سوريا تدرس طلب الشراكة وقد لا توقع هذا العام
أبدت سوريا، أمس، موقفاً متحفظاً من دعوة الاتحاد الأوروبي لها للتوقيع على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية في 26 تشرين الأول الحالي، حيث أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن بلاده ستدرس الطلب الذي أرسلته الرئاسة الحالية للاتحاد، وهي السويد، وأن هذه الدراسة قد تستغرق وقتاً، ملمحا إلى أنها قد لا تتم خلال الرئاسة الحالية، والتي تنتهي بنهاية العام الحالي.
من جهته، دعا الرئيس بشار الأسد أوروبا إلى تحمل مسؤولياتها لرفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني في غزة. وأشار خلال لقائه رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، في دمشق، إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه أوروبا في عملية السلام. وتأتي زيارة ثاباتيرو إلى دمشق بعد يوم من اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك اوباما في واشنطن.
وذكر بيان رئاسي أن الأسد بحث مع ثاباتيرو، الذي يرافقه وزير الخارجية ميغيل انخيل موراتينوس، «العلاقات الثنائية والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي وجهود السلام والأوضاع في المنطقة». وأضاف البيان أن الأسد شرح لثاباتيرو «متطلبات عملية السلام المتوقفة بسبب عدم جدية الطرف الإسرائيلي»، مؤكدا «أهمية الدور الذي يجب أن تؤديه أوروبا، إلى جانب الولايات المتحدة، في إرساء أسس السلام العادل والشامل في المنطقة، خاصة أن إسبانيا سترأس الاتحاد الأوروبي مع بداية العام المقبل».
كما تمّ التطرق إلى «الأوضاع المأساوية التي يقاسيها الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي، حيث أكد الأسد على ضرورة تحمل المجتمع الدولي، خصوصاً الاتحاد الأوروبي لمسؤولياته لرفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني في غزة، وفتح المعابر وإنهاء الحصار، ووقف الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة».
بدوره أكد ثاباتيرو، الذي التقى نظيره السوري محمد ناجي عطري وزار الجامع الأموي وسوق الحميدية، «أهمية الدور الإيجابي لسوريا»، وأعرب عن «تقدير الملك خوان كارلوس والحكومة الإسبانية والشعب الإسباني لدور سوريا المهم في أمن المنطقة واستقرارها».
كما تمّ استعراض العلاقات الثقافية والاقتصادية بين البلدين، حيث أكد الجانبان «حرصهما على تشجيع الاستثمار بين البلدين والاستفادة من توسع التعاون بين دول المنطقة، خاصة بين سوريا وتركيا، وان تصب رؤية واستراتيجية الحكومات في خدمة التكامل الاقتصادي بين هذه البلدان».
واعلن المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع موراتينوس، أنه تلقى دعوة من نظيره السويدي للتوقيع على اتفاق الشراكة السورية الأوروبية في 26 الحالي، موضحاً أن هذا الطلب سيخضع للدراسة، مضيفاً بلهجة ساخرة انه يتمنى على نظيره الاسباني أن يشرح له معنى هذا الاتفاق.
وأعرب المعلم عن مفاجأته بالموافقة الأوروبية. وقال «هذا الاتفاق جمّد من قبل الاتحاد الأوروبي في العام 2004 لذا لا بد أن تدرس الحكومة السورية كل التفاصيل المتعلقة بالاتفاقية، وإن أنجزت الدراسة خلال الرئاسة السويدية، وإلا فخلال الرئاسة الاسبانية»، مشدداً على ضرورة أن «نقف على أرض صلبة في ما يتعلق باتفاق الشراكة».
وأكد المعلم أن المباحثات التي أجراها الأسد وثاباتيرو تناولت العلاقات الثنائية وضرورة تعزيزها وتطويرها في المرحلة المقبلة. وأضاف «جرى البحث في الأوضاع في المنطقة وعملية السلام المتوقفة وسبل إحيائها، بالإضافة إلى الوضع في العراق ولبنان».
ورداً على سؤال يتعلق بتشكيل الحكومة اللبنانية، أعرب المعلم عن أمله في أن تشكل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن، متمنياً (بإصبعين متشابكين) الحظ السعيد للبنان في ذلك.
وأعرب عن رغبة سوريا بتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وقال «نحن نريد أن تتحقق المصالحة ونسعى لتشجيع الأطراف من أجلها»، مشيراً إلى أنه لم يلتق قيادة حركة حماس منذ مدة.
بدوره، أوضح موراتينوس أن العلاقات السورية الإسبانية، والزيارة التي يقوم بها ثاباتيرو، تتضمن «ثلاث رسائل مهمة تمثل ثلاث نتائج مهمة، أولها العلاقات الجيدة وتطويرها بين البلدين»، مشيراً إلى أنها «علاقات تتميز بانسجام الرؤى ووجهات النظر، وسنسعى لعكس الجو الإيجابي على علاقاتنا الاقتصادية والتجارية.. وستقوم وزيرة الدولة للشؤون التجارية بزيارة إلى سوريا، برفقة مجموعة من ممثلي الشركات ورجال الأعمال الإسبان، ليعكفوا على ما يمكن القيام به في سوريا».
أما الرسالة «الهدف» الثانية فهي «كيف يمكننا (سوريا واسبانيا) أن نقوم بدفع عملية السلام وتحقيقه»، مشيراً إلى أن «سوريا دولة فاعلة في الشرق الأوسط وتلتزم بالسلام، ولها اهتمام بتفعيل المفاوضات مع إسرائيل».
وأوضح موراتينوس أن الرسالة الثالثة «تتمثل في الاتحاد الأوروبي بشكل محدد، والعلاقات بينه وبين سوريا لا سيما أن اسبانيا ستتولى رئاسة الاتحاد ابتداء من كانون الثاني العام 2010، وهي كما جاء في حديث الأسد اقرب البلدان الصديقة في إطار الاتحاد الأوروبي إلى سوريا وتمثل محركاً لتحقيق السلام».
وشدد على وجوب اغتنام وجود إدارة أميركية جديدة لتحقيق السلام. وقال «ثاباتيرو أعرب خلال مقابلته أوباما عن استعداد اسبانيا لدعم عملية السلام»، مضيفا «أكد أوباما خلال اللقاء التزامه القوي بدعم السلام في الشرق الأوسط وأمل أن تعمل معه إسبانيا في هذا الموضوع، ليس لأنها ستترأس الاتحاد الأوروبي وحسب بل ولصداقتها مع بلدان المنطقة. ستكون هناك فرصة لألتقي المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل، وسأبحث معه المستجدات التي تشجع على تفعيل مفاوضات السلام حتى نستطيع أن نحقق السلام الذي نصبوا إليه».
ولفت موراتينوس إلى أن الجانب الإسباني بحث مع الأسد «تفاصيل المسارين السوري والفلسطيني. وقال «خضنا في التفاصيل، ولكن التفاصيل ليست بالسهلة والسلسة. نحن مستعدون لدعم هذه المساعي (التركية) لثقتنا بأهمية تفعيل المسار السوري، وإسبانيا لها علاقات جيدة مع كل الأطراف، سوريا وإسرائيل وتركيا»، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً امس الاول من وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك يتعلق بالزيارة التي سيقوم بها ثاباتيرو إلى إسرائيل، موضحاً أن رئيس الحكومة «سيبذل جهده مع إسرائيل لتشجيعها على الانخراط بشكل أكثر فعالية في عملية السلام، لأن هذه اللحظة تمثل أنسب لحظة وأحرجها في الوقت ذاته، فالسلام أصبح ضرورياً بعد 60 عاماً من النزاع، وهو مسؤولية تلقى على عاتق المجتمع الدولي، وجميع الأطراف مطالبة ببذل جهدها لتحقيقه».
وحول المسار الفلسطيني، قال موراتينوس «نعرب عن فرحتنا لأننا سمعنا خبراً يتعلق بتوقيع فتح على اتفاق المصالحة المقترح من مصر، وننتظر أن تقوم حماس بالمثل، لأن ذلك يعزز الصف الفلسطيني وهذا يمثل دفعة جيدة لعملية السلام».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد