«فتح» و«حماس» تستعيدان «الثقة»... في السنغال
تُرجم المناخ الحواري الذي أحدثته دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس الأسبوع الماضي، لقاءً بين «فتح» و«حماس» في السنغال، مثّل بداية لاستعادة الثقة بين الطرفين، في وقت تراجعت التهديدات الإسرائيلية بعدوان على قطاع غزة، مع ترجيح كفّة التهدئة.
وأعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد بدء وساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تكون المرحلة الأولى منها حصول تقارب بين حركتي «فتح» و«حماس»، اللتين أرسلتا مندوبين عنهما إلى دكار للبدء بـ«حوار أخوي».
وقال بيان وقعته حركتا «فتح» و«حماس»، أمس في دكار، إن المحادثات بين الفصيلين أعادت «أجواء الثقة والاحترام المتبادل» بينهما. وذكر البيان أن السنغال ستستأنف الاتصالات مع الجانبين لتنظيم اجتماعات في المستقبل بهدف تحقيق «المصالحة بين العائلة الفلسطينية».
وقال الإعلان، الذي وقّعه حكمت زيد من حركة «فتح» وعماد خالد العلمي من «حماس» ووزير الخارجية السنغالي شيخ تيدياني جاديو: «الممثلون الفلسطينيون... يشكرون الوسيط لتمكنه من إعادة أجواء الثقة والاحترام المتبادل الذي سمح لهم بمناقشة المصالح الأساسية للشعب الفلسطيني».
وكانت وكالة الأنباء السنغالية قد ذكرت أول من أمس أن واد التقى مع ممثلي الفصيلين الفلسطينيين بالتناوب. ونقلت عن متحدث باسم الرئاسة قوله إن جهود الوساطة ستجرى على سبع مراحل.
في الداخل، بحثت الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني في لقاءين منفصلين مع قيادتي حركتي «فتح» و«حماس» في قطاع غزة، سبل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية كايد الغول، إن الحركتين لم تبديا رفضاً أو قبولاً لفكرة أن ترعى لجنة الحوار الوطني التي تألفت عقب توقيع وثيقة الوفاق الوطني في حزيران 2006، حواراً وطنياً شاملاً في غزة، ولم تعترضا على أن ترعى الجامعة العربية الحوار.
وكشف الغول عن أن مصر ستوجه قريباً دعوات إلى الحركتين وجميع الفصائل الفلسطينية لزيارة القاهرة بغية بحث مسألة الحوار الوطني، غير أنه استبعد انطلاق الحوار فعلياً في وقت قريب. وأضاف أنه تم التوافق في لقاءين منفصلين مع الحركتين على أن يكون الحوار شاملاً، لا ثنائياً كما جرى سابقاً في اتفاق مكة، على أن يستند إلى ثلاث قواعد، هي وثيقة الوفاق الوطني وتفاهمات القاهرة والمبادرة اليمنية.
وقال القيادي في حركة «حماس»، جمال أبو هاشم، إن «الحوار لدى حركة حماس هو بمثابة استراتيجيا تقودها إلى الاتفاق على المبادئ ثم الاتفاق على طاولة واحدة للبحث في مجمل التفاصيل وإنجاز كل الملفات المختلف عليها، الحكومة، الأجهزة الأمنية، وبناء منظمة التحرير الفلسطينية».
كما عقدت اللجنة الخاصة بمتابعة تنفيذ مبادرة عباس للحوار الوطني الشامل أوّل اجتماع لها في مدينة رام الله في الضفة الغربية، فيما لمّح رئيس وفد المفاوضات الفلسطيني مع إسرائيل، أحمد قريع، إلى إن «الرئيس الفلسطيني سيخوض انتخابات الرئاسة المقررة في عام 2010».
وكان مكتب رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية قد اتصل أول من أمس، بكل من الرئيس السوري بشار الأسد ومدير المخابرات المصرية عمر سليمان للحصول على دعم عربي لاستئناف الحوار.
في هذا الوقت، أعلن مسؤولون سياسيون وأمنيون وعسكريون إسرائيليون، أنه «رغم تهديدات قياديين إسرائيليين بشن عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، إلا أن عملية كهذه أبعد مما يظهر في عدد من العناوين التي تنشرها وسائل الإعلام».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن هؤلاء المسؤولين قولهم إنه «في حال عدم سقوط قتلى أو جرحى عديدين في البلدات الإسرائيلية المحاذية للشريط الحدودي بين إسرائيل والقطاع، فإنه يتوقع استمرار المفاوضات بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية حول تهدئة في القطاع لمدة أسبوعين، قبل أن تتخذ إسرائيل قراراً بخصوص خطواتها المقبلة ضد حماس».
وبرّر المسؤولون تصريحات قياديين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، حول قرب شن عملية عسكرية على القطاع بمقتل إسرائيلي ثالث الأسبوع الماضي خلال الشهر الأخير. وأوضحوا أن «إطلاق المسلّحين الفلسطينيين صواريخ وقذائف هاون تجاه جنوب إسرائيل زاد الشعور لدى القياديين بضرورة تنفيذ عملية عسكرية كهذه. لكن هذا الشعور لم يُترجم حتى الآن بإصدار تعليمات فعلية للجيش. كما أن الجيش الإسرائيلي لم يُسرع استعداداته بصورة ملموسة لشن هجوم واسع أو يحشد قوات نظامية كبيرة حول القطاع، كما لم ينفذ خطوات استباقية لتجنيد قوات احتياط».
إلّا أن عدم الاستعداد أوحى للمسؤولين الإسرائيليين أن جيش الاحتلال «سيصعّد هجماته في القطاع بصورة تدريجية، على أن ترتكز هذه الهجمات في المرحلة الأولى على زيادة وتيرة غارات سلاح الجو وشن عمليات برية محدودة في ما يصفه الجيش الإسرائيلي بالشريط الأمني».
في السياق، أوضحت «هآرتس» أن إسرائيل «تواصل اتصالاتها مع مصر بخصوص التهدئة في القطاع، من دون أن تقرّر حتى الآن موعد إيفاد ممثلها في هذه الاتصالات، رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد». ويتوقع أن يجري أولمرت وباراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني مداولات غداً الثلاثاء، هي الثانية من نوعها حول المبادرة المصرية.
وأوضح أحد المصادر أنه في ضوء هذه المشاورات، «ستتخذ إسرائيل قرار شنّ هجوم واسع ولكن محدود، لوقف أو الحد على الأقل من إطلاق الصواريخ على أراضيها، أو القبول بهدنة مع حماس».
ولفتت «هآرتس» إلى أنه «إذا لم يُتَّفق على تهدئة خلال أسبوعين، فإن باراك سيؤيد تصعيد الهجمات على القطاع»، باعتبار أن «زيادة الضغط العسكري على حماس ستجعلها توافق على وقف إطلاق نار بشروط مريحة بالنسبة إلى إسرائيل».
ميدانياً، استشهد المقاوم في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، بلال الشرباصي (22 عاماً)، وأصيب ثلاثة آخرون، في عمليتي قصف مدفعي متلاحقتين استهدفتا مجموعتين من «المرابطين» في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد