المفاوضات السوريةالإسرائيلية من وجهة نظرمعهدالأمن القومي الإسرائيلي
الجمل: أعد الخبير الإسرائيلي شلومو بروم ورقة بحثية نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ضمن تقرير المسح الاستراتيجي السنوي وقد حملت الورقة عنوان «المفاوضات الإسرائيلية – السورية: الفرصة من أجل تغيير استراتيجي إقليمي». هذا، وتقع الورقة البحثية ضمن تسعة صفحات من القطع المتوسط.
* المقاربة المتغيرة:
شهدت السياسة الإسرائيلية في الفترة الحالية تغيراً كبيراً ويقول الخبير شلومو بروم أن هذا التغيير حدث بفعل تأثير التطورات التي حدثت في المسرح السوري – اللبناني ومسرح قطاع غزة ويضيف قائلاً:
• بالنسبة للمسرح السوري – اللبناني ومسرح قطاع غزة فإن مقاربة أسلوب العمل من طرف واحد بما في ذلك الانسحاب من طرف واحد ا اتخذته إسرائيل من إجراءات لجهة التلميح للطرف الآخر لم تؤد جميعها إلى خلق الوضع المستقر وقد أدى هذا بدوره إلى تقوية فكرة أن إسرائيل لن تستطيع الانسحاب من الأراضي التي تسيطر عليها وذلك حتى لا تصبح هذه الأراضي قاعدة لشن الاعتداءات ضد إسرائيل، طالما أنه لا يوجد طرف ملتزم وقادر على السيطرة ومنع العنف.
• مع أن إسرائيل تتمتع حالياً بقوة الردع إضافة إلى التمركز في مرتفعات الجولان وضبط تحرشات حزب الله ضمن الحدود المعقولة، فإن الإسرائيليين يرون أن إهمال جبهة المواجهة على الحدود السورية – اللبنانية هو أمر يمثل حقيقة خطيرة.
لقد استمر خصوم إسرائيل على الجانب الآخر في بناء القدرات الأفضل لتهديد السكان المدنيين الإسرائيليين، وفي نهاية الأمر ستظهر هذه القدرات نفسها إلا إذا تم التعامل مع جذور الصراع ويضيف بروم قائلاً أن السخط العام الإسرائيلي إزاء الكيفية التي تمت بها تنفيذ حرب لبنان الثانية وما ترتب على ذلك من تداعيات قد دفعت إلى تركيز الاهتمام وتسليط الأضواء على الاحتمالات المتعلقة بأي تصعيد على طول الجبهة السورية – اللبنانية وما يمكن أن يترتب عليها.
يقول بروم أن الإسرائيليين أصبح يسيطر عليهم التخمين القائل أن عدم كفاية فعالية أداء الجيش الإسرائيلي أدت إلى تآكل قوة الردع الإسرائيلية إزاء سوريا وحزب الله إضافة إلى تزايد إمكانية أن تحاول سوريا القيام بتحرك عسكري في مرتفعات الجولان، وأضاف أن دمشق أعلنت صراحة ما يعزز ذلك التخمين من خلال تصريحات القيادة السورية التي حددت أن أمام الإسرائيليين خيارين:
• استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا.
• مواجهة الجهود السورية الساعية إلى تحرير مرتفعات الجولان بالقوة.
أشار شلومو بروم إلى أن كل ذلك مجتمعاً أدى إلى دفع الإسرائيليين إلى البحث والنظر في النتائج التي ترتبت على حرب لبنان الثانية:
• كيفية تثبيت استقرار الحدود الإسرائيلية الشمالية.
• كيفية القضاء على الخطر الإيراني.
يضيف بروم أن الإسرائيليين لم يعودوا ينظرون إلى حرب لبنان الثانية باعتبارها ككل الحروب العربية – الإسرائيلية السابقة، وإنما باعتبارها حرب إسرائيلية – إيرانية تمت بالوكالة عن طريق قيام حزب الله في هذه الحروب بدور البروكسي الإيراني وعلى هذه الخلفية أصبح الإسرائيليون أكثر اهتماماً بمواجهة الخطر الإيراني الماثل أمامهم ليس ضمن منطقة الجنوب اللبناني فحسب وإنما في مصدره الأساس في إيران نفسها وقد عزز من هذه الرغبة الإسرائيلية خطوات النجاح المضطردة التي حققها البرنامج النووي الإيراني.
* ردود الأفعال الدولية:
يرى شلومو بروم أن البيئة الدولية والإقليمية كانت أقل دعماً لجهود إسرائيل وسعى إلى التأكيد على ذلك بالإشارة إلى أن المساعي الدولية والإقليمية لتجديد المفاوضات السورية – الإسرائيلية قد أدت إلى الآتي:
• أعطت دمشق فرصة حرية الحركة إضافة إلى تخفيف الضغوط التي كانت مفروضة عليها.
• إضعاف موقف المعتدلين العرب إزاء دمشق.
• إضعاف أهمية مسار المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية.
• قللت من تحفظات الإدارة الأمريكية على التعامل مع سوريا.
• أضعفت الجهود الأمريكية والغربية الرامية إلى إضعاف محور سوريا – إيران – حزب الله.
• أتاحت لسوريا فرصة استعادة علاقاتها مع أمريكا والغرب.
• أتاحت لسوريا فرصة إملاء شروطها المتعلقة بضرورة مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات.
ويضيف بروم قائلاً أن الساحتين السياسيتين الأمريكية والإسرائيلية تشهدان مرحلة انتقالية سياسية:
• في أمريكا سعت إدارة أوباما إلى استبدال طواقم الإدارة الرئيسية المعنية بالسياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية.
• في إسرائيل سعت حكومة نتيناهو إلى القضاء على كل جهود حكومة أولمرت السابقة.
على خلفية هذا التغيير بدا السؤال المركزي متعاكساً بين أمريكا وإسرائيل: ترى إدارة أوباما ضرورة المضي قدماً من أجل استئناف المفاوضات في مواجهة حكومة نتينياهو التي ترى بعدم ضرورة المضي قدماً في استئناف المفاوضات إلا بعد القضاء على تأثير العامل الإيراني على المنطقة.
يرى شلومو بروم أن خطوة إدارة أوباما المتوقعة هي خطوة ستعتمد على الإجابة على السؤال القائل: أين توجد مكانة الصراع العربي – الإسرائيلي في جدول أعمال الولايات المتحدة مقارنة بالمسائل الأخرى الأكثر أهمية بالنسبة للأمريكيين المتمثلة في: الأزمة الاقتصادية – الأزمة العراقية – الأزمة الأفغانية – الأزمة الإيرانية – أزمة العلاقات الأمريكية – الروسية.. وغير ذلك.
ويمضي بروم قائلاً بوجود عاملين يؤثران على موقف الإدارة الأمريكية المتوقع:
• المقاربة العامة السائدة في أوساط أعضاء فريق إدارة أوباما وهي المقاربة القائلة بأن المسائل الشرق أوسطية مرتبطة ببعضها البعض وهو المفهوم الذي رسخه تقرير لجنة بيكر – هاملتون السابق حول كيفية إدارة الأزمة العراقية.
• دخول المزيد من العناصر الجديدة إلى المواقع العليا المتعلقة بصنع واتخاذ القرار في الإدارة الأمريكية وتحيداً أولئك الذين كانوا أكثر تعاطياً مع عملية السلام في الشرق الأوسط خلال فترة الإدارات الأمريكية السابقة.
يضيف شلومو بروم قائلاً أنه بعد أن يتحدد موقف الإدارة الأمريكية إزاء أهمية الصراع العربي – الإسرائيلي ضمن جدول أعمال أولوياتها فإن الإدارة الأمريكية ستكون في مواجهة السؤال التقليدي القائل بأيهما الأكثر أهمية: المسار السوري أم المسار الفلسطيني؟
وفي معرض الإجابة على ذلك السؤال يقول بروم أن إدارة أوباما من ناحية تعطي الأولوية للمسار السوري لأن رموز هذه لإدارة يرون أن فرص النجاح في المسار السوري عالية ومتوافرة طالما أن المسار الفلسطيني سوف لن يؤدي إلا إلى النهاية المغلقة، ولكن هذه الإدارة من ناحية أخرى قد يتأثر خيارها بالمواقف الشخصية الخاصة ببعض رموزها والذين أكدوا صراحة على تفضيلهم البدء بالمسار الفلسطيني طالما أن النجاح في هذا المسار سيؤثر بقدر كبير على البلدان الإسلامية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد