هل جاء قرار الحكومة نشر الجيش على الحدود الشمالية استجابة لنصيحة سورية؟
في وقت يمضي فيه الشمال الكوراني قدما لاتمام استحقاقه الداهم لاشغال المقعد النيابي الارثوذكسي الشاغر بوفاة النائب القواتي فريد حبيب، يعيش باقي الشمال الممتد من طرابلس حتى الحدود مع سوريا ساعات حاسمة بعد قيام الجيش اللبناني بتنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بانتشاره على الحدود مع سوريا لتأمين سلامة السكان من جهة ومنع تهريب الرجال والسلاح في الاتجاهين من جهة ثانية، في خطوة لافتة يمكن التعويل عليها لقراءة هادئة، خصوصا ان الخطوة هذه تزامنت مع عدد كبير من المؤشرات لا يمكن تجاهلها او ادراجها في خانة المصادفات.
ويلاحظ المراقبون ان طلب الحكومة إلى الجيش تنفيذ خطة انتشار جاء بعد استنفاد مقولة النأي بالنفس التي ادت بنتيجتها إلى هذا الفلتان المستشري لاسيما لجهة فتح الحدود اللبنانية امام التهريب. كما جاءت بعد استفحال موجة العنف في سوريا واتساعها باتجاه ريف حمص المحاذي للحدود مع لبنان، وبالتالي بدء الجيش السوري بعملية حسم غير معروفة النتائج، ناهيك عن القرار المفاجئ بلجوء هيئة الاغاثة إلى وقف الدعم عن النازحين السوريين.
ولم تكن هذه الخطوات التي استبقت قرار الحكومة غير المعروف ما اذا كان قرارا سياسيا او امنيا يتيمة، انما هناك خطوات مماثلة رافقت تنفيذ الجيش لقرار الانتشار ابرزها عودة الحراك السلفي إلى شوارع طرابلس وساحة النور في مشهد يعيد إلى الاذهان صورة الفلتان الامني والمعارك العسكرية في الاحياء والشوارع، بما يؤكد ان الكباش السياسي الداخلي حول الازمة السورية لم تنته فصوله بعد، بل على العكس تماما، فان الامور ما زالت مفتوحة على الاحتمالات كافة.
غير ان زوار العاصمة السورية يلمحون إلى ان قرار الحكومة الاخير جاء بعد سلسلة من التحذيرات الرسمية السورية بضرورة قيام الحكومة اللبنانية باقفال الحدود ومنع عمليات التهريب والكف عن دعم المسلحين السوريين والسماح لهم بالدخول والخروج من لبنان براحة تامة، خصوصا ان هناك اتفاقيات رسمية وموقعة من قبل الحكومات اللبنانية السابقة التي توالت على الحكم منذ ما بعد الطائف ترعى وتعالج مثل هذه الحالات. وبالتالي فان لبنان ملزم بتنفيذها تحت طائلة لجوء الجيش السوري إلى تنفيذى عمليات نوعية داخل الاراضي اللبنانية تؤدي إلى ابعاد المسلحين عن خطوط التماس السورية.
ويؤكد هؤلاء ان هذه التحذيرات ليست الاولى من نوعها، انما جاءت بعد سلسلة من النصائح المتكررة بضرورة الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات والتقيد بقواعد اللعبة الاقليمية وعدم الانجرار وراء السياسات الغربية، لتصل الامور إلى حد توجيه رسائل مباشرة تؤكد بان الجيش السوري سيعمد إلى اقفال منافذ المعارضة المفتوحة باتجاه لبنان بالقوة اذا لم تقم الحكومة اللبنانية بتنفيذ هذا الامر.
ويبدو ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اخذ بهذه النصائح وان كان على مضض، بحسب ما يقول هؤلاء، غير انه لم يشأ ان يمرر الاستحقاق الحدودي الشمالي من دون توظيفات جانبية كشفها الزائر الاميركي وليام بيرنز إلى لبنان باعلانه عن ضرورة تقيد الحكومة بالتزاماتها الدولية في اشارة إلى حماية الثورة السورية ومسلحيها، بحيث لا يغيب الاحتمال بانه سارع إلى تمويل المحكمة الدولية لامتصاص الانتقادات الغربية، على حدّ تعبير المصادر.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد