في الفلسفة السياسية والأخلاقية - ما بين حرية الاعتقاد وحرية التعبير
مارك شوفاني:
مارك شوفاني:
يرى فيورباخ أنه لا يتمُّ الكشف عن الاغتراب إلا من خلال فلسفة الدين؛ فالاغتراب أساسًا هو الاغتراب الديني، والاغتراب الديني هو أساس كل اغتراب فلسفي أو اجتماعي أو نفسي أو بدني. فإذا كان الاغتراب هو انقلاب الأنا إلى آخر فإن هذا الانقلاب يحدث أساسًا في تحوُّل الإنسان إلى الله قبل أن يتحوَّل الإنسان إلى عمل أو إلى نظام أو إلى مؤسسة أو إلى كون. فالاغتراب الديني هو أسهل اغتراب وأسرعه وأكثره مباشرة. فإذا ما حدث زلزال في كيان الإنسان وخلل في وجوده الشرعي ظهر ذلك في اللجوء إلى الله كسند وتعويض، وأصبح الإنسان في موقف زائف. فلسفة الدين إذن هي الميدان الذي يمكن من خلاله اكتشاف الاغتراب.
لا أحد ينكر أن الفكر الديني التقليدي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يعاني جداً تحت تأثير ضربات قوية توجه إليه في العقود الأخيرة. فثورة الاتصالات المتمثلة في شبكة الانترنت قد خلقت فضاءً ساهم بشكل كبير في نبش التراث ومناقشته، وأهم ما يتميز به هذا الفضاء هو استقلاليته النسبية، وعدم خضوعه، وبشكل كبير لأي منع أو رقابة، سواءً من المؤسسات الرسمية أو الدينية.
"ستكون واحداً منا. عليك أن تتخلى عن الدنيا ومفاتنها. ستُمارس مهنة الأنبياء، فعليك أن تكون أهلاً لتلك المهمة العظيمة"... بتلك الكلمات أصبحت عضواً في جماعة "التبليغ والدعوة".
بعد الانفجار العظيم -الذي حصل في ظروف غامضة -تكوّنت المادة من طاقة الإنفجار نفسه بفعل مبدأ تكافؤ الكُتلة والطاقة لآينشتاين، واقصد بالمادة هي البروتونات والالكترونات، وبعد أن اخذ الكون يبرُد، استطاع البروتون أسر الالكترون وتكوين ذرة الهيدروجين، ثُم وبإستمرار عملية هبوط الحرارة تكوّن الهيدروجين الثقيل (الديوتريوم) الذي ضمَّ النيوترون مع ذرة الهيدروجين، واستمرت عملية اندماج الذرات وتكوين عناصر اثق
دائمًا كان - وما زال - الدين يشغل عقول الناس ووجدانهم من جوانب كثيرة، وغاية الملايين من الناس على مر العصور التي شهدت مراحل وتطورات ونقاط مفصلية غيرت معالم العالم كله، فكان موضوع الدين ملتصقًا بالإنسان منذ عصوره الأولى، حتى مرحلة ظهور الديانات السماوية، وبطبيعة الحال كان لهذه الأديان الوضعية أو الأرضية، بمعتقداتها وأفكارها وغرابتها، تأثيرها على حضارات كبيرة، وعلى الثقافة والتراث الشعبي، حتى وصلت إلينا.
في سبعينيات القرن الماضي ومن قلب إحدى القرى بمحافظة الشرقية المصرية (شرق القاهرة) خرج رجل اسمه محمد سالم الفرماوي يدعي أنه عالم رباني يمشي بنور وإلهام من الله، وأنه ليس كبقية البشر فهو يتلقى الوحي من الله مباشرة، وما عليه إلا البلاغ والتحذير والوعيد لمن يخالفه.
الطريقة التي خرج بها هذا الشيخ كان لها وقع السحر على المحيطين به، فقصر قامته ونحالة جسده وارتداؤه لعمامة كبيرة خضراء والعصا الغليظة التي يمسكها بيده والمطلية هي الأخرى باللون الأخضر، نجحت في تصدير صورة للعامة بأن هذا الرجل خرج من رحم الطبيعة في طريقه إلى جنان الله الخضراء.
بعد بُعد عن القرآن الكريم، عدت، ولم أعد إليه لآخذ أجرًا، عدت لأنني أردت أن أعرف الله، ولم أجد كخطوة أولى إلا أن أضع يدي على المصدر الأول الذي أعتقد أنه البداية لرحلتي هذه.
فكانت بدايتي من النهاية، من سورة "الناس"، حتى أنهيت الحزب الأخير من القرآن، "حزب الستون" أو "حزب سبّح" كما يسمى، لكنه أول حزب في رحلتي، ففحصت جميع سوره التي يبلغ عددها 28، ولم أجد وسيلة حجاجية أكثر تداولًا أكثر من السؤال.
نعم الله يسأل!
كان مفعمًا بروح الحياة ومتعها، ومن الشباب السالكين لمبدأ اللّذات، ركض وراء تيارات اللهو والمجون منذ مراهقته لكن من دون أن ينسى الخوض في مسائل العلم والبيان فانقسمت حياته شطرين. كان منتفخًا بكبريائه ذاك الجسديّ والثقافيّ، قبل أن يجد الله في ذاته والعالم ليتحول بعدها إلى أحد أعظم أعلام الكنيسة الغربيّة المسيحيّة.