حركات «جهادية» إلى سوريا ومنها وجوارٌ قلق
يشكل الجوار السوري المنقسم داخليا على خطوط طائفية وإثنية، أحد أبرز مكامن الخطورة في تبعات الأحداث السورية، التي تساهم في تأجيج حدة هذه الانقسامات، إضافة إلى كون دول الجوار هذه مصدراً أساسيا لتعقيد المشهد الأمني والعسكري داخل سوريا، بسبب حركة البشر والأموال والأسلحة على طول حدود عرفت تاريخيا بصعوبة ضبطها.
وتنقل صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية عن عنصر في «الجيش السوري الحر» قوله إن «مجموعة من «القاعدة» بقيادة رجل يسمي نفسه أبا صديق، سيطروا على دارة عزة» في ريف حلب. ويضيف «كنت عضوا في المجلس الثوري هناك. فجأة، أصبحت هناك طريقة تفكير جديدة. تم تنصيب أبي صديق أميراً على المنطقة لثلاثة أشهر. وقيل لي إن عليّ أن أضع يدي على القرآن وأطيعه».
ويوضح العنصر في «الجيش الحر» أن أبا صديق هذا «كان يريد بناء دولة دينية. لم يكن يريد الديموقراطية بل وصول زعيم ديني إلى السلطة. كان يريد استخدام مفجرين انتحاريين كطريقة لقتال القوات الحكومية في المنطقة».
وفي محافظة إدلب أيضا، روايات مماثلة. ويقول عامل طبي معارض إن تنظيم «القاعدة» حاول تنصيب أمير هناك، وقام بعمليات تفجير ضد الجيش السوري. كل العناصر كانوا سوريين».
ولكن في المحافظتين، يقول الناشطون المحليون والمسلحون المقاتلون إن هذا النوع من المجموعات لم يكسب تعاطف الناس. «السكان المحليون لم يحبوا طريقة تفكيرهم. لم ترق لهم أساليبهم»، يقول الطبيب ويضيف «الآن هم 25 شخصا تقريبا انتقلوا ليعيشوا في الجبال المجاورة».
كما تنقل الصحيفة البريطانية عن معارض مسلح، قوله إنه كان يقاتل مع «القاعدة» قبل أن ينضم إلى «أحرار الشام»، لأنهم «أقوى في سوريا». ويقول محمد عن عناصر «الجيش الحر» إنهم «إخواننا، ونتشارك في بعض العمليات، لأن لدينا هدفا مشتركا في إسقاط (ألرئيس السوري) بشار الأسد. ولكن لدينا رؤى مختلفة بخصوص المستقبل»، في إشارة إلى رغبته في إقامة حكم «بحسب الشريعة».
وفي سراقب، شاهد مراسلو «تلغراف» مسلحين يجمعون الذخيرة، فيما كشف آخر «بفخر» عن عبوة يدوية الصنع: «إخواننا المجاهدون من العراق وافغانستان علمونا كيف نصنع هذه العبوات»، وأضاف «إسألوا حلف الأطلسي إذا كان يريد أن نرسل له بعضاً من هذه العبوات».
وفيما جدّد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس الأول، أن انتقال بعض عناصر «القاعدة» إلى سوريا أصبح «واقعا»، إلا أن القلق لا يسري في اتجاه واحد فقط.
وتقول مجلة «تايم» الأميركية إنه «إذا كان تقويم زيباري صحيحا، فإنه يزيد فرص جر العراق إلى أزمة سوريا»، خاصة وأن زيباري قال إن المسؤولين العراقيين ابلغوا المبعوث الدولي كوفي أنان هذا الأسبوع بانهم يخشون «امتداد الازمة السورية».
وتعتبر المجلة الاميركية أن «امتداد» الازمة قد يكون بدأ فعلاً، «مع تصاعد العنف في العراق، ما يؤدي إلى تعميق الانقسامات المذهبية، بما في ذلك بين الشيعة والسنة». ويقول مدير مركز «بروكنيغز» للدراسات في الدوحة سلمان الشيخ إن «هناك من يدعم النظام (السوري)، ومن لا يدعمه. هناك سيناريو حقيقي يشير إلى تغذية متبادلة بين الصراعين السوري والعراقي».
ويضيف سلمان «الصراع السوري سيكشف الانقسامات العراقية أكثر فأكثر كلما طالت الازمة»، مشيرا إلى هذا السيناريو قد دخل في حيز الواقع، في لبنان.
ويعتقد الشيخ أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يخضع لضغوطات ايرانية لمساعدة «الأسد حيث يستطيع». زيباري نفى ذلك وقال «لديهم (الايرانيون) تأثير، لا شك في ذلك. لكن، في ما يتعلق بالمصلحة القومية العراقية، نتصرف بشكل مستقل».
ويجدر ذكر أن المؤسسة الاستخبارية الأميركية الخاصة «ستراتفور»، كانت رأت مطلع الأسبوع، أن الصراع السوري قد يؤدي إلى بروز جيل جديد من «المقاتلين المتمرسين في المعارك، والمحركين ايديولوجيا... من السهل أن نتخيل عودة تدفق المسلحين إلى العراق، وهذه المرة تحت سيطرة أقل إحكاما بكثير عن السابق».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد