لافروف: سياسة واشنطن متناقضة لعدم تعاونها مع الحكومة السورية لمحاربة داعش
جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التحذير من عواقب قيام الغرب بأي “نوع من سيناريوهات استخدام القوة أو الإقدام على مغامرة عسكرية” ضد سورية.
وانتقد لافروف في كلمته أمام الأكاديمية الدبلوماسية الروسية في موسكو سياسة الولايات المتحدة المتناقضة واعتمادها مكيالين في محاربة الإرهاب من خلال امتناعها عن اعتبار سورية شريكا في مكافحة الإرهاب في وقت تعتبرها شريكا مهما لتدمير الأسلحة الكيميائية مستنكرا بهذا الصدد عدم تعاون “التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد إرهابيي تنظيم /داعش/ مع الحكومة السورية لدى تنفيذه غارات ضد التنظيم الإرهابي في أماكن وجوده في الأراضي السورية وتبريره ذلك بزعمه عدم شرعية الحكومة”.
ووصف لافروف موقف واشنطن الرافض للتشاور مع الحكومة السورية بالموقف المتناقض والمنافق منبها إلى أن “رفض الولايات المتحدة إجراء حوار مع السلطات السورية حول محاربة تنظيم /داعش/ الإرهابي يشكل مؤشرا يدفع للاعتقاد بأن الغارات الجوية للتحالف فوق الأراضي السورية قد تشن في بعض الأوقات على أجزاء أخرى في سورية لا يوجد فيها إرهابيون”.
وفيما يخص الجهود الروسية حول عقد اجتماع ثان للقاء التشاوري بين وفد الجمهورية العربية السورية وشخصيات المعارضات أوضح لافروف أن “بلاده تنظر بأمل لاجتماع موسكو الجديد بين الحكومة السورية والمعارضة الذي ستحضره مجموعات أكثر”.
وأشار لافروف إلى احتمال انعقاد الاجتماع المقبل للقاء التشاوري في موسكو “قبل نهاية شهر آذار المقبل” معتبرا أن “فرص التوصل لحل سلمي ما زالت قائمة” وذلك في حال لم يحدث تدخل معيق ولم يتم البحث عن ذرائع لاستخدام القوة ضد سورية أو أمور أخرى أسوأ مثل الاستفزاز وما يمكن استخدامه كذريعة فيما بعد لإثارة الوضع.
وأشاد وزير الخارجية الروسي بنتائج اللقاء التشاوري التمهيدي الذي انعقد أواخر الشهر الماضي في موسكو بين وفد الجمهورية العربية السورية وشخصيات معارضة مشيرا إلى أن مدير معهد الدراسات الشرقية فيتالي نعومكين ميسر الحوار في جلسات اللقاء قام بعمل مفيد جدا.
وكان وفد الجمهورية العربية السورية وخمسة أحزاب معارضة وشخصيات أخرى اتفقوا في ختام اللقاء التشاوري التمهيدي في موسكو في ال29 من الشهر الماضي على مجموعة مبادئ قدمتها روسيا سميت مبادئ موسكو ركزت على الحفاظ على سيادة سورية ووحدتها ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتسوية الأزمة بالوسائل السياسية السلمية ورفض أي تدخل خارجي والحفاظ على الجيش والقوات المسلحة كرمز للوحدة الوطنية وعلى مؤسسات الدولة وتطويرها.
وأشار لافروف إلى أن انتشار التطرف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط جاء نتيجة التدخل الخارجي في شؤون دولها.
وحول سياسات الولايات المتحدة والغرب أكد وزير الخارجية الروسي أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب تجاهلوا القانون الدولي واستخدموا معايير مزدوجة حيث فشلت واشنطن في تشكيل تحالف ضد روسيا بدليل علاقة روسيا القائمة مع دول العالم لافتا إلى أن الخطوات أحادية الجانب من قبل بعض الأطراف تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتفشل أي حل توافقي.
وأوضح لافروف أن العلاقات الدولية تدخل اليوم مرحلة صعبة جدا قائلا “للأسف جرى انتهاك منظم للمبادئ الرئيسية للأمم المتحدة خلال العقود الأخيرة وتجاهلت الولايات المتحدة الأمريكية وما يعرف تاريخيا بالغرب المعايير الأساسية للقانون الدولي واستخدموا المعايير المزدوجة والتدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة وقد شعرت شعوب يوغوسلافيا والعراق وليبيا وسورية وأوكرانيا بنتائج هذه المواقف وبوضوح”.
وقال لافروف إنه في التعديلات باستراتيجية الأمن القومي الأمريكي ظهرت المساعي للهيمنة العالمية والاستعداد للاستخدام أحادي الجانب للقوة العسكرية لتحقيق المصالح الأمريكية.. ونسي البيت الأبيض في ذلك النتائج التي يمكن أن تؤدي إليها محاولات تحقيق الهيمنة والسيطرة من ضرر لمصالح المشاركين الآخرين في العلاقات.
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى أن منطق تطور الأوضاع على الساحة الدولية اليوم يدل على أن إيجاد الحلول الفعالة للتحديات والتهديدات الكثيرة يمكن فقط بصورة مشتركة وأن الخطوات أحادية الجانب التي تناقض بنود ميثاق الأمم تعطل التوصل إلى النتائج المرجوة وتزيد من الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وأضاف.. لهذا بالتحديد تقوم الدبلوماسية الروسية بثبات بدعم الحلول المشتركة للمشكلات مع الارتكاز على القانون الدولي والدور المركزى التنسيقى للأمم المتحدة والتعاون الحقيقي لمراكز القوة والتأثير واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وبين لافروف أن التهديد الكبير الذى يواجه الأمن الدولي واستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا زيادة التطرف والإرهاب اللذين يخرجان خارج نطاق المنطقة باستخدام المناهج الخاطئة وبتدخلات خارجية للتأثير على المؤسسات الحكومية وقلب الأنظمة.
وقال لافروف “نحن دعونا مرارا لعدم الانصياع لما يسمى بـ /الربيع العربي/ وعدم استخدام المعايير المزدوجة وللأسف لم ينصت لنا أحد وروسيا قدمت من خلال مجلس الأمن الدولي مجموعة إجراءات لحل المشاكل في الشرق الأوسط ولتعزيز الاستقرار والأمن فيه” مؤكدا أن ما يعيق الجهود المشتركة للرد على التحديات المواقف المتناقضة للدول الغربية التي تحاول من ناحية عزل روسيا ومعاقبتها على سياستها الخارجية المستقلة ومن ناحية ثانية تمتين علاقات التعاون في مسائل مختلفة منها الملف النووي الإيراني والإرهاب الدولي وروسيا ترى أنه دون الشراكة لا يمكن حل التهديدات وهي مستعدة للتعاون.
وشدد وزير الخارجية الروسي على “أن خيار العزلة لم يكن خيارنا ونعول على انتصار العقل السليم في النهاية ولا تجب المراهنة واستخدام المعايير المزدوجة لأن كل الأطراف تكون خاسرة” مضيفا “بغض النظر عن الحملات واسعة النطاق فإن واشنطن لم تتمكن من تشكيل تحالف مناوئ لروسيا وأن التعاون مع العالم كما تقوم به روسيا قد تبين من خلال الزيارات المتكررة للرئيس فلاديمير بوتين ومن خلال استقبال المسؤولين الأجانب في موسكو”.
وبخصوص الأزمة الأوكرانية جدد وزير الخارجية الروسي التأكيد على وجوب أن تحافظ أوكرانيا على موقعها خارج الأحلاف من أجل تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة الأوروبية وقال “نحن واثقون من أن تطبيق الاتفاقيات وقرارات مجلس الأمن سيحل الأزمة الاوكرانية”.
وأكد لافروف استعداد بلاده لتعزيز العلاقات متعددة المصالح والمنافع مع جميع الدول وتشكيل منظومة عالمية متعددة الأقطاب أكثر ديمقراطية.
وأشار لافروف إلى أن المناقشات المفتوحة التي جرت في مجلس الأمن الدولي في 23 من الشهر الجاري حول التأكيد على الالتزام بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة ضمن مسالة دعم الأمن والسلام الدوليين القت الضوء مجددا على طرق تعزيز الاستقرار والأمن في الشؤون الدولية معتبرا أن الفضاء الموحد للعالم والاستقرار والأمن في المنطقة الأوروأطلسية لم يشكل بعد وبدلا من ذلك يقوم التحالف الغربى بدعم التوجه نحو احتلال الفضاء الجيوسياسى وازاحة خطوط التماس للشرق.
وردا على سؤال عن حرب باردة ثانية على ضوء التوتر مع أوروبا والغرب من خلال العقوبات التي يفرضها على روسيا قال لافروف إن “الحرب الباردة كانت قائمة على الأفكار التكتلية القديمة ونحن الآن لا نرى ذلك فهناك علاقات دبلوماسية وسياسية وتشديد مواقف الغرب تجاه روسيا يخرج من إطار الحقبة التي عشناها في الحرب الباردة ولكن ما يوحى بذلك هو رغبة الولايات المتحدة قبل أي شئ والغرب بشكل عام بأن يحافظ على مواقع الهيمنة على الشؤون الدولية التي استمرت عشرات السنين والآن بوجود لاعبين جدد أقوياء كالصين مثلا التي تعتبر الاقتصاد الأكبر في العالم وبظهور قدرات مالية واقتصادية لا يمكن أن نبنى المنظومة العالمية على أساس فرع محدد من حضارة واحدة وان هذا الاتجاه بتأكيد الاستثنائية الدائمة مضر جدا ولا يمكن أن يصح ويجب أن تكون هناك أعمال مشتركة قائمة على أساس التوزان في العالم”.
وكالات
إضافة تعليق جديد