عرب روتانا يركبون قطار أنابوليس وسورية لم تحسم قرارها بعد
بتحفظ شديد، اعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل امس ان لجنة المتابعة العربية التي اجتمعت في القاهرة يومي الخميس والجمعة، استجابت الى دعوة الولايات المتحدة لمشاركة 16 دولة عربية في مؤتمر انابوليس المقرر عقده الثلاثاء المقبل. وكان لافتا ان الفيصل حرص على ربط مشاركة الرياض في المؤتمر، بـ«الإجماع العربي»، مشددا على رفضه مصافحة نظيرته الاسرائيلية تسيبي ليفني او القيام بأي «عمل مسرحي أو ابراز عواطف لا نشعر بها».
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الولايات المتحدة «بعثت بتأكيدات» حول إدراج مسألة الجولان المحتل على جدول اعمال المؤتمر، مشددا على ان دمشق ستنتظر استلام جدول الاعمال قبل ان تتخذ قرارا في هذا الشأن. غير ان واشنطن لم تؤكد تصريحات المعلم، مكتفية بالاشارة الى انه يمكن لجميع الاطراف المشاركة في المؤتمر طرح قضايا تتعلق «بمصالحها الوطنية»، فيما رأى الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن مشاركة دمشق «تنتظر بعض الترتيبات الاخيرة».
ووسط ترحيب إسرائيلي شديد بموقف اللجنة العربية وبمشاركة السعودية في المؤتمر، قفزت ليفني عن محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية التي يفترض ان يطلقها لقاء انابوليس، معطية اولوية لانضمام دول عربية الى قطار التسوية «الذي يشكل انابوليس محركه».
وحضر الاجتماع، الذي عقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة، وزراء خارجية مصر والأردن
والسعودية واليمن والسودان وقطر وسلطنة عمان والإمارات وسوريا وتونس والمغرب، والمندوبون الدائمون للبنان وموريتانيا والجزائر لدى الجامعة، بالاضافة الى الرئيس محمود عباس ممثلا للسلطة الفلسطينية.
وأعلن الفيصل، في مؤتمر صحافي مشترك مع موسى، أن «لجنة متابعة مبادرة السلام العربية قررت قبول دعوة الولايات المتحدة الأميركية لحضور مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط على مستوى وزاري، للبحث في عملية السلام في إطار المرجعيات المتمثلة في قرارات الشرعية الدولية وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية، على ضوء ما لمسته اللجنة من الموقف الأميركى بأن يتناول جدول أعمال المؤتمر العملية السلمية في إطار شمولي وكامل».
أضاف ان «هناك عاملا مهما أقنع الدول العربية بالمشاركة في مؤتمر أنابوليس، هو الرأي العام في إسرائيل وأميركا وكافة دول العالم، الذي يريد سلاما حقيقيا في المنطقة» موضحا ان البيان الختامي لاجتماع لجنة المتابعة يقول «إننا ذاهبون من اجل المسار الإسرائيلي الفلسطيني، والمسار الإسرائيلي السوري، فما هو المسار السوري الإسرائيلي سوى الجولان إذ لا توجد مشكلة بين إسرائيل وسوريا سوى الجولان».
وتابع «لا أخفي سرا أنني كنت مترددا حتى اليوم، ولولا الإجماع العربي خلال اجتماعات اللجنة لما قررت المملكة العربية السعودية الذهاب إلى انابوليس» موضحا أن «السعودية لا تقف أبدا أمام الاجماع العربي، وطالما الاجماع موجود فالمملكة سوف تسير معه صفا واحدا... بما أن هناك إجماعا عربيا للحضور وعلى مستوى وزاري، فالمملكة ستتبع الإجماع العربي». أضاف ان العرب «سيذهبون الى انابوليس ككتلة واحدة بموقف عربي موحد ولن يكون هناك انقسام في الموقف العربي» مشددا على أن «وحدة الموقف العربي تجعل لهذا الموقف وزنه على الساحة الدولية».
وقال الفيصل إن «الدول العربية ذاهبة لقطع الشك باليقين، فإذا كانت هناك جدية فسيلقون من العرب الجدية المقابلة، اما إذا لم تكن هناك جدية فليست هناك على رقابنا سيوف مسلطة لنقبل ما لا نريده».
وردا على سؤال حول مشاركة السعودية في المؤتمر في ظل وجود إسرائيل، قال الفيصل إن «السعودية حضرت اجتماعات فيها إسرائيل، مثل اجتماعات الأمم المتحدة، فوجود إسرائيل في المؤتمر لا يغير أي شيء في الموقف العربي. الموقف العربي موحد، وسنتحدث باللغة والمنطلقات نفسها، وما الخشية أن تكون إسرائيل موجودة حتى تسمع الكلام الصحيح من العرب».
وسئل الفيصل عما إذا كان سيصافح وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، فأجاب «نحن غير مستعدين أن نكون جزءا من عمل مسرحي في الاجتماعات. المصافحات واللقاءات التي لا تعبر عن الموقف السياسي نحن غير مستعدين لها. نحن ذاهبون بجدية ونأمل أن نقابل بالجدية والمصداقية نفسها، لن نذهب لنصافح أو نبرز عواطف لا نشعر بها ولكن نحن هناك فقط للوصول إلى سلام يحفظ الحقوق العربية ويحفظ لفلسطين وسوريا ولبنان أراضيهم» مضيفا «ولن تكون هناك مصافحات. ولن يضع بعضنا الطعام في أفواه البعض الآخر». وتابع أن «التطبيع مع إسرائيل تحكمه المبادرة العربية ويتبع السلام الشامل بعد الانسحاب الكامل من الأراضي العربية».
وقال موسى، من جهته، «سنذهب الى المؤتمر بموقف عربي موحد لاثبات جدية الجانب العربي في التوصل الى سلام شامل وعادل على كافة المسارات» مضيفا أن «قرار اللجنة جماعي ولكننا ننتظر بعض التفاصيل النهائية». واستبعد أن تكون هناك حميمية في المؤتمر، قائلا «الحميمية ما زال أمامها بعض الوقت. بل ما زال أمامها وقت طويل».
وسئل موسى عما اذا كانت الدول العربية ستبارك نتائج أي مفاوضات قد يخرج بها الفلسطينيون مع اسرائيل بعد مؤتمر انابوليس، فقال ان «الموقف العربي واضح وهو ضرورة الالتزام بالمبادرة العربية للسلام» مضيفا أن العرب «ذاهبون الى أنابوليس بغرض التفاوض وليس التطبيع».
وردا على سؤال حول أهم الضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة، قال موسى إن «هناك تأكيدات في موضوعات محددة، وإجابات على أسئلة معينة».
وسئل موسى عن مشاركة سوريا في المؤتمر، فأجاب ان المعلم «حضر الاجتماع وكان القرار جماعياً» مضيفا إن مشاركة دمشق «تنتظر بعض الترتيبات الاخيرة وسوف يعقد اجتماع وزاري عربي نهائي في واشنطن يوم 16 تشرين الثاني لتحديد هذه المسألة».
ونقلت «يونايتد برس انترناشونال» عن مسؤول في الجامعة العربية ان الامانة العامة للجامعة اقترحت تشكيل لجنة عربية مصغرة من داخل لجنة المتابعة العربية، «مهمتها الإشراف على نتائج أي مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين وفقا لمبادرة السلام العربية».
ونقلت (سانا) عن المعلم قوله ان «سوريا تابعت الاتصالات التي جرت بين الامين العام للجامعة وبعض الوزراء العرب مع الادارة الاميركية التي بعثت بتأكيدات انها ستضمن المسار السوري الاسرائيلي... الجولان... على جدول اعمال اجتماع انابوليس» مضيفا ان «سوريا ستتخذ قرارا بالمشاركة او عدمها في ضوء استلامها لجدول اعمال اجتماع انابوليس».
وكان المعلم قد قال، بعد اجتماع اللجنة، «لم نتخذ حتى الآن قرارا بالمشاركة إلى أن نتسلم الاجندة ونقرأ فيها البند الثاني هو المسار السوري الإسرائيلي أي الجولان السوري العربي المحتل» مضيفا «ما ستكون اهمية مشاركة سوريا، ما لم يكن الجولان جزءا من جدول الاعمال؟».
وكان وزراء خارجية الدول العربية قد بعثوا برسالة عاجلة الى الولايات المتحدة، امس الاول، طلبوا فيها تضمين الجولان «صراحة» في جدول اعمال مؤتمر انابوليس. وقالت مصادر سورية رفيعة المستوى لـ«السفير» إن الولايات المتحدة ردت بالموافقة على الطلب العربي. أضافت المصادر أن الموقف السوري المتشدد من المؤتمر، كان لمنع سابقة سياسية في قيام مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط بغطاء عربي، من دون إدراج إحدى أهم القضايا المتصلة به وهي الجولان والمسار السوري الإسرائيلي.
وردا على سؤال عما اذا كانت مشاركة الدول العربية في المؤتمر تعتبر تطبيعا مع اسرائيل ام دعما للموقف الفلسطيني، قال المعلم «هذا يتوقف على الموقف العربي وإذا تضامن العرب فإنهم يستطيعون ان يفعلوا الكثير».
ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي اوروبي في دمشق «من الواضح انهم ذاهبون الى انابوليس. تأجيل الاعلان امر عادي. لكن (سوريا) لا يسعها سوى الحضور» فيما قال دبلوماسي عربي ان «سوريا لن تفوت فرصة لطرح قضيتها لاستعادة الجولان خلال اجتماع ضخم كهذا، بغض النظر عن صيغة جدول الاعمال».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد بحث مسألة مشاركة سوريا في المؤتمر، خلال اتصالات هاتفية مع كل من ملك اسبانيا خوان كارلوس ورئيسي الوزراء الإيطالي رومانو برودي والتركي رجب طيب أردوغان.
من جهته، قال عباس في كلمة امام الوزراء العرب «كنا نريد من مفاوضاتنا مع اسرائيل ان نتوصل الى وثيقة مشتركة، لكن مع الاسف لم نتمكن من صياغتها وإجمالها لان كل طرف له وجهة نظر ويريد تثبيت موقفه وبصراحة اسرائيل كانت تريد تحقيق مكاسب وقد رفضنا ذلك». أضاف «نريد ان يذهب العرب موحدين الى مؤتمر انابوليس ونريد توقيع اتفاق نهائي على كافة المسارات العربية وضمن جداول زمنية محددة، بحيث تكون انابوليس نقطة انطلاق لمفاوضات جدية ومكثفة تحقق هدف عملية السلام». وتابع ان «مؤتمر انابوليس فرصة تاريخية يجب ان نستغلها ونستفيد منها».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، ميري ايسين «نحن سعداء بهذه المشاركة العربية الواسعة التي تترجم دعما من دول الشرق الاوسط لمسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية».
ورحبت إيسين بمشاركة السعودية في المؤتمر، قائلة ان «المشاركة الرفيعة المستوى تشير إلى الأهمية الكبيرة التي يوليها السعوديون لتقدم العملية الثنائية» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفة «اننا مسرورون... لانهم (السعوديين) يشعرون بالحاجة الى مشاركة على مستوى مهم».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن ليفني ان «مشكلات عشرات السنين لا يمكن حلها في غضون ايام» مضيفة «المسألة الآن لا تكمن في ما ستعطيه اسرائيل للفلسطينيين. المسألة الآن تكمن في تحديد الدول العربية التي ستنضم الى القطار الذي يشكل انابوليس محركه».
وأشارت الصحيفة الى ان ليفني «اجرت في الايام الاخيرة سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من القادة العرب، بينهم زعماء دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، وذلك لحثهم على المشاركة في المؤتمر». وتابعت ان ليفني، التي تتوجه اليوم مع اولمرت الى الولايات المتحدة، ستلتقي نظيرتها الاميركية كوندليسا رايس «بهدف تنسيق التوقعات والمواقف».
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية كارل دوكوورث «نرحب بقرار لجنة المتابعة في الجامعة العربية بحضور مؤتمر انابوليس على المستوى الوزاري. هذه إشارة على أنهم يعتقدون أنه سيكون اجتماعا جادا موضوعيا» مضيفا «سيظهر مؤتمر انابوليس دعما دوليا واسعا لجهود القادة الاسرائيليين والفلسطينيين وسيكون نقطة انطلاق لمفاوضات تفضي إلى اقامة دولة فلسطينية وتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وردا على سؤال حول تضمين الطلب السوري بشأن الجولان في جدول اعمال المؤتمر، قال دوكوورث انه «يمكن لجميع المشاركين طرح وجهات نظرهم وقضايا تتعلق بمصالحم الوطنية كما يرونها» مضيفا «نعتقد ان انابوليس يمثل فرصة لجميع اولئك الذين يريدون اتخاذ خطوات من اجل تحقيق السلام ان يأتوا ويطرحوا وجهات نظرهم».
ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي اوروبي ان الولايات المتحدة تتطلع الى عقد اجتماع دولي جديد يخصص للشرق الاوسط، خلال ثلاثة الى ستة اشهر، إذا سار مؤتمر انابوليس كما هو مقرر.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد