«الجاز يحيا» في دمشق
في العام 2005 أطلق مشروع “روافد” لدى الأمانة السورية للتنمية الدورة الأولى من مهرجان “الجاز يحيا في سوريا” كتظاهرة فنية أولى من نوعها على المستوى المحلي، تهدف إلى الاطلاع على أحدث التيارات الموسيقية في العالم، وإلى تبادل الخبرات والتجارب بين الفرق السورية ونظائرها في الدول الأجنبية. في العام الحالي احتضنت قلعة دمشق الدورة السادسة من المهرجان ما بين الثامن والرابع عشر من تموز الحالي بمشاركة أربع عشرة فرقة من مختلف أنحاء أوروبا.
استقطبت الدورة مجموعة من أشهر الفرق الأجنبية، تميزت كل منها بتجربتها الخاصة في موسيقى الجاز، والتقت جمعيها حول فكرة العمل على صياغة تيار جديد في الجاز المعاصر قائم على التلاقح بين قوالب الجاز التقليدية والحديثة مع الموسيقى التراثية لكل بلد.
من هولندا قدّمت فرقة "بارانا" حفلة مزجت فيها بين الموسيقى التركية والجاز الحديث، ومن ألمانيا قدّمت فرقة "إم إس في بريخت" معزوفات سِمتها الأساسية الارتجال والانتقال بسلاسة ما بين الجاز والروك والموسيقى التجريبية، وحلّت ضيفة على المهرجان فرقة "لارا بيلو" الإسبانية، وفرقة "مارك بيرينو" السويسرية، اللتان تشكلان علامة فارقة في موسيقى الجاز المعاصر، إضافة إلى فرقة "أندرس باندكيه" الدنماركية وفرقة "إيفيد أريست" النروجية.
أما على الصعيد المحلي فقد شاركت في أمسيات المهرجان "أوركسترا الجاز السورية" التي وُلدت مع بداية المهرجان، والتي تُعدّ الأوركسترا الأولى من نوعها في العالم العربي، وتضم في صفوفها حوالى 20 عازفاً ومؤدياً، وتعمل على تجديد برنامجها بصورة مستمرة.
كذلك شاركت فرق جاز سورية عديدة طالما شكّل المهرجان بالنسبة إليها فرصة طيبة للقاء جمهورها، وساعد على تعزيز وجودها وتكريس حضورها، مثل: فرقة "لينا شماميان"، وفرقة "نوطة"، وفرقة "شيلي باند"، وفرقة "طنجرة ضغط"، وفرقة "عمرو حمور".
وفي سياق فعاليات المهرجان شهدت قلعة دمشق مجموعة من الحفلات المشتركة التي أحيتها فرق سورية إلى جانب فرق أوروبية زائرة في محاولة لخلق فرصة غنية قائمة على تبادل الخبرات والتدريب، كالحفل المشترك بين فرقة "لارا بيلو" الإسبانية وفرقة "شماميان" السورية. وللمرة الأولى هذا العام اتسعت دائرة المهرجان في اتجاه مدن سورية أخرى، حيث شهدت حلب وجبلة حفلات جاز منفردة كحفلة المغني السوري ابراهيم كيفو مع فرقة "فتت لعبت" التي أُقيمت على مدرج جبلة الأثري في تجربة فريدة للمزج بين الجاز والموسيقى التراثية للجزيرة السورية.
مهرجان الجاز بمشروعه التنموي الذي وضعه منذ بداياته يتواصل، وقد تجلى هذا العام من خلال إنشاء فرقتي جاز للأطفال، ومن خلال المشاركة في عدد من المهرجانات والفعاليات الأوروبية التي يأتي على رأسها برنامج التبادل والتشبيك مع مهرجان مورغن-لاند في ألمانيا.
حول أثر هذه التظاهرة السنوية وبعدها التنموي تحدث مدير المهرجان السيد هانيبال سعد، قال: "تأتي أهمية المهرجان من قدرته على الاستمرار ومراكمة تجارب متنوعة وثرية من شأنها أن تخلق تياراً ثقافياً مؤثراً، فنحن نسعى إلى إيجاد فسحة من المتعة في صيف دمشق، وقد تحوّل المهرجان إلى موعد ثابت على أجندة الجمهور السوري، وخلق ألفة مع هذا النوع الموسيقي، وأسهم في تحقيق تشبيك واسع المدى على الصعيد المحلي والعالمي من خلال التعاون مع الفرق الزائرة والمهرجانات الشريكة، ومن خلال ورشات عمل غنية تُقام على مدار العام".
أما المسؤول الإعلامي للمهرجان الزميل زاهر عمرين فقد حدثنا عن جديد الدورة السادسة، قال: تمحورت الخريطة الفنية هذا العام على استضافة فرق هي بمثابة نقاط علام على ساحة موسيقى الجاز العالمية، وتم تلاقيها مع الفرق السورية في مشاريع مشتركة من شأنها دعم ورفع سوية التشبيك والتعاون والتطوير، كما تم تأسيس فرقة الأطفال الفلسطينيين والعراقيين والسوريين، التي تأتي أهميتها من استلهام التراث الموسيقي العراقي والفلسطيني والسوري.
وفي كل الأحوال فإن الإقبال الجماهيري المتزايد عاما بعد عام على أمسيات مهرجان الجاز، وارتفاع عدد الجهات السورية والأجنبية الداعمة مؤشرات تؤكد ولادة حالة فنية جديدة على الساحة الموسيقية، ملأت الفراغ الذي استمر لسنوات طويلة.
تهامة الجندي
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد