خطة لمكافحة عطش دمشق
خبراء المياه يؤكدون أن 2010 هو عام العطش لسكان دمشق اذا بقيت مصادر المياه على حالها، ومع ذلك مازالت مشاريع الحل الجذري حبراً على ورق.. حتى إن أهمها لم تلحظه الخطة الخمسية العاشرة..!
طبعاً هذه الأزمة عمرها سنوات وقد وصلت ذروتها عام 2001 عندما أصبح العجز المائي بحدود /94/ مليون متر مكعب.. ورغم ذلك مازلنا نسمع الأب يقول لابنه: اترك الحنفية مفتوحة حتى تبرد المياه ثم املأ لي الكأس..
بالتأكيد هذا التصرف المرفوض ليس السبب الوحيد لهدر مايقارب 10% من مياه الفيجة دون وجه حق بل هناك أكثر من /50/ مغسلاً في دمشق معظمها يستخدم مياه الشرب لغسيل السيارات إضافة الى عشرات المسابح والمشاتل والورشات الصناعية التي تستخدم مياه الشبكة بطرق غير قانونية ولاننسى آلاف المواطنين الذين اعتادوا على شطف بيوتهم ودرج البناية وغسيل السيارة بالنربيش...!
وفي ضوء هذا الاستهتار القائم فإنه من المرجح أن يصل العجز المائي لدمشق الى /400/ مليون متر مكعب بحلول عام 2020 مع عدد سكان قد يتجاوز اربعة ملايين ومئتين وخمسين ألف نسمة.
أين الحل..؟! في المشاريع التي مازالت على شكل دراسات أم باغراق السوق المحلية بعشرات الاصناف من عبوات المياه المحلاة.. او بالتوفير واجراء عملية الاصحاح المائي للوصول الى عصر الوفرة...؟!!
هذا ماسيجيبنا عليه المدير العام لمؤسسة مياه الشرب في دمشق الدكتور المهندس موفق خلوف من خلال الحوار الآتي:
21% مياه مهدورة
. ماذا أعدت مؤسسة مياه دمشق لمواجهة ضغوط تزايد الطلب السكاني على مياه الفيجة..
وكيف تخطط لوقف الهدر الناجم عن اهتراء الشبكة..؟
.. تعتبر مدينة دمشق من المدن ذات الموارد المائية القليلة في القطر وذات الكثافة السكانية الكبيرة، ونظراً للطلب المتزايد على المياه اتبعت المؤسسة خطة استراتيجية تمثلت بتطوير مصادر المياه الحالية واستثمارها بالشكل الأمثل، وكذلك اعادة تأهيل نظام تزويد المياه ضمن المدينة من أجل تحسين مستوى التزويد الحالي للمياه وسد الحاجات المستقبلية.
وبالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي «جايكا» قامت المؤسسة خلال السنوات الأخيرة باستبدال مايقارب /500/ كيلومتر طولي من شبكة المدينة التي بحاجة الى استبدال وايضاً تبديل اكثر من /50/ ألف عداد منزلي معطل.. ونتيجة لأعمال الاستبدال هذه بدأت مشكلة الهدر في الشبكة تنحسر تدريجياً حتى وصلت الى /21/ بالمئة وبذلك تم تأمين مصدر اضافي جديد لتزويد مدينة دمشق بالمياه من خلال توفير كميات كبيرة من المياه كانت تهدر من خلال الشبكات دون الاستفادة منها.
وضمن خطة المؤسسة لوقف الهدر وبعد صدور قانون التشريع المائي تم مؤخراً تشكيل ضابطة عدلية في المؤسسة مهمتها متابعة حالات الاستجرار غير النظامي للمياه والاعتداء على الشبكة وملاحقة المخالفين وإحالتهم الى القضاء.
. تخلط مياه الفيجة بمياه الآبار ومع ذلك وصل عدد ساعات التقنين عام 2004 الى /20/ ساعة باليوم أثناء الصيف.. ماهي مصادر المياه الأخرى التي ستضاف إليها لاحقاً..؟
.. يتم تزويد المدينة حالياً بالمياه عن طريق المصادر المتوفرة في نبع الفيجة ونبع بردى والآبارالجوفية الموزعة ضمن مدينة دمشق وسينضم لها لاحقاً مصدر جديد هو «مصدر جديدة يابوس» وذلك بعد أن يتم تنفيذ خطوط الجر.
أما بالنسبة لعدد ساعات التقنين اليومية فهو مرتبط بزيادة الاستهلاك وخاصة أن هذه المصادر لها طاقة انتاجية قصوى لايمكن تجاوزها.
. لماذا تعطى مياه الفيجة في فصل الصيف الى مغاسل السيارات والفنادق والمسابح على حساب المشتركين الآخرين؟
.. لايمكننا تصور وجود أية فعالية اقتصادية أو اجتماعية دون مصدر مائي للشرب.
ونحن نزود كل المنشآت ضمن المدينة بوصلة مياه لأغراض الشرب حصرياً، ولكن تتم اساءة استخدام هذا المصدر المائي من قبل البعض لأغراض مخالفة للهدف الموضوع من أجله وهو الشرب، وهذا أمر مؤسف جداً...
ومع ذلك تقوم ورشاتنا والضابطة العدلية في المؤسسة بملاحقة المخالفين وإحالتهم الى القضاء.
في حال خلط مياه الفيجة بمياه الآبار بنسبة عالية سيؤدي ذلك الى وجود كميات من الأتربة في صنابير مياه المواطنين وإلى وجود الجراثيم والأوبئة التي تلوث المياه.. فماذا أعدت المؤسسة لتنقية المياه ونظافتها غير زيادة نسب الكلور المضاف والتي ثبت علمياً أن لها اثار صحية ضارة...؟
.. ان مياه الآبار ضمن مدينة دمشق والتي تستخدمها المؤسسة لأغراض الشرب مطابقة تماماً للمواصفة القياسية السورية ومواصفات منظمة الصحة العالمية ولكن قد تظهر العكارة خلال شهري فيضان نبع الفيجة خلال العام وليس لها أي تأثير سلبي على الصحة وفق تقارير طبية ومخبرية تؤكد ذلك.
وان تركيب محطات فلترة «تنقية» لتعمل لشهرين في العام (فترة فيضان نبع الفيجة) هو أمر غير اقتصادي ويكلف /60/ مليون دولار تقريباً.
ونقوم بإضافة كميات قليلة ومدروسة من الكلور لهذه المياه لإجراء التعقيم الاحترازي للمياه وضمان جودتها وهذه النسبة البسيطة من الكلور ليس لها أي ضرر على الصحة.
ہ ما هي المشاريع التي ستنفذها المؤسسة وما تكلفتها ومصادر تمويلها..؟
ہہ بالنسبة لمشاريع المؤسسة فهي تسير وفق الخطة العامة للدولة وتتلخص حاليا بشقين:
الأول: هو تأمين المياه والحفاظ على نوعيتها، حيث تتعاون المؤسسة في هذا المجال مع «جايكا» والتي قدمت للمؤسسة منحة مالية قدرها سبعة ملايين دولار.
والصندوق العربي الذي قدم للمؤسسة منحة مالية قدرها واحد مليون دولار وذلك لإجراء الدراسات والبحث عن مصادر مياه جديدة.
والثاني: هو تحسين مردود المنشآت الحالية..وتتعاون المؤسسة في هذا المجال أيضا مع وكالة «جايكا» حيث قدمت للمؤسسة منحة مالية قدرها /36/مليون دولار، وذلك لصيانة وإعادة تأهيل انفاق جر مياه نبع الفيجة الى دمشق.
وكذلك تتعاون المؤسسة مع الصندوق الكويتي الذي قدم لها منحة مالية قدرها /1.1/ مليون دولار وذلك لأجل توسعة وتأهيل منشآت الامداد بالمياه،
إضافة الى ذلك ستقوم المؤسسة خلال هذا العام بالبدء بتنفيذ المشاريع التالية:
ـ مشروع جر المياه من بعض المصادر الجديدة مثل: مصدر جديدة يابوس.
ـ تأهيل وتقوية انفاق الجر.
ـ انشاء محطات ومراكز ضخ جديدة.
ـ تنفيذ خطوط جر المياه الى معمل تعبئة مياه عين الفيجة.
استراتيجي أم خلبي..؟!
ہتصف مديرة سلامة المياه في وزارة الإدارة المحلية والبيئة مشروع جر مياه الشرب من الساحل الى دمشق بـ «الخلبي» نظرا لعدم توفر مصادر حتى الآن وتكلفة المتر المربع المجرور منه على المواطن والتي ستصل الى /55/ل.س.... هل توافق هذا القول أم لا، ولماذا؟
ہہ لا يمكننا القول: بأن مشروع جر مياه الساحل الى دمشق هو مشروع خلبي فمصادر المياه في المدينة محدودة جدا.. وقد تكفي لأعوام ولكن في المستقبل القريب قد تصبح هذه المصادر عاجزة عن تلبية حاجة المدينة من المياه، ولاسيما في ظل التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده المدينة، وبالتالي لا بد من حل جذري وليس اسعافياً يؤمن للمدينة المياه بشكل دائم حتى العام 2040 كأقل تقدير..
فالمشاريع الحالية التي تقوم بها المؤسسة تهدف الى الاستثمار الأفضل للمصادر المتاحة وتأمين المياه اللازمة للمدينة بالكميات الكافية وذلك حتى العام 2010 مبدئيا حيث لم يتم رصد مشروع الساحل ضمن الخطة الخمسية العاشرة.
ومن الجدير ذكره ان اعمال الدراسة لهذا المشروع قد شارفت على الانتهاء، وهو مشروع استراتيجي لا بد منه في المستقبل.
عمران محفوض
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد