لاريجاني: لا رسالة مباشرة للبنانيين.. بل استشارات مع السياسيين
أكثر من ساعة قضاها رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، أمس، يجيب عن أسئلة الصحافيين في «فندق غولدن توليب» في بيروت، بقي أثناءها العنوان سورياً و«غزاوياً» بامتياز. واكتفى لاريجاني بالسير على «حافة» الأزمة الحكومية اللبنانية، من دون أن يغرق بانقساماتها.
فضّل الرجل أن «يقفز» بذكاء من كلمة ديبلوماسية إلى أخرى، فشدّد على أن لبلاده «موقفاً مبدئياً وثابتاً بدعم الوحدة الوطنية بين اللبنانيين من جهة، والمقاومة من جهة ثانية»، معرباً عن اعتقاده أن «القادة اللبنانيين يتمتعون بالحنكة السياسية الكافية لحلّ هذه الأزمة». وأضاف: «ربما تكون هناك إرادات تريد زعزعة الوضع السياسي في الداخل، ولكن لحسن الحظ أن هذه الإرادات لا تملك القدرة الكافية لتحقيق هذا الهدف».
وعند الطلب منه توضيح موقف إيران لدعمها «حزب الله» بالمال والسلاح في حين أن هناك فريقاً داخلياً يريد الاستغناء عن هذا السلاح، اختار الضيف الإيراني الرد بأسلوب غير مباشر. استحضر من جعبة ذكرياته صورة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليسا رايس وصور حرب تموز، قائلاً: «كان العدو يدمّر قسماً كبيراً من الأراضي اللبنانية ومع ذلك كان هناك جزء يعارض هذه المقاومة ويناوئ مشروعها، وفي الوقت عينه رأينا رايس تقول بعد زياراتها بعض السياسيين اللبنانيين إن الحرب الإسرائيلية على لبنان هي أشبه بمخاض ولادة شرق أوسط جديد». وليكمل بعدها لاريجاني متهكماً: «الحمد الله أنها لم تتنظر المولود 9 أشهر».
ورداً على سؤال عن هدف زيارته لبنان في هذه المرحلة الدقيقة، خصوصاً أن هذه الزيارة لم تكن مدرجة على جدول أعماله، وعما إذا كان يحمل رسالة خاصة للبنانيين تعنى بالأزمة الحكومية الراهنة، أكد لاريجاني أن «هذه الزيارة لا تنطوي على رسالة مباشرة للبنانيين، ولكن جئنا لنقوم باستشارات مع السياسيين اللبنانيين».
كان هاجس الكلام عند رئيس مجلس الشورى الإيراني، الحديث عن سوريا وغزة. لم يكتف بمباركته انتصار غزة والتأكيد أن «إسرائيل غير قادرة اليوم على لململة خسارتها»، وبالتالي مستبعداً أي ضربة لإيران. ولكنه أراد أيضاً أن يطلق من بيروت، «هجوماً ملطّفاً» على كلّ الدول العربية من دون أن يسميها. التقط الرجل خريطة الدول العربية، وقسّم هذه الدول إلى 3 أقسام: «بعضها لم تعلّق بأي رأي على ما جرى في غزة أو حتى تجاه القضية الفلسطينية، وبعضها الآخر لا يركن إلا إلى الدعم اللفظي، وفريق آخر يريد أن يلعب دور الوسيط».
وشدّد لاريجاني على أن هذه المواقف هي اصطفافات وكلام لا يقدّم ولا يؤخر، وتوجّه إلى «الأطراف التي تدّعي دعم الشعب الفلسطيني»، قائلاًً: «ما هو السلاح الذي قدمتموه للفلسطينيين ونحن سنرفع لكم القبعة إذا كنتم قد فعلتم ذلك».
ولم يعر رئيس مجلس الشورى الإيراني الكثير من الاهتمام إلى ما يثار حول عدم توجيه الفصائل الفلسطينية الشكر مباشرة لبلاده، فوصف الدعم الإيراني لغزة بـ«الواجب»، وتابع: «نحن ندعم الفلسطينيين منذ أن قامت جمهوريتنا، ولا نعلّق أهمية على المناورات السياسية والبريستيج السياسي».
أما عن استبعاد إيران عن اتفاق التهدئة الذي جرى بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي، لفت لاريجاني الانتباه إلى «أننا لا نسعى إلى مثل هذه التفاهمات وليس لدينا دور فيها وأصلاً لا نريد ذلك، وهي جرت سابقاً»، وجدّد التأكيد أن «دعم إيران للمقاومة هي طريقة استراتيجية، أما التفاهمات فهي ليست سوى تكتيكات، ونحن ننأى بنفسنا عن هذه التكتيكات».
ورداً على سؤال عما إذا كانت بلاده قلقة من الدور المصري، لا سيما بعد الكلام عن «سماح» أميركي للرئيس محمد مرسي بلعب دور البطل في التهدئة في غزة، أشار لاريجاني إلى أن «أميركا أصبحت ضعيفة وهناك ضمور لدورها»، ورأى أن «المسلمين لديهم مشكلات خاصة وجمة، وأميركا لا تسعى إلى حلّ القضية الفلسطينية».
وفي كلام لاريجاني «حصة الأسد» لسوريا، فشدد على أن «إيران تدعم الإصلاحات الديموقراطية، وهناك تباين بيننا وبين الآخرين الذين يريدون فرض الديموقراطية فرضاً من خلال السلاح»، مجدداً رفض بلاده «لأي نوع من أنواع التدخل العسكري ونخطّئ ذلك»، وأكد أن «أسوأ أنواع الظلم هو إرسال الأسلحة إلى الداخل السوري»، معتبراً أن «هدف هذا السلاح هو ضرب حركة المقاومة وزعزعة الاستقرار في المنطقة».
وعن تسوية أميركية إيرانية روسية عربية لحلّ الأزمة السورية، قال: «إن حل الأزمة لا يكون بفرض شروط مسبقة وكذلك فإن الحل لا يكون بالـ«أر.بي.جي»، ونحن نؤسس لإحلال الديموقراطية من خلال صناديق الاقتراع، وندعم أي آلية لتحقيق ذلك». وقال عن إمكانية حصول لقاء مع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، «اننا دعونا كلّ الأطراف إلى الحوار ومنفتحون على الجميع، ولا نمانع من لقاء أحد».
وتناول العلاقة الإيرانية ـ التركية، فلفت الانتباه إلى أن «هناك تبادلاً بوجهات النظر بين البلدين، لا سيما في الشأن السوري، ونحن نسعى من خلال هذه التحركات الى أن نصل إلى تصوّر مشترك».
لينا فخر الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد