سورية تعيد تأهيل سفينة نوح الوراثية

على مدى السنوات الماضية، كانت اللوحة المعدنية التي تعلن عن “المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة” (إيكاردا) رمزاً بارزاً على مدخل حلب الجنوبي، إلا أن القليل من الزوار يدركون الثروة الاقتصادية الكبيرة التي يحتفظ بها هذا المركز، والتي نتجت عن عقود من التعاون بين الحكومة السورية وإيكاردا.

في قلب المركز، وعلى مساحة تبلغ 947.2 هكتار موزعة على أربع قرى، يوجد البنك الوراثي الذي تأسس عام 1985.

قبل عام 2012، كان يحتوي على نحو 143 ألف عينة من الحبوب الشتوية والبقوليات وأنواع نباتات المراعي التي تم جمعها من عدة مناطق رئيسية للتنوع النباتي.

هذه العينات، التي كانت تشكل حماية للسلالات الزراعية، تعتبر جزءًا من الجهود العالمية للحفاظ على التنوع الوراثي للنباتات، وكانت تربط سورية بأحدث 16 بنكًا وراثيًا عالميًا، بما في ذلك مستوعب سفالبارد في القطب الشمالي، الذي يُعرف باسم “سفينة نوح للنباتات”.

إلا أن هذه الثروة تعرضت للخطر بعد سيطرة الفصائل المسلحة على مقر المركز في “تل حديا”.

ومنذ استعادة الجيش السوري للمنطقة، تبين أن البنك الوراثي قد دُمر بالكامل، وفُقدت جميع العينات المحفوظة فيه.

لمواجهة هذه الخسارة، سعت “إيكاردا” إلى إعادة بناء هذا التراث من خلال إنشاء بنكين وراثيين في المغرب ولبنان، واستعادت النسخة الاحتياطية من عيناتها المحفوظة في مستوعب سفالبارد.

وزارة الزراعة السورية سارعت منذ عام 2020 لإعادة تأهيل البنك الوراثي نظراً لدوره الحيوي في تحسين الإنتاج الزراعي وحفظ الموارد الوراثية النباتيةووفقًا لوزير الزراعة حسان قطنا، فقد تمت استعادة حوالي 3500 عينة حتى نهاية عام 2023، وتم إيداعها في قسم الأصول الوراثية التابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية.

يُتوقع إعادة افتتاح البنك الوراثي رسميًا في المستقبل القريب.

تحتفظ “إيكاردا” بعينات متعددة من النباتات السورية التي تصل إلى 9 آلاف عينة، وتشمل القمح، الشعير، الفول، العدس، وأنواع أخرى من الحبوب والبقوليات.

كما يعمل المركز على مشاريع أخرى بالتعاون مع الهيئات الحكومية السورية، مثل مشروع تعزيز الأمن الغذائي في منطقة السفيرة ودير حافر ومشاريع لتحسين كفاءة استخدام مياه الري وزيادة الإنتاجية.

أثر