المصارف الخاصة: قصور في التمويل الصغير وثبات دائرة المستهدفين
ما ان بدأت المصارف الخاصة عملها في السوق المصرفية حتى انتعشت الامال خاصة بالنسبة لفئات الدخل المحدود يعتبر هؤلاء قرض السكن او السيارة او قرض مشروع صغير حلم حياتهم وتساءل كثير منهم عن كيفية تحقيق ذلك, وبأي شروط وما هي الضمانات المطلوبة.. اليوم وبعد اربع سنوات تقريبا من العمل المصرفي اصبح السؤال عن دور هذه المصارف وما الذي قدمته على صعيد التمويل الصغير؟! ولماذا عجزت عن توسيع دائرة المستهدفين؟!
عمليا سمح الاصلاح المصرفي بتنوع المنتجات المصرفية الاستهلاكية التي لم تكن متوفرة من قبل كالقرض السكني الذي سقفه حاليا في المصرف العقاري 1.5 مليون وهو مبلغ غير ملائم لاسعار العقارات المرتفعة بينما في بعض المصارف الخاصة يمكن ان يصل تمويل عملية شراء لنسب شبه كاملة, كذلك الامر بالنسبة لقرض السيارات الذي يغطي تقريبا نحو 90% من قيمة السيارة وقروض التعليم مدى الحياة لكن الشروط التي اتت بها هذه المصارف الخاصة لا تنطبق الا على شريحة معينة من المجتمع والمواطن ذو الدخل المحدود ظل خارجها اكثر من ذلك فان الاخيرة تغيب عنها حتى الان الخطط التسويقية التي تتوجه نحو شرائح اخرى من المجتمع السوري بعد اشباع شريحتها المستهدفة وهي الشريحة ذات الدخل الثابت والمنظم على اعتبار ان التوجه لجميع الشرائح يتطلب مصرفا ضخما بامكانيات كبيرة جدا فيما المصارف الخاصة التي تم احداثها ذات امكانيات محدودة .
ويمكن النظر الى مشكلة عدم تلبية المصارف للشرائح الواسعة من المواطنين من زاويتين.. الزاوية الاولى: ان القطاع المصرفي لا يستطيع بمفرده معالجة مشكلة قطاع الدخل المحدود انما يحتاج الامر الى دعم حكومي واضح ومتكامل مع القطاع المصرفي للقروض الصغيرة التي ستؤدي بدورها الى رفع الاجور بشكل غير مباشر.
الزاوية الثانية: هي ان المصارف الخاصة مهما حاولت توسيع وتسهيل قروضها فانها لا يمكن ان تصل الى ذوي دخل الـ(10) الاف ليرة او (15) الف ليرة خصوصا وان الشريحة المحدودة الدخل تشكل اكثر من 60% من المجتمع السوري الامر الذي يجعل المواطنين لا يشعرون بخدمات القطاع المصرفي.
يقول مصرفيون( ان قروض المصارف الخاصة لم تصل الى حالة من الثبات تستطيع القول إنها القروض التي تنشدها وهذا يحتاج الى المزيد من الوقت لتوسيع دائرة الشريحة المستهدفة علما ان المصارف تعمل على تخفيف شروط قروض الدخل المحدود حسب حاجة السوق ولجهة الافادة منها اكثر).
على صعيد التمويل الصغير اثبتت تجربة المصارف الخاصة انها لا تحبذ الخوض في غمار تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي قصورها في تقديم مثل هذا التمويل جعل تلك المشروعات رهن الدعم الحكومي المطالب بزيادة غلة تمويله لهذه المشروعات التي وجدت بالأساس لتأمين دخل لأصحاب المشاريع ولتأمين فرص عمل عجزت الحكومة عن تأمينها.
وكان صدور المرسوم التشريعي رقم (15) للعام 2007 الذي سمح بموجبه لمجلس النقد والتسليف بالترخيص لاحداث مؤسسات مالية مصرفية اجتماعية تهدف الى تقديم التمويل الصغير المتناهي الصغر خطوة ايجابية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي باعتبار انها ستكون رديفا مكملا لعمل المصارف الخاصة وستلبي حاجة الشريحة الكبرى من السكان التي هي بحاجة الى تمويل صغير ولا تجد طلبها في المصارف العاملة حاليا نتيجة سياستها التسليفية التي لا تتوجه اليهم.
وعلى الرغم من ان التمويل الذي تقدمه هذه المؤسسات ضروري جدا او بحاجة الى دعم المصارف الخاصة عبر اقراضها لتقرض بدورها تلك الشريحة غير ان الاخيرة تعتبر ان الاستفادة من اي اقتراض مصرفي يجب ان يعتمد بشكل اساسي على المعلومات كونها لا تضع عائدا للمستثمر عن طريق مخاطرة التدفق النقدي للمقترض فكلما انخفض مستوى الدخل قلت المعلومات عن الاشخاص الامر الذي يتطلب دورا فعالا للمشرع والقطاع المصرفي لجهة زيادة المعلومات عن ذوي الدخل المحدود.
يشير باسل الحموي مدير بنك عودة الى ان المصارف الخاصة اقرضت الشريحة المتوسطة من المجتمع السوري التي لديها دخل منظم بشكل جيد اما الشريحة الادنى التي ليس لديها دخل ثابت هي الشريحة التي يصعب اقراضها نتيجة غياب المعلومات المتوفرة عنها وذلك سيحدث عندما تتواجد مكاتب الائتمان وهي مكاتب توفر المعلومات حول الاشخاص مما يساعد المصرف على اتخاذ قرار اقراض هذه الشريحة.
وفيما تؤكد هذه المصارف انها ماضية قدما في موضوع التمويل الصغير بانتظار الدعم الحكومي وتوسيع دائرة المستهدفين.
يبقى السؤال عن هوية هذه المصارف.. تجارية ام تنموية والمستقبل سيكشف ان كانت قواعد اللعبة ستتعمق ام ستتغير كليا؟!.
أمل السبط
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد