أجهزتنا الأمنية: الروك مشبوه حتى يثبت العكس
الجمل : لم تستطع ميادة إخفاء قلقها , على شقيقها الموسيقي علي, الذي يسهر يوميا ً , في الاستديو الخاص به , داخل المنزل , منكبا ً على مقطوعاته الموسيقية , فهو ليس موجودا ً, و يكاد أسبوع يمر , دون أن يعرفوا عنه شيئا ً, ميادة و أمها و إخوتها ليسوا القلقين الوحيدين , فبعض معارف علي أيضا ً , مرهف و سلام و محمد, خارج منازلهم أيضا , و تمر عليهم المدة ذاتها , إضافة إلى شبان آخرين , لا يعرفونهم .
كانت البداية باستدعاءات شفهية , من قبل أحد الأجهزة الأمنية , الذي طلب من الشباب الحضور . حيث لم تكن هذه المرة الأولى , فالموسيقيين الشباب , تم استدعاءهم لمجموعة من الأجهزة الأمنية , على خلفية ممارسات ارتكبها الجمهور في حفلة , أقيمت ضمن صالة تابعة لإحدى الكنائس , و توجب على الموسيقيين تحمل تبعاتها , عندها تعهد علي أمام نفسه , بعدم العزف ثانية في حفلات موسيقى الروك , منهيا ً بذلك تجربة موسيقية , استفاد منها كموسيقي , و ناله منها عدم التقدير كإنسان .
(الزيارات) اليومية للأمن , و التي لم يعرف الشباب الهدف منها , لم تحمل سوى أسئلة اعتيادية , كالسؤال عن اسم الأب , الأم , العمل , و السؤال عن الصوم و الصلاة , و آرائهم بالحجاب , و المتحجبات و السفور في العائلة , إضافة إلى المعاملة اللطيفة – التي لا تشتهر هذه الأجهزة بها – كانت مطمئنة للشباب و أهلهم في الفترة الأولى , حيث كانت (الزيارات) تتم بين التاسعة و الحادية عشرة صباحا ً , و تم تأخيرها إلى العاشرة بناء على طلبهم , ثم تحويلها إلى المساء , و أيضا ً بناء على طلب الجامعيين من الشباب الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب , و الذين رافقتهم كتبهم إلى مكاتب الأمن , إضافة إلى موبايلاتهم التي طلب منهم إغلاقها فقط , زاد الاطمئنان بحدوث نقلة نوعية (حقيقية) في طريقة تعامل الجهة الأمنية , خصوصا ً أنه تزامنت هذه (الزيارات) مع اعتقالات لبعض الكتاب و المثقفين السوريين .
الثلاثاء 30 أيار الساعة 7 مساء , كان الموعد الفصل لإنهاء هذه الزيارات , حيث طلب منهم, القدوم في هذا الموعد لإنهاء الإجراء الروتيني , لكن تحرك عقارب الساعة باتجاه ساعات الصباح الأولى لنهار يوم الأربعاء , بدأ يدفع بالطمأنينة بعيدا ً , و عندما حاول أهل احد الشباب زيارة ابنهم , حاملين معهم ملابس و بعض الطعام , لم يتم السماح لهم بذلك , رغم أن الوالد يحمل رتبة عسكرية رفيعة .
مقطوعات علي التي وضع اللمسات الأخيرة عليها , جمعها في ألبوم , باحثا ً عن منتج لموسيقاه الشرقية , يضم بين طياته مقطوعة اسمها شام , فهل يضيف مقطوعة اسمها حمص ؟ , نسبة لمدينته التي يحب , و التي تحتجز حريته في أحد نظاراتها, تقول ميادة أخته : " نحن لا ننام من وقتها , لكننا بالانتظار " .
بهيج وردة
إضافة تعليق جديد