إهدار دم مصرية بعد إصدارها كتاباً عن الجنس في حياة النبي
أصدرت مؤلفة كتاب (الحب والجنس في حياة النبي) الذي أثار ضجة كبيرة بعد عرضه لأول مرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير/ كانون الثاني الماضي، بيانا تؤكد فيه أن شيوخا قاموا بتكفيرها وأهدروا دمها علنا في قناة فضائية تلفزيونية، كما أن كتابتها تعرض للاستجواب في مجلس الشعب (البرلمان) بتهمة الاساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وقالت الكاتبة المصرية بسنت رشاد إن شخصا ملتحيا جاء إلى منزلها في ساعة مبكرة من صباح الخميس 14-2-2008 وهددها بناء على هذه الفتوى.
وكان النائب المستقل مصطفى الجندي تقدم باستجواب إلى وزير الثقافة فاروق حسني يوم 3 فبراير/شباط الحالي حول الكتاب الذي قال إنه يباع بسعر 20 جنيها للنسخة، ويتضمن "إساءات بالغة لشخص النبي وزوجاته، وعلى الأخص السيدة عائشة رضي الله عنها".
وأضاف النائب أنه "يحمل فصولا عن الجنس بصفة عامة، والأوضاع الجنسية وفن الشهوة، وغير ذلك من الأمور التي لا يصح أبدا أن يتضمنها مؤلف يحمل اسم الرسول الأعظم".
قالت بسنت رشاد إن قناة فضائية دينية "قامت بحملة عليها بواسطة بعض الشيوخ استمرت عدة أيام، انتهوا خلالها إلى تكفيرها واعتبارها مرتدة مسيئة للنبي، وطالبوا بقتلها حتى لو استتابت".
وأضافت أنها صمتت وعلقت أملا في أن تنتهي هذه الحملة، أو أن يقوم الشيوخ بمناقشتها في مقاصدها التي وردت في الكتاب، لكن أحدا لم يفعل، إضافة إلى خشيتها على حياتها من تأثير هذه الفتوى.
وقالت "حاشا لله أن أكون كافرة أو مرتدة، أو أن أسيئ للنبي عليه الصلاة والسلام. أنا حاليا أخوض حملة بشكل فردي للدفاع عن حقيقة ما جاء في كتابي، فلا توجد مؤسسة تساندني ولا أنا محترفة لخوض مثل هذه الحروب".
وتابعت في تصريحاتها "لا يمكن لأحد أن يزايد على ديني، ولن أستعدي أناسا، ولن أقف مع طائفة ضد أخرى أو أخوض حربا وأجلس لأتفرج عليها". وأشارت إلى أنها كتبت ردا اليوم الخميس لتهدئة النفوس ولمزيد من توضيح الموضوع وفهم مقاصده.
واستطردت قائلة "إن الهدف من كتاب (الحب والجنس في حياة النبي) لم يكن الإساءة للنبي، ومن فهم ذلك فقد جاء فهمه خاطئا. ظللت صامتة طوال الفترة الماضية بعد الفتوى الفضائية التي أهدرت دمي لعلي أسمع من يطلب الجلوس معي ومناقشتي وسماع رأيي لكن ذلك لم يحدث".
وأوضحت أن شيوخا في قناة فضائية دينية أصدروا فتوى على الهواء قالوا فيها "إنها –المؤلفة- حتى لو تابت فقتلها هو الواجب". مشيرة إلى أن "إهدار دمها بهذه العلانية يعرض حياتها فعلا للخطر، وأن التهديد وصل إلى بيتها بالفعل".
وكشفت أن شخصا ملتحيا "طرق بشدة بابي في الثانية من صباح الخميس، واستفسر من زوجي الذي فتح له، عما إذا كنت أنا (بسنت رشاد) التي كتبت كتاب (الحب والجنس في حياة النبي) وأهدرت قضاة فضائية دينية دمها باعتبارها مرتدة؟.
وقالت لـ(العربية نت) إن الطارق المجهول "حذر زوجي من أن مشاكل كثيرة جدا ستحدث لي، ثم انسحب". وأوضحت أنها "امتنعت عن إبلاغ الجهات الأمنية عن الخطر الذي يحيط بحياتها لأنها لا تريد أن تعمل شوشرة، وتريد للحملة عليها أن تتوقف. الله المستعان وهو كفيل بأن يحميني".
وأوضحت أن الكتاب ظهر لأول مرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير الماضي، ومنذ ذلك الحين بدأت حملة التكفير ضدها، والتي تخللها استجواب عضو في مجلس الشعب.
وفي بيانها قالت بسنت رشاد إن الكتاب "يتناول مسألة المعرفة الجنسية كأحد العلوم التي أولاها الإسلام اهتماما خاصا ولائقا بأهميتها في استمرار الجنس البشري والتي ما زالت تتعامل معها العقلية العربية بطريقة خاطئة، فالجنس كان وما زال أحد المجاهيل لدى التركيبة العربية قديما وحديثا نظرا لعدم وجود ما يشرحه شرحا سليما وصحيحا، وهو ما أدى إلى تعامل الرجل العربي مع المرأة بصورة معقدة نفسيا".
وقالت "أصبح لا يخلو مجلس أو عمل أدبي أو حوار جانبي من الحديث عن المرأة والجنس بصورة خرافية مغلوطة". وأشارت إلى استهدافهم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك "عرضت ذلك في الفصل الأول من الكتاب تحت عنوان (محنة الحبيبة) وذلك للاستدلال على قوة هذا السلاح، خاصة مع هذه العقلية التي تقتل الأنثى في العلن، وتسعى إليها في السر، وتنسج حولها الأساطير".
تابعت "وفي الفصل الثاني من الكتاب عرضت كيف أن الدين الإسلامي الحنيف لم يهمل الجنس، بل فسره تفسيرا دقيقا واضحا في التعاملات السليمة والصحيحة والطبيعية للرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته والتي قصد بها أن تكون طبيعية وبسيطة جدا وغير مبالغ فيها، وذلك لتبسيط الأمر للبسطاء لتأسيس منهج علمي وإنساني قويم ينتصر على هذه العقلية التي وصفتها سابقا والتي كانت تنصرف عن الأمور الجسيمة للانشغال بالجنس والمرأة والمغالاة في ذلك".
ومضت قائلة "شرحت كيف عانى الرسول الكريم في سبيل ذلك ببساطة ويسر، وليس بالشكل الأسطوري الذي تناولته به بعض الأحاديث التي نسبت للبخاري واستخدمها ويستخدمها أعداء النهضة الإسلامية في تصوير أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يشغله سوى النساء، وهو المنزه عن ذلك، لذا كان الهدف الرئيس للكتاب هو استنهاض همة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية للقيام بتمحيص وتدقيق وتحقيق كل الأحاديث التي تناولت هذا الجانب".
وأضافت بسنت رشاد في بيانها "لا أرى عيبا في قيام أهل العلم والاختصاص والدين بتنقيتها، وهو ما يطالب به كثير من الغيورين منعا لاستخدام الضعيف والمدسوس منها للهجوم على الإسلام وشخص الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم".
وقالت إنها "في الفصل الثالث وفي الصفحة 63 من الكتاب استعرضت إحدى الوعظات الصوتية المسيحية التي تلقى على مسامع الناس وتطالب بالمقارنة بين سمو المسيحية وانشغال الإسلام بالمواضيع الجنسية، وهو ما بني على الصورة الذهنية التي رسمتها بعض هذه الأحاديث، ولكن سقط مطبعيا هذا التنويه".
وأضافت "يتضح أكثر مقصدي الحقيقي في الفصل الرابع الذي تناول الجنس من منظور إسلامي صحيح والذي أفردت له مساحة كبيرة باعتباره أحد المطالب الإنسانية الهامة والرئيسة في بقاء أو خراب البيوت بالتعبير الدارج انطلاقا من الحديث عنه تفصيليا وفقا للشريعة الإسلامية، وفي إطار العلاقة الزوجية القويمة ردا على ظن البعض أن الإسلام يجب أن يسمو ويعف عن ذكر الأمور الجنسية، وهو ما يعتبر في نظر البعض الآخر للجنس على أنه قذارة وانحطاط أخلاقي يجب التطهر منه والابتعاد عن الخوض فيه رغم ما يمثله من ركيزة أساسية في بقاء النوع البشري".
وأوضحت بسنت رشاد أنها تناولت في "الفصلين الخامس والسادس كيفية العلاقة الجنسية الزوجية الصحيحة في إطار الشريعة الإسلامية ومن الناحية الطبية والعلمية، أما الفصل السابع فقد تناولت فيه فتاوى الفضائيات التي تثير الارتباك والجدل لدى عامة المسلمين لعدم توحيد جهة الفتوى، مما يفتح الباب للجميع بأن يفتي بعلم وغير علم في أمور ذات حساسية وأهمية قصوى تساهم بشكل أساسي ورئيس في مصائر الناس".
من جهته تساءل عضو مجلس الشعب مصطفى الجندي في طلب استجواب عن كيفية طباعة هذا الكتاب وطرحه في الأسواق دون أن يمر على مجلس البحوث الإسلامية لمراجعته، وقال إن "ذلك أمر لا يمكن السكوت عليه أو التهاون بشأنه لأنه يحمل عنوانا يدخل في اختصاص المجمع".
وتناول بعض عناوين الكتاب مثل "مهارة على الفراش، فن الشهوة، الجنس على الهواء، ثقافة الجنس.. والقبلة الفرنسية أسرع طريق للنشوة الجنسية، ومهارة على الفراش تتناول فيه أوضاع الجماع، وفصل محنة الحبيبة الذي تتناول فيه بما لا يليق السيدة عائشة، وصور البخاري الجنسية الكاذبة، ومعدل زواج النبي، وهل خانت عائشة النبي، وفن القبلة الطريق للانسجام الجنسي".
وأضاف "كل هذه الفصول تنطوي على عبارات تخدش الحياء وإيماءات وإيحاءات جنسية فجة".
من جهته علق المفكر الإسلامي جمال البنا بقوله إن "إهدار الدم مسألة خطيرة جدا". وطالب وزراء الإعلام العرب "بإصدار تشريع يحد من خطر فتاوى التكفير وإهدار الدم التي تبثها بعض القنوات الفضائية الدينية دون رقابة أو خطوط حمراء، مما يشكل خطورة كبيرة على أمن المجتمعات والناس، ويصيب المثقفين وأصحاب الرأي بالرعب".
وتابع "عندنا تخلف عقلي في فهم الإسلام. نريد ثورة حقيقية في فهمه، فظاهرة إهدار الدم والتكفير يتم القضاء عليها بإظهار الحق وبإعمال العقل وتفنيد الأباطيل الطارئة على الدين، إذا فعلنا ذلك فلن يكون لهؤلاء الشيوخ التكفيريين سوق".
وقال البنا "اتخذنا الإجراءات العملية لإصدار كتاب يدعو لتجريد البخاري والمسلم من الأحاديث التي لا تلزم، وقد قمنا بالانتهاء من عملية مسح هذه الأحداث، وحاليا نحن بصدد الترتيب النهائي للكتاب وسنطبعه قريبا".
وأفاد بأن في صحيح البخاري وحده أكثر من ألف حديث من هذه النوعية "الكتاب من جزأين، سنخصص الجزء الأول للبخاري". وواصل قائلا "في البخاري أحاديث أقف أمامها مستغربا ولا أصدقها، مثل أنه كان يقبل زوجته أم المؤمنين عائشة ويمص لسانها" وحديث آخر عن شكل علاقته معها أثناء الحيض، وأنه كان يمر في ليلة واحدة على زوجاته كلهن، وأنه أوتي قوة 30 رجلا".
وأضاف "كل أمثال هذه الأحاديث وردت في البخاري، ونجد أنها غير لازمة ونسعى لتخليص صحيحه منها، لأنها أحاديث موضوعة وضعها أعداء الإسلام للكيد للرسول، وسربوا هذا الكيد إلى المحدثين، وكان من أسهل الأشياء في الفترة الأولى للإسلام عمل السند في الأحاديث، فالسنة بحر متلاطم الأمواج، وها نحن نجد القمص زكريا بطرس في حربه على الإسلام يعتمد على الأحاديث الموضوعة، ثم يقول إن هذه هي كتبكم".
واستطرد بقوله "تكفير هذه المؤلفة وإهدار دمها ضلال، ومن يفعل هذا يبوء بالكفر طبقا للحديث".
فراج اسماعيل
المصدر: العربية
إضافة تعليق جديد