سوريا – تركيا: تفاهم الضرورة
يبدو أن اللقاء بين الرئيسين السوري والتركي قد أصبح وشيكاً، حيث أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى وجود خطط لعقد اجتماع بين الطرفين كجزء من الجهود الروسية لتطبيع العلاقات.
ويأتي هذا التطور بعد سنوات من التوتر، خاصة بسبب الوجود العسكري التركي داخل الأراضي السورية، الذي تعتبره دمشق غير شرعي وتطالب بانسحابه كشرط مسبق لأي حوار.
ومع ذلك، أوضح الرئيس بشار الأسد في تصريحات أخيرة أن شرط الانسحاب التركي يمكن أن يُستبدل بتعهد واضح من تركيا بالانسحاب وفق خارطة طريق متفق عليها بين الطرفين.
هذه الخارطة ستكون مرنة وخاضعة للتفاهمات بين البلدين، بناءً على تطور العلاقات بعد اللقاء الرئاسي المرتقب.
الأسد أكد أيضاً على أهمية وضع خطوات واضحة لتحقيق هذه الأهداف، مع التركيز على احترام السيادة السورية في أي اتفاق مستقبلي.
وفي الوقت ذاته، تجد كل من تركيا وسوريا نفسيهما مضطرتين إلى التفاهم، رغم التوترات التي تشوب علاقتهما.
الاختبار الحقيقي لعودة العلاقات سيكون في قدرة تركيا على ضبط الفصائل التي تدعمها في شمال سوريا، وخاصة في مسألة إعادة تشغيل معبر “أبو الزندين” كإثبات على التزام أنقرة بتعهداتها تجاه موسكو فيما يتعلق بفتح الطرق والمسارات الاقتصادية.
دمشق كانت قد أعربت في وقت سابق عن تفضيلها التعامل مع “المشغلين” بدلاً من “الأدوات”، في إشارة إلى الفصائل المدعومة من تركيا.
هذا يشير إلى أن سوريا باتت تدرك أن النفوذ التركي في شمال البلاد أصبح واقعاً، وتسعى إلى اختبار قدرة أنقرة على تنفيذ التفاهمات الجديدة.
على الجانب الآخر، تركيا لديها مصالح اقتصادية كبيرة في سوريا، خاصة في الشمال، وتريد توسيع نفوذها ليشمل مناطق أخرى من البلاد.
كما أن أنقرة ترى في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا فرصة لدعم اقتصادها المتعثر.
ومن هنا، قد تلعب تركيا دوراً مهماً في تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا، خاصة في ظل غياب العقوبات على مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها.
بالنسبة لسوريا، إعادة العلاقة مع تركيا ستكون خطوة استراتيجية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد وغياب خيارات اقتصادية واضحة.
هذا يأتي في وقت تبدو فيه الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان والعراق غير قادرة على تقديم الدعم الاقتصادي اللازم لدمشق.
الأخبار
إضافة تعليق جديد