قليل من التوضيح يحفظ نجاح التجربة:«الاجتياح»..دراماعربية مشتركة

01-12-2008

قليل من التوضيح يحفظ نجاح التجربة:«الاجتياح»..دراماعربية مشتركة

عندما أعلن فوز مسلسل »الاجتياح« بالجائزة الذهبية من جوائز الأكاديمية الدولية للفنون التلفزيونية »إيمي آوارد«، كان في الإعلان ما هو مغر ومثير للإعجاب، فمسلسل »الاجتياح« تجربة درامية عربية مشتركة، مجزية معنوياً، واستحقت التقدير العالمي الذي يدفعنا جميعاً إلى تكريس تجارب درامية مماثلة، تسقط فيها الهوية الإقليمية للمسلسل الدرامي، على نحو لا يصح فيه القول سوى أن هذا المسلسل عربي وحسب، وهو الأمر الذي بدأت تظهر ملامحه كاملة في الموسم الرمضاني الفائت مع مسلسلات »أسمهان« ملصق المسلسلو»عرب لندن« وغيرها.
لكن بعدها، ما حدث أن كثيرين أرادوا استثمار النجاح، فأعلنوا أن من فاز بجائزة »ايمي آوارد« هو المسلسل الأردني »الاجتياح«، وأن الأردن نجح في تقديم مسلسل حقق معه »إنجازاً كبيراً ونقلة كبيرة للدراما الأردنية«.
من حيث المبدأ، لا ضير في قليل من »الزهو«، خصوصاً أن المال الأردني أنتج المسلسل، لكن ثمة من بالغ في الحديث عندما قال إن التجربة الأردنية في مسلسل الاجتياح »ستدفع صناع الدراما ومستهلكيها في سوريا ومصر إلى إعادة حساباتهم وأولوياتهم المهنية«. في المبالغة ما يجافي الحقيقة، ويحتم علينا أن نعيد ترتيب الأوراق، لنحدّد هوية صنّاع »الاجتياح« الحقيقيين.
بداية، يسوق البعض أن مسلسل »الاجتياح« هو »دراما أردنية، حملت توقيع المنتج الأردني طلال عدنان عواملة وقام بأدوارها الرئيسية ممثلون أردنيون«، ولكن ما دام مسلسل »الاجتياح« أردنياً حقاً، فلماذا منع تصويره بالكامل في الأراضي الأردنية؟ ألا يستحق من احتضن تنفيذ العمل بعد أن لفظته الأراضي الأردنية، ومن ساهم في تنفيذه إشارة من قبل المحتفين بالجائزة العالمية باعتباره شريكاً في العمل؟
ليس هناك من أمر أكثر إحراجاً من اضطرار المرء أن يتحدّث بنفَس قطري ضيق، إلا أن قليلاً من الوقائع، ربما من شأنها إجهاض أي نعرة تريد النيل من تجربة عربية مشتركة تكاد تكون الوحيدة الناجحة في سلسلة مشاريعنا العربية المشتركة المحكومة بالخيبة.
لا نذيع سراً إن قلنا إن مسلسل »الاجتياح« تم تصويره بالكامل في الأراضي السورية، وبمساعدة كبيرة من القوات المسلحة السورية التي ساهمت بإنجاح هذا المسلسل إلى حد كبير، فقد قدمت الأسلحة التي ظهرت في المسلسل، بدءاً من البندقية وصولاً إلى الأسلحة الثقيلة ومنها الدبابات، كما قُدمت تسهيلات الكبيرة من قبل الحكومة السورية للعاملين في تنفيذ العمل ومنهم أجانب، هذا على الصعيد اللوجستي للمسلسل.
مجاميع الكومبارس التي ظهرت في المسلسل هي بالكامل سورية، وعدد من الأبطال الرئيسيين في العمل هم من نجوم الدراما السورية يتقدمهم بطل العمل الأول النجم عباس النوري، وإلى جانبه كان هناك نجوم عرب ومنهم أردنيون تربوا في المدرسة الدرامية السورية ولمعت أسماؤهم من خلالها بالذات مثل: صبا مبارك ونضال نجم، ولا يجوز بالتالي إسقاط ذلك حين يتكلم البعض عن المسلسل بأنه »تجسيد ممثلين أردنيين«.. ويصمت بعدها.
فالمنتج المنفذ لمسلسل »الاجتياح« وهو الهادي قرنيط، تونسي يعمل في سوريا منذ سنوات عديدة، والمخرج الذي رسم الصورة الساحرة للنص هو المخرج المبدع التونسي شوقي الماجري. لا يمكن لأحد أن ينكر أن المخرج شوقي الماجري هو ابن المدرسة السورية في الإخراج، وقد لمع اسمه من خلال الدراما السورية بدءاً من الجزء الثاني من مسلسل »أخوة التراب«، وهذا بالطبع لا يلغي خصوصية الرجل الذي أثبت علو كعبه الإخراجي، وبكل الأحوال إن لم يكن الماجري ينتمي إلى المدرسة الإخراجية السورية، فهو بالتأكيد ليس مخرجاً أردنياً، فإذا ما أضفنا على هذا أن كاتب المسلسل هو الفلسطيني رياض سيف، لا يصح سوى أن ننسب مسلسل »الاجتياح«، إلا إلى دراما عربية مشتركة. و إن كنا نصر على القول بأن الاجتياح »دراما أردنية«، فالحقيقة السابقة تشهد أن »الاجتياح« دراما عربية نُفذت بأموال أردنية.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...