تنظيم قطاع التصنيع في سورية واجراءات تسهل تدفق الاستثمار إليه
سلط تقرير شركة «المزايا القابضة» الضوء على التجربة السورية في التصنيع، فلفت إلى جهود سورية واضحة في توسيع القاعدة الاستثمارية عموماً والقاعدة الاستثمارية الصناعية خصوصاً، وإزالة العوائق التي قد تعترضها من خلال وضع برامج وخطط تنموية تهدف إلى تحقيق التوظيف الأمثل للموارد بما يعود بالنفع والقيمة المضافة على القطاع الصناعي والاقتصاد ككل. وأشار إلى أن حصيلة الاستثمارات العامة والخاصة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة بلغت نحو 45 بليون دولار، فيما تتوقع الحكومة السورية الوصول إلى 90 بليون دولار خلال الخطة الخمسية الجديدة، وتتطلع إلى أن تصل مساهمة القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي منها إلى أكثر من 50 بليون دولار.
ونقل التقرير تأكيد رئاسة الوزراء السورية نية سورية إحداث نقلة نوعية في مضمار البناء والتنمية، لتحويل البلاد إلى مركز استقطاب تنموي ونقطة جذب للمشاريع التي تبحث عن بيئة آمنة وعن فرص استثمار ذات جدوى اقتصادية وربحية. وأوضح التقرير أن سورية غنية بالفرص الاستثمارية، وتحفز رؤوس الأموال للاستثمار، مبيناً أن توافر المدن الصناعية في سورية والتسهيلات التي تقدمها يشجع على حفز الاستثمار. وتطرق إلى العقبات التي تواجه المستثمرين، مشدداً على أهمية معالجة ضعف البنية التحتية التي تساهم في تشغيل المعامل والمصانع، داعياً إلى تجاوز البيروقراطية التي قد تقف حجر عثرة أمام الاستثمارات.
ورصدت «المزايا» تأسيس الحكومة السورية مدن صناعية لتكون حاضنات للأعمال والمشاريع الاستثمارية والصناعية، فقد ازداد معدل النمو السنوي لهذه المدن إلى 5.5 في المئة بالأسعار الثابتة لعام 2009، وارتفعت قيمة الناتج المحلي إلى 1422 بليون ليرة (30 بليون دولار)، مقارنة بـ 1343 بليوناً عام 2008، كما ازدادت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 65.5 في المئة عام 2009، في مقابل 64.7 في المئة عام 2008، وازداد حجم الموازنة العامة للدولة من 460 بليون ليرة عام 2005 إلى 685 بليوناً عام 2009 و754 بليون ليرة عام 2010.
وشدد التقرير على أن سورية تترقب الدخول في منظمة التجارة العالمية بعدما قبلت المنظمة دراسة طلبها المقدم منذ نحو تسع سنوات. وتسعى سورية إلى تحقيق نهضة صناعية تساعدها عند الانضمام إلى المنظمة على المحافظة على توازن الميزان التجاري، خصوصاً في السلع الصناعية. وبيّن التقرير أن السلطات السورية وبالتعاون مع القطاع الخاص تسعى إلى تعزيز الاستفادة من الاتفاقات التجارية مثل الاتفاق المنظم للمنظمة والشراكة مع الاتحاد الأوروبي في فتح أبواب ومجالات جديدة للمنتجات السورية وإقامة مشاريع مشتركة للاستفادة من رخص اليد العاملة والمواد الأولية مقارنة بدول أخرى.
وأشادت «المزايا» بإعادة الحكومة السورية النظر في كثير من القوانين الاقتصادية وقوانين الاستثمار لتتوافق مع قواعد منظمة التجارة. وأقرت الحكومة السورية مجموعة من القوانين، منها قانون حماية الصناعة الناشئة يهدف إلى الحفاظ على الصناعات الناشئة كما يدعم الاستثمار في الصناعات الجديدة ويحفز على إعادة هيكلة الصناعات القائمة. وأشاد التقرير بالجهود المبذولة لتطوير الصناعة واليد العاملة المرتبطة فيها، حيث وقعت سورية اتفاقاً ممولاً من الاتحاد الأوروبي بقيمة 20 مليون يورو يهدف إلى دعم تنافسية الصناعة السورية من أجل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وبناء القدرات والمهارات للعاملين في قطاع الصناعة التحويلية.
وبيّنت «المزايا» أن الاقتصاد السوري يعتمد في شكل كبير على المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تؤمّن فرص عمل لجانب كبير من القوى العاملة، خصوصاً في المحافظات والمناطق البعيدة عن العاصمة دمشق. وبحسب وزارة الصناعة السورية، تشكّل المشاريع الحرفية في سورية 76 في المئة من مجمل منشآت القطاع الخاص الصناعي التي يصل عددها إلى 96 ألف منشأة، وتشغل ما تصل نسبته إلى 54 في المئة من إجمالي عمال القطاع الخاص الصناعي. ولفت التقرير إلى أن من التحديات التي تواجه المشاغل والمصانع الصغيرة والمتوسطة في سورية تحدي تطوير التكنولوجيا والارتقاء بها كي تنافس مثيلاتها من حول العالم بما يتوافق مع متطلبات الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وشدد التقرير على أن الحكومة السورية وضعت سقوفاً كمية لتحديد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فالمشاريع الصغيرة هي تلك التي تشغل 50 عاملاً وأقل بينما لا تتجاوز مبيعاتها السنوية 50 مليون ليرة سورية، فيما المشاريع المتوسطة هي التي يزيد عدد عمالها على 50 ويصل إلى 250 عاملاً ولا تتجاوز مبيعاتها السنوية 250 مليون ليرة سورية.
ولاحظت «المزايا» أن وزارة الكهرباء في سورية تسعى إلى إشراك القطاع الخاص في مشاريع توليد الكهرباء، خصوصاً في المصادر المتجددة، إذ أعلنت المؤسسة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية ونقلها عن تنفيذ مشروعين لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح من قبل القطاع الخاص، بقدرة تساوي 50 إلى مئة ميغاوات لكل منهما. وأوضحت أن قطاع الكهرباء يشكل أهمية بالغة بالنسبة إلى الاقتصاد السوري، فإضافة إلى مساهمته في تكوين الناتج المحلي، وتأمين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، يلبي هذا القطاع حاجة سورية من الكهرباء سواء بالنسبة إلى النشاط الاقتصادي في القطاع الإنتاجي والتجاري والخدمي، أو الاستخدام المنزلي، ويساهم بالتالي في تأمين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ورصد التقرير اهتماماً سورياً بمشروع للسكك الحديد يربط دول الخليج عبر الأردن بالاتحاد الأوروبي مروراً بسورية وتركيا، إذ رصدت سورية 280 مليون دولار لهذه الغاية. وأشار التقرير إلى أن المشروع يُعتبر خطوة مهمة ومطلوبة لإقامة مشاريع نقل مشتركة تعود بالمنفعة الاقتصادية والاجتماعية على دول المنطقة، خصوصاً أنه يجعل من سورية بوابة رئيسة لنقل الركاب والبضائع من الدول الأوروبية إلى الدول المجاورة ومنطقة الخليج، إذ يزيد كمية البضائع المنقولة بالترانزيت من أوروبا إلى دول الخليج، ويساهم أيضاً في زيادة حركة الركاب وتطوير الحركة السياحية، خصوصاً بعد وصله بالسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين.
ونقلت «المزايا» عن إحصاءات لاتحاد منتجي الدواء العرب تبوؤ سورية المرتبة الثانية عربياً من حيث تصدير الدواء بقيمة تبلغ 210 ملايين دولار، بعد الأردن التي سجلت 370 مليون دولار. وتحل بعد سورية مصر فالإمارات. وبين التقرير أن نحو 65 معمل أدوية تعمل في البلاد، يخدم 80 في المئة منها السوق المحلية ويلبي حاجاتها المقدرة بـ 550 مليون دولار، فيما تمكن الدواء السوري من الدخول إلى 54 دولة عربية وعالمية، ليصبح الأول في العراق واليمن. وشدد التقرير على أهمية معالجة قضايا جوهرية لحماية الإنتاج الدوائي السوري خصوصاً مع دخول سورية منظمة التجارة التي تمنع تصنيع أي دواء جديد في غير مصنعه الأم، وتفرض شروط حماية كبيرة على هذه المنتجات، وستكون سورية وغيرها من الدول مضطرة لشراء الدواء من مصدره الأصلي والخضوع لسعره المرتفع.
وأشارت «المزايا» إلى أن قيمة الصادرات الغذائية السورية بلغت العام الماضي 148 بليون ليرة (أي نحو 3.2 بليون دولار). ولاحظ التقرير أن نحو ألفي منشأة صناعية تعمل في مجال الصناعات الغذائية وتشغل آلاف العمال السوريين. وأشاد التقرير بالخطوة التي تهدف إلى ضمان جودة المنتجات الغذائية السورية، إذ دشنت وزارة الصناعة بالتعاون مع غرفة صناعة دمشق، مركزاً تخصصياً تكنولوجياً غير ربحي لتطوير الصناعات الغذائية وتأمين المختبرات المؤهلة والعمالة المدربة. وسيكون من وظيفته إصدار شهادات الاختبارات والتحاليل للصناعات الغذائية سواء المنتج والمباع أو المعد للتصدير أو المستورد.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد