القصير في قبضة الجيش العربي السوري والمعركة تلقي بظلالها على لقاء جنيف
حسمت القوات السورية، أمس، وبعد أكثر من أسبوعين من الاشتباكات الضارية، معركة القصير، واستطاعت إخراج مئات المسلّحين الذين تحصّنوا في الجزء الشمالي منها، مغلقة أحد أهم الطرق التي كان المسلحون يهرّبون السلاح عبرها إلى حمص.
وأتت عملية القصير قبل ساعات من اجتماع أممي ـ روسي ـ أميركي في جنيف، لم يتم خلاله الخروج بأي قرار حول مؤتمر «جنيف 2»، سوى التأكيد أنه لن يعقد في حزيران الحالي لأنه لم يتم الاتفاق على لائحة الوفود التي ستشارك فيه.
وقال مصدر ديبلوماسي مواكب للمؤتمر، إن معركة القصير أرخت بظلالها بقوة على الاجتماع السويسري، وسمحت للروس بالتمسك بكل النقاط التي جاؤوا للدفاع عنها، لاسيما في دفاعهم عن تشكيلة وفد مفاوض يضم مختلف أطراف المعارضة السورية من الداخل والخارج والأكراد.
والموقف الروسي يستند إلى تقدم حلفائهم على الأرض، وتزعزع جبهات المعارضة السورية، التي يخسر حليفها الأميركي المزيد من الأوراق في مقاربة جنيف وملفاتها، كلما ابتعد موعد انعقاد المؤتمر، وامتدت المهلة المتاحة أمام النظام السوري، لتحسين شروط مشاركته في المؤتمر، الذي قد يتحول عندها إلى مجرد اجتماع لإعلان تسوية تأخذ بعين الحسبان التطورات على الأرض، وتضع المعارضة السورية وحلفائها أمام شروط تفاوض قاسية، وتسوية تكون في النهاية على حساب مطالبها.
ولم يخرج الاجتماع بموعد نهائي رسمي معلن، يشير عندئذ إلى تجاوز الخلافات كافة بين الروس والأميركيين، وأبرزها الحضور الإيراني وتشكيلة الوفد المعارض التي مثّلت نقطة نقاش مستفيضة في اجتماع استمر خمس ساعات.
وأخفق جناح الصقور في المعارضة السورية، والوفد الأميركي بوقف التمثيل السوري المعارض على «الائتلاف» المعارض وحده من دون غيره من بقية الأطراف السورية. وقال مصدر ديبلوماسي إن الروس لم يقدموا أي تنازلات، وطالبوا بالمساواة بتمثيل «هيئة التنسيق» ومعارضة الداخل، بمعارضة الخارج و«الائتلاف».
كما يتيح الفاصل الزمني مع الاجتماع في تموز، طرح الملف السوري أمام اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما، في قمة الثمانية الكبار الايرلندية في 17 و18 حزيران. والأرجح أن وقوع اللقاء الرئاسي قبل لقاء جنيف، سيتيح تذليل أي خلافات بين الطرفين ومعرفة موقع الملف السوري في المساومات بين الكبيرين، وبالنسبة لكل منهما، علما أن الملف السوري لا يبدو أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، التي لا توليه اهتماما إلا من جانب اهتمامها بأمن إسرائيل، وتحت ضغط حلفائها في الخليج.
وأعلن المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، بعد الاجتماع في جنيف، «سنعمل بطريقة مكثّفة في الأسابيع المقبلة، وسنلتقي من جديد في جنيف في 25 حزيران». وأشار إلى أن «هذا المؤتمر (جنيف 2) لن يعقد في حزيران، لكننا نأمل في أن يعقد في تموز». وأضاف إن «النقطة الحساسة هي المكوّن السوري في هذا المؤتمر، وهذا المؤتمر هو فعلا بخصوص السوريين، من أجل جمعهم، وقد أعرب الأطراف السوريون عن اهتمامهم بهذا الاتفاق» الذي تم التوصل إلى اتفاق على عقده بين الولايات المتحدة وروسيا «لكن عليهما الاتفاق على العملية الانتقالية وتأليف هيئة حكومية انتقالية. الأطراف السوريون ليسوا مستعدين، وهذه هي النقطة الأساسية».
وتعرّض المسلحون في سوريا إلى ضربة قوية وجّهتها لهم القوات السورية، التي استطاعت حسم معركة القصير، مجبرة إياهم على الفرار من المدينة، ومتوعدة بملاحقتهم في كل المناطق. وقالت مصادر مطلعة إن مئات السيارات سمح لها بالخروج من منفذ آمن الى خارج القصير، تطبيقا لتفاهم ضمني لم يعلن عنه.
ولم يبق بيد المسلحين، الذين سقط منهم مئات القتلى والجرحى، في ريف حمص إلا البويضة الشرقية والضبعة التي تدور اشتباكات ضارية فيها. ويرى خبراء أن سقوط القصير قد يسهّل سيطرة القوات السورية على مدينة حمص حيث لا يزال المسلحون موجودين في أحياء عديدة، كما يسيطرون أيضا على مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين تعتبران معقلين مهمين لهم في الريف الشمالي لحمص.
ورفع الجنود العلم السوري فوق ساعة تتوسط القصير، التي تعرضت إلى دمار كبير. وأكدت المعارضة و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيانات، سقوط القصير بيد القوات السورية. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن مجموعات من المسلحين انسحبت باتجاه بلدتي الضبعة والبويضة الشرقية شمال القصير، في حين انسحب بعض المقاتلين في اتجاه بلدة عرسال اللبنانية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد