عنان في بيروت لاستكمال تطبيق القرار 1701.
سوف أقوم بجهدي لأجل رفع الحصار خلال ايام قليلة. والقوات الدولية مهتمة بمساعدة لبنان على بسط سلطته ولا علاقة لها بملف سلاح حزب الله، وهي غير معنية بالانتشار على الحدود مع سوريا. وإن الأمم المتحدة تريد مساعدة لبنان على اعادة الإعمار بعد الحرب”.
كانت هذه خلاصة المواقف التي ابلغها الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان الى كل من التقاهم في بيروت امس، برغم انه أكثر الشرح بشأن ضرورة تطبيق القرار 1701 وأبدى اهتماماً خاصاً بمصير الجنديين الاسرائيليين مع تكرار لوعد منه بضمان حرية الاسرى اللبنانيين.
وتوقف انان عند “سبع نقاط” أساسية في مداخلته هي: تطبيق القرار 1701 وفق التفسير الذي تعطيه المراجع المعنية في الأمم المتحدة، نقل الأسيرين الإسرائيليين الى عهدة الصليب الأحمر الدولي من دون شروط مسبقة، مصير سلاح المقاومة في عهدة الحوار الداخلي اللبناني ــ اللبناني، ضرورة قيام علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا، ضبط الحدود اللبنانية ــ السورية والمرافئ الجوية والبحرية، ومعالجة وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في عهدة مجلس الأمن الدولي والمساعدة في عملية اعادة الإعمار، لافتاً الى اهمية مؤتمر استوكهولم والتحضير الجيد له.
وعقد أنان اجتماعات مع كل من الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة وعدد من الوزراء وعرض معهم الأمور بمجملها. توقف أنان مع بري عند الحصار، وأنه يسعى الى فكه سريعاً. وردّ عليه بري بأن الحكومة اللبنانية تحملت الكثير، لكن المجلس النيابي والناس في لبنان لن يتحملوا اكثر من ذلك. وأوضح بري لأنان أن ملف الاسرى لم يعد عنده، وأنه سبق أن ابلغ هذا الموقف الى وزراء خارجية فرنسا وايطاليا واليونان وألمانيا. وقال: “خلال فترة الحرب كانت هناك عوائق امنية تحول دون تحرك قيادة حزب الله، والآن صار الامر اسهل، وقد يكون الوزير محمد فنيش مفوضاً بالأمر او غيره” وذلك في معرض لفت بري انتباه انان الى أن بمقدوره مناقشة الامر خلال لقائه فنيش.
وأبلغ بري انان أنه يتجه إلى الطلب من الدول العربية تسيير رحلاتها مباشرة الى مطار بيروت الدولي من دون التوقف في عمان، وأبدى انان تفهمه لهذه الخطوة.
وتكتمت مصادر حكومية على ما دار بينه وبين الرئيس السنيورة الذي اكّد أنه شدّد على ضرورة رفع الحصار في أسرع وقت ممكن، وتوفير مساعدات للبنان لمواجهة النكبة الناتجة من العدوان.
وبعد اجتماع صباحي تحضيري بين السنيورة والقادة الامنيين (باستثناء اللواء وفيق جزيني الذي لم يُدع أيضاً الى الاجتماع المسائي)، عقد اجتماع مسائي مع انان والوفد المرافق له وجرى عرض لتفاصيل عسكرية تخص الانتشار جنوبي نهر الليطاني والإجراءات المتخذة على المعابر كلها. ونقل عن انان ارتياحه الى ما قام به لبنان، وأنه سينقل كل هذه الاجواء الى اسرائيل ويتمنى ان تكون الامور جيدة.
في هذه الاثناء، كانت قوات الجيش توسع انتشارها جنوباً، وكان البارز امس تسلّم كل المناطق والنقاط التي كانت عادة تحت سيطرة المقاومة. وفُهم أن هناك خطوة كبيرة من جانب القوة الدولية تتمثل في نشر قوة منها على الخط الممتد من المجيدية والغجر حتى سفح جبل الشيخ لتقيم منطقة عازلة بين الجيش اللبناني وبين المناطق التي تحتلها اسرائيل.
وعن الاجتماع بين انان وفنيش، الذي حضره ممثل الامين العام في بيروت غير بيدرسون، قالت مصادر مطّلعة إن البحث تركز على الآتي:
ملف الاسرى: قال انان انه مهتم أوّلاً بالاطلاع على احوال الجنديين الاسرائيليين، متمنياً أن يسمح الحزب لوفد من الصليب الاحمر بزيارتهما. وقال انه يفضّل ان يعمد الحزب الى تسليمهما الى الحكومة اللبنانية او الى الصليب الاحمر الدولي. وأنه يتعهد بأن يُطلق لاحقاً الاسرى اللبنانيون. وأشار الى أن ايهود اولمرت وحكومته في وضع صعب، وربما هو في حاجة الى هذا الامر، لكنني ــ قال انان ــ لا اطلب منكم توفير مساعدة له.
ملف السلاح: قال انان إن القوات الدولية القادمة الى لبنان غير معنية لا من قريب ولا من بعيد بسلاح حزب الله، وإن هذا الامر متروك للشعب اللبناني الذي يقرر ما يفعل به. وإن الأمم المتحدة تعتقد أن الحزب قوي بما فيه الكفاية ليؤدّي دوراً سياسياً كاملاً في لبنان. وأعلن ترحيبه بموقف الحزب من الخطوات الدولية ومن انتشار الجيش اللبناني ومن انتشار القوات الدولية في الجنوب.
ملف الحل النهائي: قال انان إنه مهتمّ بالعمل على توفير عناصر النجاح لتأمين الحل الدائم، وهو مقتنع بأن الحل الإجمالي للوضع في المنطقة يوفر الاستقرار الشامل. وإن ملف مزارع شبعا صار الآن تحت نظر مجلس الامن والمجتمع الدولي.
ملف الحدود مع سوريا: أكّد انان أن القوات الدولية سوف تنتشر فقط في الجنوب، وسوف تساعد الحكومة اللبنانية على التدابير المتخذة في المطار والمرافئ الدولية، وأنها غير معنية نهائياً بالانتشار على الحدود السورية.
وردّ فنيش بأنه غير مخوّل البحث بهذا الامر، وأن الرئيس نبيه بري هو المفوض الحصري. فقال انان إن بري اعلن أن ليس له علاقة بالامر، فأوضح فنيش ان موقف الاخير جاء ردّاً على وضع معين. وبأي حال، فإن الملف متروك لمفاوضات غير مباشرة هناك من يهتم لأمرها ويتابعها.
ولفت فنيش انان الى أن عليه بذل جهد كبير لاستعادة صدقية المنظمة الدولية التي انهارت. وقال له: لماذا يتحدث موفدك تيري رود لارسن بعكس ما تقوله انت عن سلاح المقاومة وعن الوضع على الارض. وهو حاول تبرير الاعتداءات الاسرائيلية. فقطع الحديث بيدرسون وقال: “يبدو ان هناك سوء فهم لتصريحات لارسن” لكن فنيش طلب من بيدرسون ان يزوّد انان نسخاً من التصريحات. كما ذكّره بما دار في الاجتماع بينه وبين السيد حسن نصر الله والإشارة الى أن الاستقرار يكون من خلال اطلاق الاسرى وتسليم خرائط الالغام والانسحاب من مزارع شبعا.
وفي الاجتماع الموسّع مع عدد من الوزراء، نُقل عن انان أن الوضع القائم في المطار، وما هو قائم بين بيروت وعمان سيستمر على حاله، وكذلك في المرفأ، وقال: “ليس لدي اي وعد أقطعه بشأن المطار والمرفأ، هناك عمل كثير يجب أن نقوم به على اكثر من مستوى في اسرائيل ولبنان، وأعتقد أن أي تقدم على مستوى ضبط المعابر البرية والبحرية والجوية لمنع ادخال السلاح، سيؤدي حتماً الى نتائج ايجابية”.
وأضاف:“سأكمل عملي في اسرائيل قبل أن أعطي أي جواب نهائي”.
وقال أحد الوزراء من الذين شاركوا في اللقاء انه ردّاً على سؤال احد المشاركين عما قصده بـ “المرجع الصالح” لتفسير القرار الدولي قال انان: “لديكم الجنرال بلليغريني في الجنوب، وأنا مستعدّ للإجابة عن اي سؤال”.
وفي اللقاء الوزاري الموسّع تحدّث الوزير جو سركيس فلفت الى ضرورة التوصل الى حل شامل ودائم، فلا تتكرر المأساة كل عقد من الزمان. اما الوزيرة نائلة معوض فقد وجّهت عبر أنان، ما سمّته “رسالة الى الرئيس الأسد” عندما يلتقيه، ومفادها ضرورة “احترام حرية وسيادة واستقلال لبنان”. اما الوزير مروان حمادة، فقد توسع في شرح ما سمي بـ“التعاطي السوري السيئ مع لبنان”. كما كانت مداخلة للوزير محمد خليفة تحدث فيها عن الوضع الطبي والصحي في لبنان وحاجاته لمواجهة آثار الحرب ونتائجها. اما الوزير طلال الساحلي فقد قدم جردة بالأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني داعياً الى ضرورة الاتصال بالدول المانحة للتدخل والدعم السخي.
والتقى أنان ايضاً على هامش اجتماعه بالوزراء بوزير العدل شارل رزق الذي كان قد توجه إليه في الاجتماع الموسع بسؤالين: الاول كيف سيوجد حلاً لمزارع شبعا في 30 يوماً وقد انقضى نصف المدة؟ والثاني ان لبنان ليس جزيرة وكان يقال سابقاً ان المشكلة اسرائيلية ــ عربية فأضحت الآن اميركية ــ ايرانية. لم يجب انان، الا انه اوفد الى رزق رود ــ لارسن ناقلاً اليه رغبته في الاجتماع به منفرداً فالتقيا. وقال انان لرزق ان مهلة الـ30 يوماً بحسب القرار 1701 هي لوضع تصور لا لوضع حل. لكن رزق لمس من حواره مع انان ان الاخير منفتح على التحاور مع دمشق وطهران.
إضافة تعليق جديد