورية- السعودية في لحظة ما تزال تشهد المزيد من المصالحات اللبنانية- اللبنانية، والتوافق اللبناني- السوري.
- لجهة الوضع الفلسطيني تأتي القمة السورية- السعودية في لحظة تزايدت فيها احتمالات تحول الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم نحو المزيد من علاقات التعاون في مواجهة التعاون المصري- الإسرائيلي الذي بدا واضحاً من خلال بناء مصر للجدار الفولاذي العازل، ومساعي إسرائيل لبناء جدار فولاذي عازل وإضافي على حدودها مع مصر.
- لجهة الوضع الإسرائيلي تأتي القمة السورية- السعودية، في لحظة تزايد فيها خسائر الدبلوماسية الإسرائيلية، في الملف اللبناني، والملف التركي، والملف الفلسطيني، والملف الأوروبي.
- لجهة الوضع العراقي، تأتي القمة السورية- السعودية، في لحظة فشلت فيها كل محاولات استخدام الساحة العراقية كنقطة ارتكاز لتهويد سوريا.
وإضافة لهذه النقاط السبع، فإن ما هو هام واستراتيجي يتمثل في تراجع الإدراك العربي، وعلى وجه الخصوص الإدراك السعودي إزاء إمكانية عقد الآمال على دور الأطراف الخارجية الأجنبية في تقديم المساعدة لجهة تحقيق استقرار المنطقة، وقد برز هذا الإدراك السعودي الجديد من خلال التأكيد  السعودي على ضرورة الإعتماد على القدرات الذاتية العربية، وعدم السماح بتدخل الأطراف الأجنبية الخارجية في المنطقة العربية.
• قمة الجنادريه: تحليل الإطار الإستراتيجي:
تشير مقاربة معطيات دبلوماسية دمشق على ضوء أداء قمة الجنادريه، إلى المزيد من التحولات الجديدة الجارية في السياق الاستراتيجي الشرق أوسطي:
- تراجع الضغوط الأمريكية، فقد أدركت الإدارة الأمريكية بأن التعامل مع دمشق أفضل من مساعي عزل دمشق وعدم التعاون معها.
- تراجع دور الوكلاء: أدركت واشنطن، بأن الاعتماد على دبلوماسية الوكلاء عبر نظام الرئيس المصري حسني مبارك لم يعد مجدياً لتقديم الحلول ذات الجدوى والفعالية في تحقيق استقرار الشرق الأوسط.
- انحسار الخلافات المصنوعة: يعتبر الخلاف اللبناني- اللبناني من أبرز الخلافات المصنوعة، وحالياً لم يعد خافياً على أحد أن بؤرة الأزمة اللبنانية كانت تمثل أبرز بؤرة تم تصنيعها ضمن أبرز المواصفات والمعايير المتعارف عليها بين خبراء أجهزة المخابرات العالمية.
هذا ونلاحظ أن قمة الجنادريه، لم تسع إلى التعامل مع الدافع من الخارج، وبدلاً من التعامل مع الملفات العربية والشرق أوسطية من خلال الاندماج ضمن بنود جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية، فقد سعت إلى تعزيز استقلالية الدور العربي إزاء التعامل مع ملفاته، مع مراعاة الإبقاء على قدر كبير من المرونة وحرية الحركة، فالقمة لم تسعى إلى المساس بموارد السياسة الخارجية السعودية ودبلوماسية تحالفاتها الإقليمية والدولية، والشيء نفسه بالنسبة لسورية، فالقمة لم تسع إلى المساس بموارد السياسة الخارجية السورية ودبلوماسية تحالفاتها الإقليمية والدولية.
لقد ظلت الساحة العربية لفترة طويلة أكثر ارتباطاً بالتطورات الجارية على خط دبلوماسية دمشق- القاهرة، ولكن وكما هو واضح، فإن ارتباط الدور المصري بالدور الأمريكي ، المصحوب بتراجع الدور الأمريكي في المنطقة.. قد أدى إلى الدفع باتجاه تراجع الدور المصري، وهي حقيقة اعترف بها الخبراء الأمريكيون أنفسهم، من خلال ورشة العمل الذي تم بواسطة مجلس المخابرات الأمريكي، والتي أكدت نتائجها بوضوح وبشكل مباشر على تحولات موازين القوى الإقليمية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وباختصار لقد اختارت دبلوماسية القاهرة العمل جنباً إلى حنب مع دبلوماسية تل أبيب أملاً في الحصول على دعم واشنطن، ولكن واشنطن أدركت من جانبها أن تحالف محور القاهرة- تل أبيب.. قد أفقد القاهرة مصداقيتها كعاصمة مركزية شرق أوسطية، وتبعاً لذلك فقد تحولت الأنظار إلى الرياَض كقطب جديد حل محل القاهرة في منظومة ثنائية قطبية الشرق الأوسط وعلى الجميع أن يقبلوا بصعود ثنائية دمشق- الرياض باعتبارها تطوراً واقعياً لما جرى وحدث في منطقة الشرق الأوسط بعد اكتمال بناء الجدار الفولاذي العازل بين قطاع غزة والأراضي المصرية والذي لم يعزل رفح المصرية عن رفح الفلسطينية، وإنما عزل القاهرة عن الملفات العربية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...