نجدة أنزور يستعيد ملاحم المقاومة
نجدة أنزور على بعد أمتار من الشريط الحدودي، إنّه سبق صحفي مثير للاهتمام. المخرج السوري وصل إلى بيروت مطلع الأسبوع الحالي، لينجز فيلمه الجديد «لحظة وفاء» (عنوان مبدئي) من كتابة السيناريست السوري فتح الله عمر، وإنتاج «الجمعيّة اللبنانيّة للفنون ــ رسالات» في باكورة أعمالها التلفزيونيّة والسينمائيّة. الشريط تتوزع بطولته على عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم: عمّار شلق وبولين حدّاد وسليم علاء الدين وسهير ناصر الدين، بمشاركة وفاء شرارة وعلي الزين وختام اللحّام. إذاً، دخل نجدة أنزور إلى عمق الجنوب اللبناني المحرّر في أيار (مايو) 2000، وتوقف طويلاً في منطقة النبطيّة وقرى حبّوش ودير ميماس والخردلي وصولاً إلى قلعة الشقيف. غير أنه لم يأت ليصوّر مشروعاً دراميّاً، عن عدوان تموز 2006 الذي ذكره مراراً في السابق، بل من أجل تجسيد العملية الاستشهاديّة النوعيّة التي نفّذتها المقاومة عام 1994 على طريق دير ميماس ـــ مرجعيون، وعُرفت بـ «عملية الشهيد الحي».
نصل إلى موقع التصوير في حبّوش. هنا، الجميع في حالة استنفار: المخرج يعطي توجيهاته إلى فريق التصوير لأخذ مشاهد طبيعيّة، سيستخدمها أثناء المونتاج والميكساج، وفريق أجنبي مختصّ في المؤثرات البصريّة والتفجيرات يحضِّر لمشهد آخر. فيما الأبطال ينتظرون إشارة المخرج قبل مغيب الشمس. عند انتهاء المشهد، وبينما يُشغل الشباب بنقل المعدات، يعرب أنزور عن سعادته بتحقيق مسلسليه «الحور العين» و«الجوارح» مراتب متقدّمة في الإحصاء الأخير لـ«اتحاد المنتجين العرب». ثم يثني على إنتاج «الجمعيّة اللبنانيّة للفنون» لسلسلة أفلام تلفزيونيّة وسينمائيّة عن عمليات المقاومة، «تعطي صورةً واضحة عن هؤلاء المقاومين، وكيفيّة التخطيط لعملياتهم، لأنه لا يكفي السلاح من أجل الانتصار. التخطيط جزء أساسي من روح المقاومة»... آملاً أن يتوّج لاحقاً، بعمل ضخم عن انتصار 2006، لأنّ هذا الانتصار «لم يأت من فراغ بل نتيجة عمل طويل وعمليّات نوعيّة للمقاومة. وهو انتصار هز العالم لا الشارع العربي فحسب، كما أعاد الثقة إلى العرب بجدوى المقاومة».
يتوقّف أنزور عند التسجيل الذي يصوّر العمليّة الأصليّة: «التصوير من بعيد لا يعطي الإبهار المطلوب. مع ذلك، يمكنك أن تشعر بعظمة ما حدث». ويشرح: «المعاينة على الأرض، تعطيك صورة أكثر وضوحاً عمّا تراه على الشاشة، ويتيح لك معرفة الإمكانات الهائلة التي تملكها المقاومة في التصدي لأي عدوان، وكيف يستطيع مقاوم أن يقطع الطريق على قافلة من الجنود الإسرائيليين يتجهون نحو القلعة (قلعة الشقيف)».
ونسأل المخرج عن إسناد كتابة النص إلى سيناريست سوري: هل يمكن أن يفي العمل حقّه؟ يوافق أنزور على أنّ «الكاتب السوري ليس ابن البيئة الجنوبيّة. لذا، حرصَ عمر قبل كتابة الفيلم على الاطّلاع على تفاصيل العمليّة بحذافيرها. وبأسلوبه وتكنيكه، نجح في خلق حبكة دراميّة جيّدة، مبنيّة على وقائع في الدرجة الأولى. أضف إلى ذلك المكان والملابس والبيئة، إضافةً إلى أنّ الشباب وضعوا جميع إمكاناتهم اللوجستية والعسكريّة والفنيّة، ما يضفي مزيداً من الواقعية كي لا يبدو العمل عادياً وهزيلاً».
يستغل أنزور المناسبة ليصوّب سهام نقده نحو «الدراما المصرية والسوريّة التي ترتكز على التطويل... هنا نحن في صدد فيلم عمدنا فيه إلى الاختصار والاعتماد على الأكشن، وأقوم بحذف أي مشهد لا يبدو مقنعاً. أظن أنّنا تمكنّا من تحقيق الشرط الفني والموضوعي». ويضيف: «هنا الإيقاع مشدود منذ اللحظة الأولى. وترصد الأحداث كيفيّة التخطيط للعملية قبل شهر واحد من تنفيذها، ويضيء على صبر المقاومين من أجل قطف الانتصار».
ومن جهته، يرى عمّار شلق أنّ الصورة في الفيلم أنضج منها في مسلسل «زمن الأوغاد»، وخصوصاً أنّه يرصد عمليّة حصلت بالفعل، وجرت قولبته دراميّاً مع كاتب جيّد، ووضع المخرج أنزور تعديلاته من أجل لغة سينمائيّة خاصة به. ويؤدي شلق شخصيّة مصطفى وهو قائد المجموعة العسكريّة الذي سيضطر إلى تنفيذ العمليّة وحيداً وقد لُقِّب بـ«الشهيد الحي». ويكشف «أنني سألت عن طريقة عيش المقاومين، وكيف يفكرون قبل لقاء الشهادة، وخصوصاً في ظرف مقاوم تركَ عائلته وانخرط في صفوف المقاومة».
تعوّل الشركة المنتجة «الجمعية اللبنانيّة للفنون ــ رسالات» الكثير على الفيلم، وقد استعانت بفريق أجنبي اشتغل في آخر أجزاء «جيمس بوند» للإشراف على تنفيذ المؤثرات والخدع البصرية». ويكشف مديرها علي ضاهر «أنّ الفيلم يأتي ضمن مروحة أعمال فنية تتنوع بين الأفلام الوثائقية والمسرح والسينما والموسيقى بالتوجّه نفسه»، مشدّداً على «أننا حرصنا على تأمين مختلف المستلزمات لظهور العمل على أفضل صورة».
رجال الحسم
يستعد نجدة أنزور لتصوير مسلسله الرمضاني «رجال الحسم» الذي كتبه فايز بشير في أولى تجاربه مع الكتابة الدراميّة وتنتجه شركة «الهاني» وقناة «أبو ظبي»، ويؤدي الأدوار الرئيسة فيه باسل خياط وفايز قزق ومنى واصف، إضافةً إلى نادين نجيم ملكة جمال لبنان السابقة ومايا نصري من لبنان. ويتوقف العمل في ثلاثين حلقة، عند الصراع مع العدو الإسرائيلي، أيام هزيمة 1967، ويضيء على الإحباط الذي عاشه المواطن العربي يومها، «ولا شك في أن جيل 67 يتذكر هذا الأمر جيداًَ». ويكشف أنزور أنّ «جميع العناصر باتت جاهزة لانطلاق عجلة التصوير في غضون أيّام».
باسم الحكيم
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد