الحوار اللبناني ينطلق بالتوافق على نقاط ست
مع استئناف مؤتمر الحوار الوطني اللبناني في القصر الجمهوري، برئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، يكون بند جديد من بنود اتفاق الدوحة قد وضع موضع التنفيذ، فيما يبقى البند الأهم، المتعلق بالتقسيمات الانتخابية، رهن تبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري من لجنة الادارة والعدل النيابية انجاز السلة الاصلاحية الانتخابية، حتى يبادر الى دعوة الهيئة العامة لاقرارها قبل نهاية أيلول، لينصرف بعد ذلك، الجميع لاعداد العدة للانتخابات المقررة في نهاية ربيع العام .٢٠٠٩
لم يحمل مؤتمر الحوار جديدا، ما خلا الكلمة الهامة لرئيس الجمهورية، التي ستشكل ركيزة للنقاش في موضوع الاستراتيجية الدفاعية، وخاصة لجهة تأكيده أن إسرائيل »لا تزال مصدر الخطر الأبرز علينا«، داعيا الى وضع استراتيجية تتكامل فيها كل عناصر قوة الدولة، وذلك استنادا إلى حق لبنان »شعبا وجيشا ومقاومة« في الدفاع عن أرضه، وأبدى ثقته التامة »أن في استطاعتنا وضع استراتيجية تحمي لبنان تستند إلى قواتنا المسلحة، وتستفيد من طاقات المقاومة وقدراتها«.
وقد جاء خطاب الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، ليل أمس، مكملا لخطاب رئيس الجمهورية ومتكاملا معه، عبر تشديده على وجوب أن تصبح الدولة قوية وقادرة حتى تتولى حماية لبنان وجميع أبنائه، معتبرا أن ذلك في صلب وظيفة وواجب الدولة. واشار الى أن لا أحد يختلف مع الثاني أن واقع الحال اليوم ليس كذلك، مجددا ترحيب الحزب بالحوار ومشيدا بخطاب رئيس الجمهورية »المدروس والدقيق والمسؤول والوطني والذي يعبر عن روح جامعة وإرادة جامعة وروحية عالية لمعالجة الملفات الحساسة والمصيرية في البلد«. مشددا على أولوية تنفيذ بند وقف التصعيد السياسي والاعلامي.
وفي الوقت نفسه، بدت مشاركة رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط في حوار القصر الجمهوري، تثبيتا لتموضعه السياسي في نقطة وسط بين المعارضة والنائب سعد الحريري، حيث بدا تجاوبه سريعا مع مبادرة رئيس الجمهورية المنسقة مع رئيس مجلس النواب لاجراء مصالحة علنية بينه وبين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وكذلك في تحفيزه النائب الحريري على المشاركة في اجتماع مصالحة خماسي في مكتب رئيس الجمهورية بحضوره وبري ورعد وجنبلاط والحريري.
لم يقتصر الأمر على ذلك من قبل وليد جنبلاط، بل هو صادق على الاعتبار الأمني الذي يحول دون تحقيق المصالحة بين الحريري والسيد حسن نصر الله، داعيا حليفه الى الأخذ في الاعتبار الموضوع الأمني، مستشهدا بقول وزير المواصلات الاسرائيلي شاؤول موفاز، حول استعداده لتغطية أية فرصة أمنية لاغتيال »السيد« (نشر الكلام في الصحف وكذلك للوزيرة تسيبي ليفني)، مشددا على تجاوز الشكليات من الجانبين باتجاه تحقيق المصالحة.. وجرى التشديد على وجوب الاستفادة من اجواء المصالحات التي تحققت، والانطلاق منها الى مصالحة اوسع.
كما ساد الجو نفسه، في لقاء ثلاثي جمع الرئيس بري والنائبين جنبلاط ورعد، حيث برز ارتياح مشترك للخطوة التصالحية التي تمت في خلدة بين »حزب الله« والحزب الاشتراكي مع التأكيد، كما عبر جنبلاط، على اهمية المتابعة في هذا السياق، والتعجيل قدر الامكان في كل ما يؤدي الى لملمة الوضع، وصولا الى تذليل كل العقبات وازالة اثار ما حصل، وخصوصا ان الطرفين قاتلا في الخندق الواحد في انتفاضة ٦ شباط وغيرها.
يذكر أن اجتماعا سيعقد اليوم في دارة خلدة بين الحاج وفيق صفا والنائب أكرم شهيب ويناقش تفصيليا آلية ترجمة المصالحة في المستوى التربوي أولا.
وما لم يقله وليد جنبلاط، هو أن ما يجري على الأرض، من توترات، وآخرها في البقاع الأوسط، هو أدعى بكثير للمصالحة، حيث بات واضحا أنه لا بد من ولوج ممر الأمن مع كل خطوة من خطوات تنفيذ اتفاق الدوحة وصولا الى استئناف مؤتمر الحوار...
وبدا أن جنبلاط قد اتخذ قرارا استراتيجيا لا عودة عنه، ولكن ما يجعله يتبع سياسة الخطوة خطوة، وآخرها ايفاد أحد كبار مساعديه السياسيين، أمس، الى السفارة الايرانية، حيث اجتمع بالسفير الايراني محمد رضا شيباني وشددا على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، أن جنبلاط اتخذ قرارا موازيا بعدم كسر تحالفه مع الحريري، ولو أن الأخير يتحفظ على خطوة من هنا أو هناك.
وفي انتظار »مبادرة ما« على صعيد التحضير للقاء نصر الله ـ الحريري، فان مجريات جلسة الحوار كانت هادئة عموما، على مدى ساعتين ونصف الساعة، ولم يعكر صفوها سوى بعض التشويشات، خاصة من جانب الرئيس أمين الجميل وقائد »القوات« سمير جعجع، عبر اثارتهما قضية سلاح »حزب الله«، الأول من زاوية قضية حادثة سجد وتجربة المقاومة الفلسطينية في لبنان، والثاني، من زاوية ما تضمنه اتفاق الدوحة حول بند السلاح خارج اطار الدولة.
واللافت للانتباه أن موقف الاثنين، صادف اليوم نفسه، الذي دخلت فيه دبابات اسرائيل العاصمة بيروت، قبل ستة وعشرين عاما، بمباركتهما، لتنطلق بعد ذلك شرارة المقاومة عبر بيانها التأسيسي في ١٦ أيلول ومن ثم العمليات التي جعلت المحتلين يولولون عبر مكبرات الصوت طالبين من أهالي العاصمة وقف اطلاق النار عليهم لأنهم قرروا مغادرة بيروت.
وبالتزامن مع الحوار، شارك نحو الف فلسطيني ولبناني في مسيرة لمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لمجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا. وحملت مجموعة من الناشطين اليساريين الايطاليين الذين يشاركون كل سنة في احياء المناسبة، لافتة كبيرة كتب عليها بالايطالية »كي لا ننسى صبرا وشاتيلا«. وتخلل المسيرة الى أضرحة الشهداء اطلاق الف بالون ارتفعت في الهواء بألوانها الحمراء والخضراء والبيضاء وهي الوان العلمين الفلسطيني واللبناني.
- وما كان يعلنه »حزب الله« قبيل التئام طاولة الحوار، وأعاد التأكيد عليه أمينه العام بعد انتهاء جلسة الأمس، بادر الى قوله النائب محمد رعد، على مسمع الـ١٤ بأن الحزب يشدد على توسيع المشاركة، وهو الأمر الذي أثار أيضا حفيظة بعض المشاركين من فريق الموالاة، حيث انبرى سمير جعجع للقول اننا محشورون أيضا بعدم تمثيل دوري شمعون!
وقال السيد نصر الله ردا على السائلين لماذا التوسيع الآن وليس في السابق، بالقول ان الموضوع سياسي وأخلاقي وهناك حدث كبير حصل بعد توقف الحوار هو حرب تموز، وبينما كانت هناك قوى سياسية داخلية لها أدوار غير مفهومة في تلك الحرب، فان الوفاء لمن احتضنوا المقاومة ودعموها وضحّوا الى جانبها ورهنوا مصيرهم بمصيرها »يقضي بان نطالب بحزم بان تكون على رأس الطاولة وليس على كعب الطاولة وهذا المطلب سنتابعه بجدية وانا اعلم بانه ستحصل خلال هذا الفاصل الزمني بين موعد اليوم والموعد المقبل مشاورات مكثفة مع مختلف القوى السياسية لتحقيق هذا الغرض«.
- وفي ختام المداولات، تم التوافق على الجلسة الثانية للحوار في الخامس من تشرين المقبل، وعلى اصدار بيان باسم المجتمعين أعلنوا فيه أنهم توافقوا على عدد من الأمور أبرزها اطلاق النقاش حول الاستراتيجية الدفاعية كأولوية في ضوء آراء أفرقاء الحوار المتعددة بغية التوصل الى تصور مشترك لهذه الاستراتيجية، والعمل بسرعة وجدية على معالجة التوترات الامنية والاتفاق على آلية لوضع حد نهائي لهذه الحالة بما يعزز اتجاه المصالحات الحاصلة في عدد من المناطق وتعميمها على كل الافرقاء على الاراضي اللبنانية، والاتفاق على ميثاق شرف بين المتحاورين لالتزام المسلمات التي اطلقها خطاب القسم والابتعاد عن أي مظهر من مظاهر الاستفزاز السياسي وتهدئة الخطاب السياسي والاعلامي واعلان الافرقاء التزامهم هذه التهدئة عبر وسائل الاعلام.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد