الاسمنت في سورية أزمة تنفرج وواقع استثماري دون الطموح
بعد النقص الكبير في مادة الإسمنت خلال الشهور الماضية بدأ الحديث عن مشكلة تصريف هذه المادة سواء ضمن مخازن المؤسسة العامة للإسمنت أو مخازن مؤسسة عمران المعنية أصلاً بالتصريف 0 فحاجة السوق المحلية تتراوح بين 7ـ8 ملايين طن سنوياً تنتج منها معامل المؤسسة العامة للإسمنت مع دخول معمل حماة الجديد مرحلة الإنتاج ما بين 5,6ـ5,8 ملايين طن حيث يقدر إنتاجه بمليون طن خلال هذا العام ويعني هذا أن هناك فجوة ما بين العرض والطلب تقدر ب 1ـ2 مليون طن سنوياً يتم تداركها من خلال السماح للقطاع الخاص باستيراد هذه المادة لردم هذه الفجوة قدر الإمكان 0
في بداية كل عام تقوم المؤسسة العامة للإسمنت بإعلام مؤسسة عمران بخطة تسليمات الإسمنت حيث تعطيهم الخطة المعتمدة كل شهر 0 وفي الشهرين الماضيين كان الإستجرار قليلاً بسبب قلة الطلب الناتج عن عوامل جوية الذي انعكس سلباً على حركة البناء إضافة إلى الركود الاقتصادي الأمر الذي دفع وزارة المالية إلى تخفيض سعر الطن من 6500 ل س إلى 6000 ل س
يقول الأستاذ حسان العش مدير الإنتاج في المؤسسة العامة للإسمنت : كانت استجرارات مؤسسة عمران ضعيفة ولهذا لم نتمكن من تحقيق خطة التسليمات المفترضة للمؤسسة والسبب يعود لها وليس لنا 0 فنحن كنا مستعدين لذلك والدليل أن مستودعاتنا ومستودعاتهم كانت مليئة بالإسمنت وكلامي هذا كان في الشهرين الأول والثاني ومنتصف الثالث أما في النصف الثاني من الشهر الثالث بدأت زيادة التسليمات وقامت مؤسسة عمران باستجرار الكميات المخطط لها 0 حالياً هناك استجرار ومؤسسة عمران تسحب كميات لا بأس فيها ومستودعات المؤسسة كانت مليئة والآن صار يسحب منها والسبب حركة الإستجرار الجديدة 0
السيدة ماري ديراني مديرة الشؤون المالية في المؤسسة العامة للإسمنت قالت:
المعامل السورية طاقاتها محدودة بالرغم من وجود معمل جديد وحديث ومتطور باشر الإنتاج في حماة بدعم من الجانب الإيراني الذي قام بتنفيذ المشروع 0
وعن آلية تسعير مادة الإسمنت في سورية قالت السيدة ديراني : الإسمنت مادة محررة بالنسبة لتجار القطاع الخاص ولكن كانت هناك أزمة كما تعرف ولحل هذه الأزمة سمحت رئاسة مجلس الوزراء للتجار باستيراد هذه المادة والجهات التي تحدد سعر المبيع هي :وزارات الإقتصاد والمالية والصناعة إضافة إلى المؤسسة العامة للإسمنت ومؤسسة عمران والسيد رئيس مجلس الوزراء يصدر الموافقة لتحديد سعر المبيع
نحن كمؤسسة تعطينا الحكومة ما نتكلفه إضافة إلى هامش ربح محدود 0
ونقطة القوة لدينا كشركات اسمنت هي أننا ننتج في لب البلد وبالتالي فإننا نوفر أجور نقل كبيرة 0
بعد أزمة الركود الإقتصادي انخفض سعر الطن إلى 6000 ل س بعد أن كان 6500 ل س وبعد توفر المادة بكثرة تم إيقاف الإستيراد علماً أن قانون الإنفاق الإستهلاكي ينص على أن كل منتج سواء كان قطاعاً عاماً أو خاصاً منتج أو مستورد يدخل القطر مبلغ 1400 ل س على كل طن 0
بعد قرار التخفيض شهدت حركة البيع في كل المراكز ارتفاعاً ملحوظاً وبنسبة 200% والغاية هي خلق نوع من التوازن بين العرض والطلب من خلال التنسيق بين مختلف المراكز من أجل تنشيط حركة البيع فيما بينها مع تأكيد العديد ممن التقيناهم في هذه المراكز على أن كافة الكميات الموجودة في مستودعات مراكز المؤسسة تقع ضمن الفترة الزمنية المخصصة وتباع قبل انتهاء فترة الصلاحية بحوالي الشهر 0
ومن الأمور التي أثارت نوعاً من الجدل نوعية الأكياس التي يتم تعيينها في معامل الإنتاج والتي تتمزق بسهولة الأمر الذي يحّتم وجود كميات كبيرة من الإسمنت (الفرط) في المستودعات حيث يتم تحميله مع الكميات التي تباع للمستهلكين إضافة إلى وجود الأكياس المعبأة حديثاً وبأعداد كبيرة والمشكلة أن التاريخ المدون عليها قديم نسبياً الأمر الذي يخلق نوعاً من سوء الفهم والإشكال مع المستجرين للمادة رغم توضيح المعنيين أن تاريخ التعبئة غير ذلك المسجل على الأكياس 0
ومن المشاكل الأخرى وجود فارق بسيط نسبياً في السعر لصالح مراكز المدينة عن مراكز الأرياف ومرد ذلك إلى فارق الرسوم والضرائب بين المحافظتين حيث نفت لنا مؤسسة عمران أية مسؤولية لها عن هذا الفارق وعزته إلى قرار المحافظة 0
يبلغ عدد مراكز مؤسسة عمران وفروعها حوالي 154 مركزاً منتشراً في كافة محافظات القطر وتخضع عمليات التخزين بشكل أساسي شروط الرقابة والتعليمات المتعلقة بذلك حيث يتم توزيع الإسمنت على الفروع وفق نسب مبيعات كل فرع والمشاريع الاستثمارية في كل محافظة وتعاد دراسة هذه النسب وتوزيع المادة بين الفروع حسب إنتاج المعامل والظروف المتوفرة للبيع في كل فرع 0
جاء قرار التخفيض ومن بعده منع الإستيراد من قبل القطاع الخاص ليزيد من مبيعات المؤسسة بحدود 5ـ6 آلاف طن يومياً وبناء عليه وضعت مؤسسة عمران خطة لإستجرار كامل إنتاج مؤسسة الإسمنت من أجل توفير المادة وتحاشياً للوقوع في الأزمة مجدداً حيث تستجر عمران حالياً حوالي 125 ألف طن بزيادة حوالي 3 آلاف طن عن خطة الإستجرار وتبيع يوميا بحدود 25ـ28 ألف طن 0
كما يقدر المخزون الموجود لدى المؤسسة حالياً بحوالي 50 ألف طن ينخفض بشكل يومي مع حركة المبيعات 0
والجدول التالي الذي زودنا به السيد غسان السبع مدير الإسمنت في مؤسسة عمران يوضح حركة مادة الإسمنت خلال العامين الماضيين والربع الأول من هذا العام وفق ما يلي :
العام المستلم المبيعات الاستيراد
عام خاص
2007 4814059 4983469 99640 1519658
2008 5282428 5251928 112500 1112690
2009 الربع الأول
المستلم 1079250 طن
المباع 1098480 طن
الرصيد في بداية العام : 1426500 طن
الرصيد لغاية الربع الأول : 80000 طن
وخلال الربع الأول من العام اتخذت المؤسسة عدة إجراءات منها :
ـتم البيع بموجب البطاقة العائلية لكمية 5طن
ـ تخفيض بعض الإجراءات عن ثبوتيات المتعاملين
ـ منح الحرفيين كامل مخصصاتهم وبنسب تم الاتفاق عليها بموجب اجتماع مع اتحاد الحرفيين في سورية
ولقد بلغت المبيعات بموجب البطاقة العائلية لغاية 27ـ4 كمية 423826 طن وبنسبة 48% من مبيعات المؤسسة خلال فترة الشهرين 3 و4
وبلغت المبيعات خلال شهر نيسان ولغاية 27ـ4 كمية 549035 طن
وبلغ المستلم الفعلي خلال شهر نيسان ولغاية 27ـ4 كمية 477661 طن
وتقوم المؤسسة بشكل يومي بمتابعة حركة المادة بين الفروع ومراقبة المخزون
كما يتم التنسيق مع المؤسسة العامة للإسمنت بشكل يومي وشهري لمتابعة استلام المادة من المعامل وتوزيعها بين المحافظات حسب حاجة كل محافظة ونشاطها العمراني ومشاريعها الاستثمارية حيث بلغت خطة المؤسسة العامة للإسمنت خلال عام 2009 كمية 5450000 طن وعام 2008 كمية 5600000 طن وعام 2007 كمية 4803000 طن
انعكست الأزمة الاقتصادية بشكل مباشر على سوق الإسمنت في سورية حيث قامت دول الجوار التي كانت تصدر لنا بتخفيض أسعار بيع الإسمنت إلى النصف الأمر الذي أتاح لتجار الإسمنت السوري استيراد كميات كبيرة من هذه الدول ضعف ما كان يستورد سابقاً 0 ومع هيمنة الركود الإقتصادي فإن حاجة السوق السورية للإسمنت انخفضت مع انخفاض الأسعار في دول الجوار إلى نحو النصف وبات سعر الإسمنت المستورد يماثل أو يقل عن سعر الإسمنت الوطني إضافة إلى نشاط عمليات التهريب التي تخسر بموجبها خزينة الدولة 1400 ل س عن كل طن وراح الإسمنت المهرب ينافس كلاً من الإسمنت المحلي والمستورد معاً وانخفض الإستجرار من 22ألف طن إلى 12 ألف طن الأمر الذي دفع وقتها كلاً من مؤسسة عمران والمؤسسة العامة للإسمنت إلى عقد اجتماع مشترك وقدمت اللجنة المشتركة التي شكلت لهذا الغرض مقترحاتها إلى الحكومة والتي تمثلت في تخفيض سعر الإسمنت المحلي ليتوازن مع سعر المستورد وبعد أن قلت حاجة السوق المحلية لهذه المادة كان اقتراح وقف الإستيراد الذي جعل من سوقنا المحلية متنفساً لأسواق الجوار لتحل أزماتها بنفسها بدلاً من نقلها إلينا 0
وهكذا ظهر قرار تخفيض السعر ومنع الإستيراد في سياق دعم المنتج الوطني وحمايته 0
إن صناعة الإسمنت تعتمد على وجود مواد أولية (حجر كلسي ـبازلت ـ غضار ـ رمل ـ خام ـحديد) وهذه المواد متوفرة بكثرة في مناطق مختلفة من سورية وغالباً ما تتمركز أغلب هذه المواد بالقرب من مصانع الإسمنت 0
وفي السنوات الأخيرة قامت الحكومة بمنح رخص إنشاء مصانع الإسمنت لبعض المستثمرين من أجل وقف الإستيراد وتغطية كامل الاحتياجات ليتم بعدها تصدير الفائض 0
وفي المقابل لم تكن هناك خطوات جدية من قبل الكثير من الشركات التي حازت على هذه التراخيص ولم تنفذ ما عليها الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذا النزيف المستمر وغير المبرر للاقتصاد الوطني الذي خسر الكثير الكثير ولا يزال يخسر 0
محمد عيد
بورصات وأسواق
إضافة تعليق جديد