فرانسوا رباط (مدينة بصيغة المفرد)
الجمل- أيهم ديب: يدخل ثلاثة رجال يضعون منصة خشبية و حامل لنوتة موسيقية و يخرجون. بعد قليل يدخل فرانسوا رباط, يصفق الجمهور , يمعن فرانسوا رباط النظر في الغياب حتى تشعل الأضواء في كامل القاعة. إنه عرض يحضر فيه الجميع. يلقي الرجل التحية على جمهوره بخليط لغوي يبث الفرح في القلب و يسلب مفاتيحه بخفة هوديني.
يبدأ العزف على آلته - double bass- فتحضرني فوراً أوبرا زنوبيا التي صادف عرضها منذ فترة قريبة. في أوبرا زنوبيا كانت الفرقة الموسيقية صغيرة جداً -لتقديم عمل أوبرالي- انعكس هذا على الإشباع و الزخم الموسيقي - إن جاز التعبير- فخمسة كمانات لا يمكن ان تشبه 20 كمان. هذا يشبه الفرق بين سير رتل جنود و مسير فرقة من العسكريين. أو الفرق بين أزيز النحلة و صوت خلية النحل.
فرانسوا رباط فعل العكس تماماً: كان كمن يخيط الفضاء , فبينما يتحرك اللحن إلى الأمام تتحرك الوحدات الصوتية -المكونة له -على طول الرحلة بتواتر يملأ القلب موسيقا قبل أن يملأ الأذن لحناً.
في إحدى مقطوعاته يتذكر رحلة في أرمينيا إلى البحيرة الوردية. هذا يبهجني . فالبحيرة الوردية ليست وردية : تعليق قرأته على إحدى الصور التي صدف أني شاهدتها الأسبوع الماضي لفتاة أرمينية تهوى تصوير الطبيعة. كانت الصورة لبحيرة خضراء من فعل طحلب الماء و انعكاس شمس الظهيرة. مقدمة فرانسوا رباط هذه ذكرتني بسمير ذكرى -المخرج- فكلاهما حلبي و كلاهما يستطيع ان يعيد إنتاج ذكريات عن بلد أعرفه جيداً . سمير ذكرى يقودنا إلى زياد الرحباني الذي ألف له موسيقا فيلمه /وقائع العام المقبل / و سمير ذكرى هو من عرفني إلى نوري اسكندر فهو من وضع له موسيقا فيلمه/ علاقات عامة/. الفيلم الذي كانت ليلة افتتاحه مناسبة للمشكلة العويصة التي تطورت بين دار الأوبرا و مجموعة واسعة من شخصيات المشهد الثقافي السوري. بالمصادفة كان السيد نبيل اللو يجلس في المقعد الأمامي و كنت أراه من مقعدي في الطرف الآخر من الصالة ,و لكن لم أتذكر قصة الخلاف إلا في هذه اللحظة . فالطقس الذي كان مزعجاً هذا الصباح قد استقر و أصبح أكثر برودة و الهواء أصبح منعشاً. و فرانسوا كان ألطف من المساء و كل شيء أليف. تبدو المدينة صغيرة و جميلة و أقرب للقصة . في الصباح شاهدت مجموعة صور لنوري اسكندر و ميساك باغبوديان من حفلة الأمس و اليوم في طريقي إلى الدار كان ميساك يقود سيارته . السيد الرئيس و زوجته كانا في أمسية نوري اسكندر و اليوم كانت صورة السيدة الأولى على الصفحة الأولى لجريدة بلدنا لكن من مدينة السويداء . في المكان حيث أجلس أمكنني رؤية الشاعرة رشا عمران و ابنتها الجميلة و عازف العود كنان أدناوي و مصورة الدار جيفارا.
في بهو دار الأوبرا أثناء خروجي توجهت إلى شاب وسيم يعرض مجموعة من السيديات سألته إن كان بينها واحد لفرانسوا رباط , فنفى. لم يذكرني هذا بشيء و لم أفكر, شكرت الشاب و ذهبت.
الجمل
إضافة تعليق جديد