«داعش» يطرق أبواب سامراء

06-06-2014

«داعش» يطرق أبواب سامراء

في قلب منطقة تشتعل بالاضطرابات الأمنية والسياسية، كاد الحدث العراقي يتحول إلى الأكثر خطورة، أمس، في ما لو نجح تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في هجومه على مدينة سامراء، التي تحوي ضريح الإمامين العسكريين، الذي أسفر تفجيره في العام 2006 عن اندلاع عنف طائفي استمر لنحو عامين وأودى بحياة آلاف من العراقيين، وكانت تداعياته على العراق وعلى المنطقة بأكملها توازي ربما تداعيات الغزو الأميركي لبلاد الرافدين في العام 2003.طفلة عراقية تقبل والدها الراقد في مستشفى في مدينة الحلة جراء إصابته في تفجير أمس (رويترز)
وفي هجوم يأتي أساساً في إطار التصعيد بين الحكومة العراقية وبين الجماعات المسلحة، التي استعادت على مدى العام المنصرم أرضا وزخما لاسيما في غرب البلاد عند الحدود السورية، اجتاح مسلحون كانوا يستقلون آليات مناطق في مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين في ساعة مبكرة من صباح يوم أمس، قبل أن تنجح القوات الأمنية، بمساندة طوافات وطائرات، في استعادة السيطرة على المنطقة ونقل المعارك إلى مناطق مجاورة.
ودارت الاشتباكات العنيفة لساعات عدة في سبعة أحياء تقع في الجهة الشرقية للمدينة، انتشر المسلحون فيها، فيما انسحبت قوات قيادة عمليات سامراء لحماية «ضريح الإمامين العسكريين» وسط المدينة.
وفي حديث إلى «السفير» مساء أمس، أكد قائد عمليات سامراء صباح الفتلاوي أنّ «القوات الأمنية العراقية أحبطت محاولة مجاميع إرهابية من داعش بالسيطرة على سامراء»، مضيفاً أنّ «قواتنا استطاعت بفترة قصيرة طرد عناصر داعش، وحاليا نقوم بملاحقتهم خارج المدينة».
وكان الفتلاوي قال، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق، إنّ «الجميع وقف لحماية سامراء والمراقد الدينية وأحبطنا هجومهم وتمكنا من قتل ثمانين داعشيا، بضربات وهجمات واشتباكات من دار لدار وشارع لآخر».
وشاركت القوة الجوية وقوات مكافحة الإرهاب وعمليات سامراء وصلاح الدين وقوات الصحوة في المعارك التي بدأت منذ فجر أمس. ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد أشرف قائد القوات البرية علي غيدان على العمليات، فيما أدار الفتلاوي القتال على الأرض، نظراً لحساسية المعارك.
وفي التفاصيل الميدانية، قالت مصادر أمنية إن الجماعات المسلحة فجرت الليلة الماضية مركزا للشرطة على بعد 25 كيلومترا جنوبي سامراء وقتلوا عددا من أفراد الشرطة قبل أن يواصلوا تقدمهم إلى المدينة على شاحنات صغيرة وهاجموا حواجز تفتيش في طريقهم.
وقالت المصادر إنّ المتشددين سيطروا على مبنى البلدية ومبنى الجامعة بعد دخولهم المدينة من الشرق ومن الغرب ليرفعوا عليهما الراية السوداء لجماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام». واحتلوا أيضا أكبر مسجدين في سامراء وأعلنوا «تحرير» المدينة عبر مكبرات الصوت وحثوا الناس على الانضمام إلى جهادهم ضد الحكومة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إنّ المتشددين وصلوا إلى مسافة كيلومترين فقط من «الضريح» الذي أطلق تفجيره في العام 2006 شرارة أسوأ موجة من إراقة الدماء في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003.
واستخدم المسلحون أمس، الذين قدموا من المناطق التي تضم سلسلة من الهضاب والأراضي النائية بين ديالى وكركوك وصلاح الدين، سيارات وآليات نصبوا عليها مدافع ثقيلة، قالت مصادر إنّ بينها مدافع مضادة للطائرات.
وكان مسلحون يرتدون زيا عسكريا اقتحموا مبنى مجلس مدينة سامراء ومبنى المحكمة في شهر آذار الماضي وسيطروا على المبنيين لأربع ساعات حتى استعادت الشرطة والجيش السيطرة عليهما.
وإزاء هذه التطورات، دانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم بشدة «الهجوم الهستيري للإرهابيين علي مدينة سامراء المقدسة»، بحسب ما نقلت قناة «العالم».
في غضون ذلك، قال عضو مجلس محافظة صلاح الدين سبهان ملا جياد إنّ الوضع الأمني في المحافظة هش للغاية وإنهم لا يستبعدون أن يوسع المتشددون سيطرتهم، وأضاف أنه غير متفائل بالمرة. وقال جياد إنه حتى في حالة نجاح قوات الأمن في استعادة سامراء فإن المتشددين المسلحين سيعودون ببساطة إلى الضواحي وستظل مناطق أخرى في صلاح الدين معرضة للتهديد.
ووفقاً للقدرات التي بات يمتلكها تنظيم «داعش» في العراق، مستفيداً من انتشاره على أراض واسعة نسبياً في سوريا، لم تقف الاشتباكات عند حدود منطقة واحدة أمس، بل كان لها تأثير على الخط الذي يشهد اضطرابات ويمتد من محافظة صلاح الدين في شرق العراق وصولاً إلى محافظتي نينوى والرمادي المحاذيتين للحدود السورية.
وفي هذا الصدد، أعلن حظر للتجول في بلدة بيجي التي تقع على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال غربي سامراء تحسبا لأي تقدم آخر للمتشددين المسلحين، بينما اندلعت اشتباكات في بلدة سليمان بك في محافظة صلاح الدين التي اجتاحها المتشددون في وقت سابق هذا العام.
وبالتزامن مع عملية سامراء، شنت قوات من الجيش العراقي عملية أمنية ضد عناصر «داعش» جنوب الموصل في محافظة نينوى أسفر عن مقتل أربعين مسلحا، بحسب مصدر أمني.
وأوضح أنّ «القوات الأمنية قتلت 40 عنصرا من عناصر تنظيم داعش ودمرت 12 عجلة تابعة لهم في اشتباكات جرت بينهم وبين عناصر التنظيم في منطقة عين الجحش بعد ظهر الخميس (أمس)»، الواقعة على بعد 55 كيلومتراً في جنوب الموصل. وفي عملية منفصلة، تمكنت القوات الأمنية من قتل الرجل الثاني في تنظيم «داعش» في الموصل ويدعى عدنان إسماعيل البيلاوي.
وتأتي هذه الهجمات في الوقت الذي لا يزال تنظيم «داعش» يحكم سيطرته على مدينة الفلوجة منذ نحو ستة أشهر.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...