أزيز مزعج في اتحاد الكتاب خلال ندوة نقدية لرواية عن الفساد!
استضاف اتحاد الكتاب العرب بدمشق الروائي السوري فواز حداد ، في ندوة نقدية لروايته "مرسال الغرام" ، وقد استهلت الندوة بكلمة لرئيس الاتحاد الدكتور حسين جمعة رحب فيها بحرارة بالروائي حداد، ثم بدأت الندوة بمشاركة للناقد الدكتور رضوان قضماني والأديب شوقي بغدادي ، وأدار الندوة الناقد عبده عبود. وكان لافتاً أن كلمات الترحيب والنقاد كررت وصف الروائي بـ "الكاتب المعروف" ، فيما ارتأى فواز حداد تقديم إشارات في عمله الروائي عموماً، مبرراً ذلك بضرورة تقديم فكرة للجمهور عن طريقة عمله كونهم لا يعرفونه!! لاسيما وأن رواية (مرسال الغرام) تشكل جزءاً من المرحلة الثالثة من تجربته الروائية، وهي لا تعتبر تطوراً عن المرحلتين السابقتين، وإنما لكل مرحلة خصوصيتها. حيث قسم عمله الى ثلاث مراحل، الأولى: وضمت ثلاث روايات، هي "موزاييك" و"تياترو" و"صورة الروائي".
واتسمت تلك الروايات بالطابع التاريخي، لكن حداد قال إنها لم تكتب حصراً لغايات التأريخية، وإن كان التاريخ حاملها وشكلها الظاهري، وإنما لكتابة أشياء لن تجد فرصتها إلا من خلال مشهد عام، يستعاد فيه التاريخ كإطار وخلفية مع الحرص على المكان والزمان ومزاج العصر.
المرحلة الثانية: وتضم روايتين: "الولد الجاهل" و"الضغينة والهوى"، والأولى فيها نصيب كبير من الخيال، فيما كانت الثانية عن الهجمة الغربية على بلاد الشام، مع التركيز على الصراع بين الغرب والشرق على عدة مستويات: سياسية، دينية، اجتماعية، اقتصادية.
المرحلة الثالثة، وتعتبر "مرسال الغرام" مطلعها. وتلتفت الرواية إلى الراهن، والمقصود بالراهن العقود الأخيرة من القرن الماضي، مع استعادة للتاريخ الفني الغنائي من بدايات القرن نفسه. وفيها يتجاور الحاضر والماضي على خطين، ما يطرحه الأول يجيب عنه الثاني وبالعكس.
من جانبه دافع الأديب شوقي بغدادي عن الرواية ، مفنداً ما قيل عنها إنها روايتين كل خط فيها رواية مستقلة عن الأخرى، وقال إنها حبكت على نحو غير نمطي وتحمل شيئاً فنياً وفلسفياً عميقاً جداً يستحيل الإحاطة بها.
من جانب آخر علمت (الجمل) أن رواية سابعة ستصدر قريباً لفواز حداد بعنوان "مشهد عابر" عن دار رياض نجيب الريس في بيروت والتي أصدرت رواية "مرسال الغرام"، وستأتي الرواية الجديدة ضمن المرحلة الثالثة، حيث تركز على موضوع الفساد، في محاكمة لثلاثة عقود سورية ماضية، وهو ما بدأه حداد في روايته الأخيرة موضوع الندوة من خلال خط من ضمن مجموعة خطوط كثيرة ومتشابكة وضعت توصيفاً لآليات الفساد، فيما سيغدو في رواية "مشهد عابر" خطاً رئيسياً. وجدير بالذكر أن مقاربة الرواية لموضوع الفساد اتسم بالجرأة، كونه لامس موضوعاً راهناً، ووضع تصوراً مشهدياً لتشكل خلايا الفساد في المجتمع السوري، وكذلك ما عرف بعمليات مكافحة الفساد كجزء من المنظومة ذاتها، لذا هناك من اعتبر في استضافة اتحاد الكتاب كمؤسسة رسمية جداً في سورياً "رواية مرسال الغرام" مؤشراً على حصول تحول في سياسة الاتحاد بعد مغادرة رئيسه المزمن علي عقلة عرسان، وتسلم الدكتور حسين جمعة بدلاً عنه، حيث تم الترحيب بكاتب ليس فقط من خارج الاتحاد، بل لا يعد من عظام رقبة المسيطرين على هذه المؤسسة المفترض أن تكون ذات طابع أهلي، وهذا أمر نادر الحدوث. إلا أن رأياً آخر عبر عنه كاتب وصحفي ساخر بالقول: إن هذا ضروري للاتحاد كي يغير بروازه البعثي، لكنه سينعكس بشكل غير مباشر على محبتنا للروائي فواز حداد، الذي أكثر ما يعجبنا فيه إصراره على النأي عن الأوساط الرسمية والثقافية متفرغاً لعمله فقط، حيث كان حريصاً دائماً على التهرب من الإعلام بالقول: "أعمالي تقدم نفسها". ويبدو أنه لن يغير هذه القناعة، ليس لأمر لديه، فهو عبر عن سعادته بهذا الاحتفاء، وإنما لأن هناك من لم يعجبهم انحراف الاتحاد عن سكته الراسخة في استبعاد المستقلين وذوي الآراء الحرة، وربما والله أعلم عبر عنهم جهاز راح يصدر أزيزاً مزعجاً في القاعة، لم يفلح قطع التيار الكهربائي وكل المحاولات في تخفيف حدة أزيزه، ولم يكن هناك بد من تغيير القاعة التي سبقهم إليها الأزيز على نحو أخف، حتى إن أحد الحضور من أهل البيت علق همساً: إن هذا الأزيز ليس بريئاً!! من يدري ربما يكون صرير أسنان عصابي، لكن ممن يا ترى، فغالبية أعضاء الاتحاد كانوا في القاعة؟!!
خاص /الجمل
إضافة تعليق جديد