35 % زيادة الصادرات الإسرائيلية للسوق العربية
من المؤكد أن أحلام إسرائيل الاقتصادية في الأسواق العربية قد بلغت عنان السماء، وأن الإسرائيليين كما قاموا بتجهيز قنابل نووية تكتيكية لكل عاصمة عربية، فقد قاموا بإعداد خطة اقتصادية لتحقيق أحلامهم بالنفاذ إلى كل سوق من الأسواق العربية على حدة وبما يتناسب مع ظروف كل دولة عربية، وبما يتوافق مع موقف هذه الدولة من المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ففي الوقت الذي اجتمع فيه مكتب مقاطعة إسرائيل في دمشق مؤخرا لمواصلة المقاطعة العربية لإسرائيل كشفت إسرائيل عن زيادة حجم صادراتها للدول العربية وكأنها تخرج لسانها للعرب وخاصة المنادين بالمقاطعة .
فقد كشف المعهد الإسرائيلي للصادرات عن زيادة الصادرات الإسرائيلية إلى دول عربية بنسبة 34.5% خلال الربع الأول من 2006 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتصل بذلك إلى 57 مليون دولار ، وقال المعهد حسبما ورد في صحيفة الوطن السعودية إن 27 شركة إسرائيلية قامت بالتصدير إلى العراق خصوصا لتزويد الجيش الأمريكي بتجهيزات خاصة بالاتصالات ، وأضاف المعهد أن قيمة هذه المبيعات إلى العراق لم تتجاوز مع ذلك 320 ألف دولار، في حين بلغت قيمة هذا النوع من المبيعات إلى العراق 780 ألف دولار خلال العام الماضي بكامله.
وبحسب المعهد، فإن 1343 مصدرا إسرائيليا ينشطون في الأردن، أي بتراجع الربع مقارنة بالعام الماضي، وتراجعت المبيعات إلى الأردن بنسبة 6% في الفصل الأول لتصل إلى 26.5 مليون دولار وشملت خشب البناء والمفروشات والورق والآلات وتجهيزات مختلفة ، وفي المقابل زاد عدد المصدرين إلى مصر أكثر من الضعف ليصل إلى 257 مصدرا، وقفز حجم المبيعات بنسبة 148.5% ليصل إلى 26.5 مليون دولار وشملت النسيج ومنتجات كيميائية ومشتقات نفطية.
وتعود هذه الزيادة الملموسة إلى الاتفاقيات التي أبرمت بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة حول إنشاء مناطق صناعية "مصنفة" في ديسمبر 2004. وتسمح هذه الاتفاقيات للبضائع المصرية بالاستفادة من الإعفاء من الرسوم الجمركية في السوق الأمريكية شرط أن تشتمل على نسبة مئوية محددة من المكونات الإسرائيلية ، إلا أن تأثير هذه المناطق الموجودة أيضا في الأردن، تراجع في المقابل إثر التوقيع أخيرا على اتفاقيات بشأن إقامة منطقة للتبادل الحر بين المملكة والولايات المتحدة.
وزادت الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب بنسبة 23.5% لتصل إلى مليوني دولار في حين تراجعت المبيعات الإسرائيلية إلى تونس بنسبة 16% لتصل إلى 500 ألف دولار، وفقا للمعهد الإسرائيلي ، جاء ذلك في الوقت الذي افتتح فيه يوم الإثنين الماضي في دمشق المؤتمر السادس والسبعين لمكتب مقاطعة اسرائيل بحضور اربعة عشرة دولة عربية وممثل الامانة العامة لجامعة الدول العربية، وشاركت في المؤتمر الذي استمر اربعة أيام كل من السعودية وقطر والكويت والامارات وتونس والجزائر والسودان والعراق والمغرب واليمن وفلسطين وليبيا ولبنان وسوريا وفي غياب مصر والاردن وموريتانيا وسلطنة عمان والبحرين وجزر القمر.
وتحدث محمد الطيب بوصلاعة المفوض العام لمكتب مقاطعة اسرائيل في كلمة عن "ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من هجمة عدوانية شرسة من قبل القوات الاسرائيلية التي تمارس ضده ابشع انواع القتل والتدمير والاعتقال" ، وأكد ان "السلام العادل والشامل في المنطقة لا يمكن ان يتحقق الا من خلال الانسحاب الاسرائيلي الكامل من جميع الاراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
سلع إسرائيلية تلهف أموال العرب
كما شدد على "اهمية المقاطعة الاقتصادية والسياسية التي تمثل شكلا من اشكال الدفاع عن النفس واحدى الوسائل الفعالة لاجبار اسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية للوصول الى سلام يسوده الامن والسلام والتعاون بين الامم والشعوب لتحقيق ازدهارها ورفاهية ابنائها" ، إلا أن العديد من الآراء والتقارير والدراسات الاقتصادية التي أوردتها مصادر صحفية تؤكد أن إسرائيل لها مصالح اقتصادية كبيرة في المنطقة، وبالتحديد في الأسواق العربية، وأن تحقيق هذه المصالح الإسرائيلية مرتبط بالاستقرار والسلام الذي يعتبره البعض المحرك الأساسي لدفع الاقتصاد الإسرائيلي .
وتأتي أهمية هذه المصالح الاقتصادية لإسرائيل من أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من مجموعة من المشاكل ليس لها إلا حل وحيد وهو التعاون مع دول المنطقة، ويأتي في مقدمة هذه المشاكل ضخامة النفقات العسكرية التى تتحملها الموازنة الإسرائيلية بسبب عدم الاستقرار في المنطقة مما جعل ديون إسرائيل تزيد عن 45 مليار دولار هذا بالإضافة إلى انخفاض معدلات النمو في الاقتصاد الإسرائيلي يضاف إلى ذلك تفاقم مشكلة البطالة وتدني مستويات المعيشة ، وكذلك حاجة إسرائيل إلى أموال كبيرة لاستقبال المهاجرين وبناء مستوطنات لهم، وقد أثبتت الخسائر التي تحملها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب انتفاضة الأقصى - قدرها اتحاد الغرف التجارية واتحاد رجال الصناعة الإسرائيليين بأكثر من 3 مليارات شيكل .
ويؤكد العديد من الاقتصاديين أن الأسواق العربية هي المفتاح لانتعاش الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك لعاملين أساسيين هما:
1 - العامل الجغرافي حيث تقع إسرائيل في قلب المنطقة العربية، مما يحتم عليها أن تتعامل مع جيرانها وعدم الانعزال عنهم، ولو كان موقع إسرائيل في أمريكا أو أوروبا؛ لما كانت لها حاجة ماسة للتعامل مع الأقطار العربية في الشئون الاقتصادية.
2 - القدرات المالية الكبيرة للدول العربية وأسواقها الواسعة وقدراتها على امتصاص كميات ضخمة من السلع الإسرائيلية، وخاصة في أسواق دول الخليج العربي وأسواق الدول العربية كثيفة السكان مثل مصر وسوريا.
ولما سبق كانت مراهنات إسرائيل على التعاون الاقتصادي الإقليمي الذي تم الاتفاق على تدعيمه في إطار عملية السلام وأصبحت الأحلام الاقتصادية لإسرائيل في المنطقة العربية متزايدة منذ بداية المؤتمرات الإقليمية للتعاون الاقتصادي الإقليمي عام 1994م، ولكن السؤال المطروح هنا هو: إلى أي مدي وصلت هذه الأحلام الاقتصادية الإسرائيلية؟!
رغم إدراك إسرائيل لحقيقة عدم قبول منتجاتها في الأسواق العربية وتأكيد هذه الحقيقة من عدم نجاحها في تحقيق أحلامها في السوق المصري بعد أكثر من عشرين عاماً من التطبيع الاقتصادي مع مصر فإنه لم يتسرب إليها اليأس من تحقيق أحلامها لم تبنِ إسرائيل أحلامها الاقتصادية في الأسواق العربية على مجرد توقعات أو أماني، وإنما أقامتها على دراسات علمية مدروسة من واقع الأسواق العربية، بل إن هذه الدراسات تمت بطريقة تفصيلية على كل دولة عربية على حده، وتشير إحدى الدراسات المهمة التي قام بها معهد الصادرات الإسرائيلي إلى الآفاق العريضة لهذه الأحلام التي كان، وما زال يأملها الإسرائيليون في أهم الأسواق العربية والتي قام المعهد بتوزيعها على المصدرين الإسرائيليين مؤخراً، وتكشف هذه الدراسة الخطط الإسرائيلية في معظم أسواق الدول العربية وذلك على النحو التالي:
1 - الأردن: يؤكد معهد الصادرات الإسرائيلي على أن القطاع الصناعي الأردني قطاع آخذ في النمو، حيث يساهم بحوالي 20% من الناتج المحلي، ويشير المعهد إلى أن الصادرات الإسرائيلية إلى الأردن بلغت حوالي 40 مليون دولار، وأن هذا الرقم ما زال متواضعًا، وأن هناك فرصة كبيرة للتعاون الأردني - الإسرائيلي وزيادة الصادرات الإسرائيلية إلى الأردن، وخاصة الصادرات من الأسمدة والمواد اللازمة لصناعة الكيماويات والآلات والمعدات، كما تراهن إسرائيل على تجارة الترانزيت من إسرائيل عبر الأردن لتمر إلى دول الخليج، وتقدر إسرائيل حجم هذه الصادرات بحوالي 150 مليون دولار أمريكي على الأقل، ومن الممكن أن تزيد مع توسع المشروعات الصناعية المشتركة بين البلدين .
2 - مصر: يرى الإسرائيليون أن مصر دولة جاذبة للاستثمار لما تقدمه من مزايا للاستثمارات الأجنبية؛ ولذلك يراهن الإسرائيليون على الاستثمار في مجالات معينة في مصر مثل صناعة البلاستيك، والمعدات الزراعية، والمعدات الطبية، وأجهزة التكييف، ومواد البناء، ومعدات المناجم، وأجهزة الكمبيوتر، ويتوقع الإسرائيليون زيادة صادراتهم إلى مصر.
3 - الإمارات العربية: يرى الإسرائيليون أن هناك إمكانيات كبيرة للتصدير إلى أسواق الإمارات العربية رغم قلة عدد السكان؛ لأن وارداتها تصل إلى حوالي 30 مليار دولار إلى جانب ارتفاع مستوى المعيشة بها وزيادة القدرة الشرائية لسكانها، وينظر الإسرائيليون إلى الإمارات كمعبر لهم إلى الأسواق الخليجية وإلى باقي الدول العربية والهندية وربما إلى إيران ودول الكومنولث أيضًا، ويطمع الإسرائيليون أن يكون لهم نصيب من فتح باب الخصخصة في مجال البنية الأساسية في الإمارات خاصة في مجال الكهرباء والمياه والبترول والغاز الطبيعي، ويراهن الإسرائيليون على زيادة صادراتهم إلى الأسواق الإماراتية بحوالي 400 مليون دولار، وخاصة من أجهزة الكمبيوتر والمعدات الطبية والأدوات الزراعية والمواد الغذائية.
4 - البحرين: يضع الإسرائيليون عيونهم على منطقتي التجارة الحرة في البحرين، ويريد الإسرائيليون الدخول إلى أسواق السعودية عبر البحرين بطريق البر؛ لأنهم يدركون أن السعودية هي الشريك التجاري الأول للبحرين، ويطمع الإسرائيليون أن يكون لهم وكلاء تجاريين ووكلاء لشركاتهم في البحرين؛ وذلك للفوز بعقود تجارية وعقود للمشروعات الكبرى التي أعلنت عنها البحرين مؤخراً، كما يريدون الدخول إلى أسواق الخدمات المالية العربية عن طريق البحرين باعتبارها أهم مركز مالي في المنطقة، ولما يتوفر لديها من انتشار ما يعرف "ببنوك الأوف شور"؛ ولذلك يركز الإسرائيليون على البحرين في مجال الاستثمار والخدمات أكثر من التركيز على التجارة.
5 - الكويت: تأتي الفرص التصديرية الإسرائيلية إلى الكويت في مجال صناعة البترول والخدمات المتعلقة بها والاتصالات والخدمات الإدارية وأجهزة التكييف وأجهزة المراقبة وقياس الجودة، وقطع غيار السيارات والأدوات الرياضية ومعدات السيطرة على التلوث البيئي.
6 - المغرب: يركز الإسرائيليون على الاستثمار في المغرب وخاصة في مجال إنشاء المصانع وخاصة المشتركة، وكذلك تسويق حق المعرفة والابتكارات الإسرائيلية، ويعتبر القطاع الزراعي والري هو القطاع الرئيسي المستهدف من الإسرائيليين في المغرب، وقد قامت إسرائيل بإنشاء عدد من المزارع في المغرب، ويرى الإسرائيليون أنهم من الممكن أن يصدروا إلى المغرب بحوالي 200 مليون دولار في المستقبل من السلع المختلفة.
وبالنسبة للدول العربية الأخرى فإن إسرائيل ترى أن المراهنة عليها أقل جدوى من الدول العربية السابقة؛ وذلك لأن إسرائيل سوف تواجه فيها بمنافسة شديدة من شركات محلية أو أجنبية، ويعتقد الإسرائيليون أن الاقتصاد الفلسطيني سيظل تابعًا لاقتصادهم حتى بعد إتمام عملية السلام لأسباب كثيرة تراكمت عبر التاريخ، كما يلاحظ أن معهد الصادرات الإسرائيلي قد ربط تحقيق هذه الطموحات الإسرائيلية في الأسواق العربية بمدى التقدم في عملية السلام، وأن الأمر في النهاية مرهون بالاستقرار في العلاقات السياسية بين العرب وإسرائيل، وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد.
شيرين حرب
المصدر: المحيط
إضافة تعليق جديد