الأخطاء الطبية في المشافي الجامعية.. ظاهرة أم حالات فردية؟
نقيب أطباء دمشق: لا يحاسب إلا الطبيب المشرف.. وعمليات تجرى دون وجود المشرف الأخطاء الطبية في المشافي الجامعية.. هل أصبحت ظاهرة أم ما زالت حالات فردية؟ ومن يتحمل مسؤولية وقوعها الطالب أم الأستاذ المشرف؟ وما إجراءات الجهات المعنية لإيقافها ومنع انتشارها؟ تساؤلات طرحت على المعنيين وأهل الخبرة للوقوف عند هذه الأخطاء وتوضيحها.
عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق نبوغ العوا أعاد السبب وراء وقوع الأخطاء الطبية في المشافي الجامعية إلى نقص عدد الأطباء والأساتذة في مجمل الاختصاصات، أمام استضافة طلاب من جامعات أخرى، والضغط الكبير على المشافي خلال فترة الحرب على سورية، ما يستدعي الطبيب إلى معالجة الحالات الأصعب على حساب بقية الحالات، وذلك بحسب تقديراته، ما أدى إلى حدوث خلل أو تقصير في بعض الحالات، كون الأطباء لا يستطيعون إعطاء كل مريض حقه الطبي الكامل، رافضاً تسميته بالخطأ بما أنه نتيجة ظروف مفروضة على البلاد، مضيفاً: قد يكون سببه عدم اللجوء إلى استشارة الطبيب المشرف أو الطبيب الأعلى من قبل الطالب المتدرب، منوهاً بعدم إمكانية وضع طبيب استشاري لكل طالب وخاصة في حالات الضغط على المشافي التعليمية ما خلق نوعاً من التقصير، لم يصل بعد إلى الفشل الطبي.
و أشار العوا إلى عدم توافر أي شكوى عن طالب ارتكب خطأ طبياً في مشفى جامعي، إلا أنه وفي حال حدث ذلك تتم معاقبة الطالب الذي قام بإجراء طبي دون الرجوع إلى مشرفه بالتنبيه والإنذار ومن ثم الفصل، أما إذا تبين أن الطالب أبلغ مشرفه وتعذر الأخير عن الحضور يعاقب حينها الطالب والأستاذ معاً.
وأكد العوا ضرورة إعطاء الثقة لطلاب الدراسات العليا ليقوموا بعملهم على أكمل وجه، لافتاً إلى أنهم قائمون بخدمة المشافي حالياً، وأن أي مشفى حكومي دون طلاب الدراسات العليا سينخفض مستواه الخدمي.
من جانبه أكد نقيب الأطباء في دمشق يوسف الأسعد أنه عند حدوث أي خطأ طبي من الطالب في المشفى الجامعي فإن النقابة لا تحاسب إلا الطبيب المشرف، أما في حال قام طالب الدراسات بمخالفة الترخيص المؤقت الحائز عليه ضمن المشفى وافتتح عيادة خاصة له يخالف حينها بمعاقبته وفصله بشكل كلي.
وفي سياق متصل لم ينف مدير مشفى جراحة القلب حسام خضر وجود أخطاء طبية بالمشافي الجامعية ولكن بشكل فردي لم يصل إلى الظاهرة، مقترحاً أن يتم وضع منهاج واضح لطالب الدراسات العليا ليستطيع إتقانه، وعدم السماح له بإجراء عملية إلا بوجود مشرف، إضافة إلى ضرورة التركيز على نقاط تدريب أقوى، وإجراء دورات تدريبية في كلية الطب للإيكو مثلاً والقسطرة، لتحسين الواقع التعليمي.
ودعا خضر إلى ضرورة التنسيق بين المشافي للبحث في إمكانية تقديم جميع الخدمات وتوزيعها لعدم الضغط على مشفى دون آخر.
وفي السياق رأى رئيس شعبة جراحة الأوعية الدموية في مشفى المواساة هاشم صقر أن الأخطاء الطبية في المشافي الجامعية تزيد عن بقية المشافي كونها تعليمية، مرجعاً أسباب حدوثها إلى الكثافة الكبيرة بها وعدم معرفة الدور الحقيقي لها، إذ يجب أن تكون تدريسية وخدمية في آن واحد وتعالج الحالات الصعبة فقط، وألا يتم إشغال الأسرة إلا بقصد التعليم، وذلك لمنع حدوث اختلاط ذهني للمتدربين والقائمين على العمل الإداري، إضافة إلى قلة عدد الاختصاصيين في المشافي الجامعية أمام الطلاب المتدربين بسبب هجرة الكثير منهم خلال الأزمة.
ولفت صقر إلى أن بعض الاختصاصات في مشفى المواساة يفتقر إلى وجود أخصائيين كالتخدير والأشعة والمعالجة الفيزيائية، ما أدى إلى التعاقد مع أطباء غير كفوئين لتدريس الطلاب، وحدوث بعض النتائج السيئة للعمليات الجراحية، مضيفاً: لا يوجد لدينا بكلية الطب مختصون حقيقيون بالعناية المشددة أيضاً، وذلك يؤثر على مرحلة ما بعد العمل الجراحي، الأمر الذي نفاه عميد كلية الطب مؤكداً أنه لا يتم التعاقد مع أي طبيب من خارج الملاك إلا بموجب مسابقات عبر وزارة التعليم العالي.
وبالعودة إلى صقر قال: إن أغلب الأخصائيين لا يتواجدون في المشفى فيتم القيام بإجراءات بغيابهم وباسمهم، متابعاً: أحياناً العمليات الصغرى يجريها طلاب الدراسات العليا دون حضور الأساتذة.
وأشار صقر إلى أن اختلاف النظم بين مشافي التعليم العالي مالياً وإدارياً وتابعيتها إلى عدة وزارات، يؤدي إلى شعور الطبيب بالغبن بسبب اختلاف المعاشات والحوافز المالية وحجم العمل بين مشفى وآخر، فيقصّرون في أداء أدوارهم، متابعاً: لا يوجد هيكلية واضحة للقطاع الصحي في سورية، أو مرجعية واحدة لكل الأطباء لعلاج الأمراض، ما يجعل القطاع الصحي في حالة فوضى.
واقترح صقر تفعيل دور الطب الشرعي في كل هيئة تعليمية لدراسة حالات الاختلاطات والأخطاء الطبية، إضافة إلى تشكيل لجنة أخلاقيات الطب لمعاقبة الأخصائي والطالب في حال حدوث خطأ، وإقامة جلسات أسبوعية لمناقشة حالات الأخطاء والوفيات الناتجة عنها، والرجوع دائماً إلى الأرشيف الصحي. مشيراً إلى ضرورة التمييز بين الاختلاط والخطأ الطبي الحاصل أثناء العمل الجراحي أو الاستقصاء الطبي، موضحاً أنه لكل مرض وإجراء يوجد نسبة اختلاطات مسموح بها إلى حد معين تختلف من مراكز أكاديمية إلى مراكز أقل أكاديمية، لذلك تختلف هذه النسبة عالمياً.
الوطن
إضافة تعليق جديد