مقاربة بين ثورات عالمية وبين ما يجري في سورية
الحديث عن المؤامرة ليس ضرباً من الخيال أو نوعاً من أنواع أحلام اليقظة كما يريد أن يروّجها من اعتاد حياكتها، بل هي واقع ملموس يتجسد الآن فيما تلاقيه سورية من حمّى الربيع المكذوب.
في موضوعنا التالي سنحاول المقارنة ما بين الثورات التي اجتاحت الدول العظمى وأسرارها ووجه الشبه فيما يجري الآن من ثورة مزعومة في سورية، وسنتناول كلاً من الثورة الروسية والإنجليزية والإسبانية والأيادي الخفية التي أثارتها، وسنؤكد بالدليل على صحة مقولة بأن التاريخ يعيد نفسه وأن نظرية المؤامرة هي أكثر الحقائق صوابية، كصوابية الفناء المحتم لكل المخلوقات.
بدايةً لا بد منها
تُعد بروتوكولات حكماء صهيون الدستور الأساسي لكل ما يحدث من شرور في العالم إلى يومنا هذا، وبالتالي لابد من الإشارة إلى بعض هذه البروتوكولات المتعلقة بموضوع ما تُسمى بالثورات أو"الربيع".
يقول البروتوكول الرابع: إن الجمهوريات يجب أن تقوم على الأسس التالية (ثورة العميان الفوضوية، الاستبداد، الترويج لفكرة الحرية والمساواة مع أنها تناقض قوانين الفطرة البشرية، نشر المنافسات المادية وتحويل المجتمع لأناني غليظ القلب منحل الأخلاق يكافح من أجل الملذات).
فيما يقول البروتوكول السابع: إنه يجب إرهاق كل دولة تقف في طريق مخططاتهم بحروب مع جيرانها وإلا فلا بد من افتعال حرب عالمية.
أما البروتوكول الرابع عشر فيقول: إنه يجب تغيير صورة المفاهيم العامة كالحرية عن طريق طرحها والعمل بخلافها على مدى طويل من الزمن.
فيما سبق نلاحظ ما يلي: التركيز على كلمة"حرية" والعمل بخلافها لتعميم فكرة مشوهة عن معناها الحقيقي، وقد باتت "الحرية" الموضة الدارجة في أيامنا هذه إضافةً للتركيز على سمة "القطيعية" في أي حراك لتحقيق الأهداف المرجوة، وهذا ما شاهدناه في كثير من حركات الاحتجاج الشعبية التي تحولت إلى حركة قطعان تسيِّرها الرياح من كل حدب وصوب.
روسيا 1917 وسورية 2011
في 7 آذار من العام "1917" نظم قادة المنشفيك اليهود تظاهرة نسائية في الشوارع احتجاجاً على النقص في الخبز فيما كان القيصر الروسي على الجبهة يتفقد الجنود وفي اليوم التالي قامت النساء بتظاهرتهنّ الكبرى وبعد ذلك تدخل الثوريون وكانت جماعات مختارة تقوم بتظاهرات جانبية، وفي تقاطع نيفسكي بروسبكت وقنال سانت كاترين، قام رجال الشرطة والجنود بتفريق المتظاهرين بدون أي إصابة، وبدا أن الأوامر المحددة كانت قد أعطيت للجنود لتجنب التورط في أية مشاكل تؤجج الأوضاع.
وفي التاسع من آذار امتلأت المنطقة بين نيفسكي بروسبكت وسانت كاترين حتى محطة نيقولاي بالجماهير الحاشدة تحت تحريضات مثيري الفتن والمشاعر، وتولّت خيّالة الشرطة تنظيف الشارع، ولم يستعمل الخيالة إلا باطن سيوفهم، ولم تستعمل الأسلحة النارية أبداً، وأغاظ هذا التسامح الزعماء الثوريين، الذين أصدروا تعليماتهم للمحرضين بزيادة جهودهم، لإحداث مواجهة مباشرة بين الشعب وبين الشرطة والجنود، وفي الليل ركب الثوريون مدافعهم الرشاشة في مواضع خفية من المدينة بحسب الخطط الموضوعة، وأخذوا يطلقون النار على الجماهير من أماكنهم السرية، فهاج الرعاع، وهاجموا الشرطة، متهمين إياها بالبدء بإطلاق النار عليهم، وذبحوا شرطياً مقابل كل رجل منهم، ثم جرى إطلاق سراح المساجين، ليشتركوا في حملة الدم، وهكذا خلقوا الظروف الملائمة لشيوع الإرهاب وعدم الاستقرار.
والإثباتات حول الدور الذي لعبه الصيارفة العالميون لمصلحة لينين في الثورة الروسية، موجود في "الكتاب الأبيض" الذي صدر في بريطانيا بإذن الملك في عام 1919 "روسيا رقم 1".. ولكن الصيارفة العالميين العاملين من خلال مدراء مصرف إنكلترا "أقنعوا" الحكومة البريطانية بسحب الوثيقة الأصلية، واستبدالها بأخرى حُذفت منها كل إشارة لليهود العالميين، يقول فرانسوا كوتي في عدد الفيغارو في 20 شباط 1932:"إن الهبات التي كان يمنحها يعقوب شيف لحركات الفوضويين والثوريين في روسيا وسائر البلاد، ليست نفحات من الكرم الفرديّ وقد أسست في الولايات المتحدة منظمة روسية إرهابية على نفقة شيف، مهمتها اغتيال الوزراء والحكام ورؤساء الشرطة وغيرهم".
ما حدث في روسيا من شهر آذار عام "1917" تكرر في سورية بذات الشهر "آذار" من العام "2011"، بدأت الحكاية من"درعا" حيث تم الزعم بأن أطفالاً تم تعذيبهم، ثم تطور الأمر إلى احتجاجات ضد مسؤولين في المحافظة، بعدها قام إرهابيون مأجورون بإطلاق النار على تلك الاحتجاجات الشعبية ليوهموا المحتجين بأن الشرطة هي من أطلقت النار عليهم، وقد تولت قناة "الجزيرة" في البداية مسؤولية ترويج هذه الصورة المكذوبة من أن رجال الشرطة السورية يقومون بإطلاق النار على المحتجين، ومن هنا بدأت شرارة الفوضى واللاأمن.
وفيما يخص المنظمات الإرهابية فقد باتت بأشكال وأسماء وعناوين كثيرة فتارةً حقوقية وتارةً أخرى سياسية ومرة اقتصادية، وكثيراً ما نجدها إما في عواصم دول مجاورة كتركيا أو دول خليجية "السعودية وقطر" وقد تكون في دول أوروبية مثل "بروكسل" وغيرها.
مهمة تلك المنظمات القيام بما يسمونه عمليات نوعية في استهداف المقار الحكومية والأمنية واغتيال الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية والكفاءات العلمية، فضلاً عن الغرف السوداء التي يقع على عاتقها الحرب النفسية وبث الشائعات وإطلاق التسميات على الجمع وتأليب الرأي العام.
الثورة الإنجليزية وسورية.. ميليشيا الحر نموذجاً
لما كان الملك إدوار الأول ملك إنكلترا، هو أول من طرد اليهود من بلاده، فقد قرر سادة المال اليهود في فرنسا وألمانيا أن تكون إنكلترا بالذات هي هدفهم الأوّل.
وهكذا شرعت خلاياهم بإثارة الشقاق والمتاعب بين الملك وحكومته، وبين أرباب العمل والمستخدمين، وبين العمال والمالكين، ثم بين الدولة والكنيسة.. ودس المتآمرون نظريات ووجهات نظر متناقضة، تنادي بحلول مختلفة في أمور السياسة والدين، لشق صف الشعب الإنكليزي وتحويله إلى معسكرات متنابذة.. فقسموا الشعب الإنكليزي أولاً إلى معسكرين: بروتستانتي وكاثوليكي.. ثم انقسم المعسكر البروتستانتي إلى طائفتين: الملتزمين والمستقلين.
ولما وقع الخلاف بين ملك إنكلترا شارل الأول وبين البرلمان، اتصل عملاء المرابي اليهودي (مناسح بن إسرائيل)، بالقائد الإنكليزي المعارض أوليفر كرومويل، وعرضوا عليه مبالغ طائلة من المال إن استطاع تنفيذ مشروعهم الخفيّ، الرامي إلى الإطاحة بالعرش البريطاني.
وكان الزعيم البرتغالي اليهودي فرنانديز كارفاجال يلعب دور المخطط الرئيسي للشؤون العسكرية لعمليات كرومويل، فأعاد تنظيم أنصار كرومويل المعروفين بـ"الرؤوس المستديرة"، وحولهم إلى جيش نموذجيّ، وجهزهم بأحسن ما يمكن من الأسلحة والمعدات، وعندما كانت المؤامرة في طريق التنفيذ، كان يتم تهريب المئات من المخربين المدربين إلى إنكلترا، للانخراط في الشبكات الخفية التي كان يديرها اليهود.
وفي إسقاط ما تم في إنجلترا آنذاك على ما يحصل في سورية الآن نلاحظ أوجه الشبه التالية: أولاً اعتمد اليهود العالميون على إشاعة الفرقة بين الشعب الإنجليزي فأثاروا النعرات الطائفية والسياسية، وفي سورية تم التركيز على المذهبية بسبب الخصوصية السورية فرأينا عبارات مقيتة مثل "فلان عبيروت وعلان عالتابوت" إضافةً لوجود تقسيم اجتماعي سياسي ديمغرافي ركزت عليه وسائل الإعلام يتم الحديث فيه عن الأطياف السورية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل زادوا محاولات التفريق من خلال مصطلحات وعبارات تشير للتوجه السياسي "عوايني، شبيح، معارض، مؤيد..الخ).
ومن أوجه الشبه أيضاً أن اليهود اعتمدوا على شخصية بريطانية معارضة للملك في الخارج فيما اعتمدت الدول الراعية للمخطط على سورية عدة أشخاص هم بمثابة "كرومويل" آخر جلّهم دمى في مجلس اسطنبول بالإضافة إلى بعض الأدوات التي تقبع في الداخل السوري وتم دعمهم بالغطاء السياسي والإعلامي والمالي.
أما الشبه الثالث والأخطر؛ في إنجلترا كان هناك جيش "الرؤوس المستديرة" الذي تم جمعه من مرتزقة وقطاع طرق ومساجين وأناس لديهم أحقاد شخصية ضد الدولة وتم دعمهم بالمال والسلاح والعتاد والتدريب في الخارج ومن ثم إرسالهم من الدول المجاورة إلى بريطانيا، وفي سورية هناك ميليشيا "الجيش الحر" الذي لمَّ شمل التكفيريين وأصحاب السوابق وبعض عديمي التعليم والثقافة والوصوليين الذين لم يُكتب لهم نصيب من النجاح أيام الرخاء والسلم، وقد جمع هؤلاء إما التعصب المذهبي المقيت أو الأحقاد الشخصية على الدولة، ولقد جرى إقامة معسكرات تدريبية لهم في الدول المجاورة ثم تم تمريرهم عبر الحدود إلى الداخل السوري، بالمحصلة ميليشيا "الحر" هي شكل جديد لجيش المتمردين المكنى بالرؤوس المستديرة والذي دعمه أصحاب المال العالميون من اليهود فتأملوا.
الثورة الفرنسية
لعل الثورة الفرنسية هي أقل الثورات شبهاً بما يجري في سورية الآن رغم أنها صنيعة ماسونية محفل الشرق الأكبر التي استطاعت اختراق أوروبا، ويعتمد المخطط الخاص بفرنسا، على المناورة بثرواتهم الضخمة المتحدة، مما سيؤدي إلى خلق ظروف اقتصادية مشبعة بالقلق، بحيث تتفشى البطالة بصورة شاملة بين جماهير الشعب الفرنسي، فتدفعها إلى حالة قريبة من المجاعة، فتنصب مسؤولية الانهيار الاقتصادي على عاتق الملك والبلاط والنبلاء والكنيسة والصناعيين وأرباب العمل، ويندس المحرضون والدعاة المأجورون بين صفوف الشعب، ليشيعوا مشاعر الحقد والبغضاء، ويطالبوا بالانتقام من الطبقات الحاكمة، التي يشهّرون بها، كما يلصقون بها كل أنواع الاتهامات الحقيقية والباطلة.
أما في سورية فقد تحدثت وسائل الإعلام مراراً عن وجود مسؤولين ساهموا بقراراتهم وعملهم السلبي على كل ما هو إيجابي وفي صالح المواطن، ثم تبين لاحقاً أن هؤلاء انشقوا "حسب تعبير الجزيرة وأخواتها" وصاروا من دعاة ما تُسمى"بالثورة"، والغريب أن كل مسؤول كان معروفاً بفساده أضحى معارضاً لدوداً، يُضاف إلى هؤلاء رجال أعمال فاسدون، وبعض الأعضاء السابقين في مجلس الشعب الذين عُرفوا أيضاً بصفقات مشبوهة.
هؤلاء ساهموا في الأزمة الاقتصادية وحالة الاحتقان لدى المواطن، فبينما كان يصدر مرسوم إيجابي، كنا نرى هؤلاء يعملون على تفريغه من مضمونه ثم في النهاية يتم الحديث عن أن النظام هو المسؤول عن كل شيء؟!!
مطالبات واستياء من الوضع المعاشي وارتفاع نسب البطالة التي قام هؤلاء أنفسهم برفع نسبها من خلال وضع أسماء وهمية لموظفين على عقود لثلاثة أشهر وقبض رواتبهم مثلاً وهلمّ جراً، كل ذلك يتراكم سوداويةً وحنقاً لدى المواطن فيما الدولة "أو النظام" هو المسؤول عن كل ذلك "حسب زعمهم" على الرغم من العديد من القرارات والمراسيم الإيجابية التي صدرت، وفي النهاية تم اللعب على وتر ذلك الحنق الشعبي وبذات الوقت تم الاعتماد على تلك الشخصيات الفاسدة التي انشقت فيما بعد هرباً بأموال الشعب لدعم ثورة الشعب!!! لكن من فنادق الخارج.
زبدة الثورة المزعومة
فيما سبق من الثورات التي قامت في كل من روسيا وإنجلترا وفرنسا نجد أن من يقف وراءها هو رأس المال اليهودي مباشرةً، وفي بعض الأحيان رؤوس الأموال الماسونية المرتبطة باليهودية العالمية، في تلك الدول الأوروبية كانت اليهودية العالمية مباشرةً ممثلةً بـ"آل روتشيلد" تقدم المبالغ المالية الضخمة للفاسدين كي يتعاونوا معهم وتدعم الميليشيات الإرهابية والإجرامية بالمال والسلاح والعتاد والتدريب، وتقلب أنظمة لتوجد مكانها أنظمة أخرى تضمن سيطرة اليهودية العالمية على الاقتصاد والقرار السياسي في كل بلد تقوم فيه ثورة مركبة من قبلهم.
الآن ما يجري في سورية هو من خلال رؤوس الأموال الماسونية المرتبطة باليهودية العالمية، صحيح أن "آل روتشيلد" غائبون ظاهراً لكن "آل سعود وآل ثاني" حاضرون لتأدية المطلوب منهم، خصوصاً بعد الفضائح التي تم الحديث عنها من نيْل أمير قطر "حمد بن جاسم" المرتبة "33" في محفل الماسونية الأعظم.
في الثورات التي قامت في كل من روسيا وفرنسا وإنجلترا كانت الدماء هي اللون الطاغي على شوارع مدنها، واللاأمان هو المسيطر على المشهد، الانقسامات بين الشعوب باتت هي الأكثر شيوعاً، وهو أيضاً ما يجري في سورية: عمليات نوعية إرهابية وعمليات خطف وذبح على الهوية ومجازر تهدف لخلق الفتن بين أطياف المجتمع، لا شك إذاً في أن الثورة المزعومة في سورية شقيقة لتلك الثورات التي وقعت منذ عقود، فلم تحمل معها إلا الألم والحزن وعدم الاستقرار والارتهان للخارج وضياع القرار السيادي.
أختم موضوعي بما قاله منظر الحرية الأول والشفوق الأبرز على الشعب السوري والداعم لثورته الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) الذي صرّح مراراً وتكراراً بعدائه للقيادة في سورية ودعمه للثورة بما قاله لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: عشت في إندونيسيا لأربع سنوات تعلمت فيها بمدرسة علمانية وعندما أقسمت اليمين فعلت ذلك على كتاب التوراة الذي يعود للعائلة، مضيفاً أن الذين يعرفون الحقائق لا يشككون بالتزامي تجاه أمن إسرائيل وعلاقات أمريكا مع إسرائيل، وسأحضر معي للبيت الأبيض التزاماً غير قابل للتشكيك بأمن إسرائيل.
هنيئاً لهذه الثورة بهذا الداعم لها والضامن لأمن إسرائيل وصداقتها في ذات الوقت.
الأزمنة
علي مخلوف
إضافة تعليق جديد