حرب الـ GPS و"طوفان الأقصى"
في عصر يتزايد فيه التطور التكنولوجي ويزيد اعتمادنا على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، تبرز أهمية فهم التأثيرات المحتملة لتشويش هذا النظام في سياقات الأمن والدفاع. "تشويش GPS" هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى عمليات التداخل في إشارات GPS بهدف عرقلة قدرة الأطراف الأخرى على تحديد مواقعها بدقة. يمكن استخدام هذا التكتيك في سياقات عسكرية واستراتيجية لمجموعة متنوعة من الأغراض، بدءاً من حماية القوات وصولاً إلى عرقلة العمليات العسكرية للأعداء.
ما هو تشويش GPS؟
تشويش GPS هو عملية تعطيل أو تشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والذي يعتمد على شبكة من الأقمار الصناعية لتحديد المواقع بدقة على سطح الأرض. يتم ذلك عن طريق إرسال إشارات إلكترونية مشوشة أو زائدة بقوة إلى الأقمار الصناعية أو إلى الأجهزة الاستقبالية، مما يجعل من الصعب على الأجهزة استقبال إشارات GPS بدقة. تتضمن تقنيات تشويش GPS إرسال إشارات زائدة أو تداخل مع الإشارات الحقيقية بحيث تصبح الإشارات الصحيحة غير مستقرة أو غير قابلة للاستخدام بدقة.
أهمية التشويش في الحروب الحديثة
تشويش GPS أصبحت تكتيكاً حيوياً في الحروب الحديثة. تعتمد العديد من الأنظمة العسكرية على تحديد المواقع بدقة باستخدام GPS، بما في ذلك نظم التوجيه للقوات، والأسلحة الموجهة بدقة، والاتصالات بين الوحدات العسكرية. بالتالي، تشويش GPS يمكن أن يؤدي إلى فوضى في التنقل والتوجيه للقوات العسكرية، ويقلل من قدرتها على تنفيذ العمليات بدقة وفعالية. هذا يجعلها تهديداً خطيراً يمكن استخدامه في الحروب الحديثة لتعطيل قوى العدو وإضعافها.
كيفية عمل تشويش GPS
تشويش GPS يعتمد على إرسال إشارات إلكترونية مشوشة باتجاه الأقمار الصناعية أو الأجهزة الاستقبالية. هذه الإشارات المشوشة تعمل على إشكال إشارات GPS الحقيقية، مما يجعل من الصعب على الأجهزة استقبال إشارات GPS بدقة. يمكن تنفيذ تشويش GPS باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات والأجهزة.
تأثير التشويش على نتائج العمليات العسكرية:
- فوضى في القتال والتنسيق: تشويش GPS يؤدي إلى فوضى في ساحة المعركة، حيث يصعب على القوات تحديد المواقع والتنسيق بين الوحدات. هذا يمكن أن يقلل من الكفاءة القتالية ويزيد من فرص الاختلافات والأخطاء.
- توجيه غير دقيق للقذائف: تشويش GPS يؤثر سلباً على الدقة في توجيه القذائف والصواريخ الموجَّهة، مما يمكن أن يجعلها غير فعالة في تحقيق الأهداف المستهدفة.
- تأثير استراتيجي: يمكن لتشويش GPS أن يؤثر بشكل كبير على نتائج العمليات العسكرية والاستراتيجية العامة في النزاعات. إذا تم استخدامه بشكل فعال، يمكن أن يكون له تأثير كبير على مسار الحروب.
طوفان الأقصى وحرب التشويش
مما لا يقبل الشك، أنه وقبل الطلقة الأولى للطوفان المقاوم، كانت عمليات تعطيل الأجهزة الإلكترونية والذكية تجري في منطقة غلاف غزة وعموم أراضينا المحتلة. وهذا قد حصّن المجاهدين الثائرين من عمليات الرصد والإطلاق الإلكتروني لأجهزة الحماية الذكية الإسرائيلية المثبتة على طول مناطق الإحتكاك لغزة.
التعطيل لهذه الأجهزة قد تم بالتأكيد. ولكن السؤال هو هل تم نتيجة عمليات تشويش قامت بها المقاومة الفلسطنية؟ أم أنه نتيجة اختراق سيبراني تم من داخل فلسطين المحتلة أو من خارجها؟
ميدانياً ووفق الإعلام الإسرائيلي، فإنّ المقاومة الفلسطنية قد بادرت منذ ساعات الفجر الأولى للطوفان المبارك، بحملة تشويش عالية جداً لكل المنطقة المسماة بغلاف غزة مما عطل فعالية حركة الرادارات وأجهزة الإستشعار والكاميرات وغيرها. ترافق هذا التشويش، إضافة إلى التحركات الميدانية، مع حرب سيبرانية دقيقة وواسعة عطلت عدداً من الخوادم الرئيسية إضافة إلى كشف معلومات قد أفادت المقاومين في الميدان، وفق الإعلام الإسرائيلي.
إقفال مطار بن غوريون ونظام GPS
أعلن الكيان الصهيوني عن إغلاق مطار بن غوريون لمدة 5 أيام. فما هي دواعي هذا الإقفال؟ أهو بسبب ضراوة قصف المقاومة أم خوفاً من الهجرة الجماعية من قبل المستوطنين؟
مما لا شك فيه، أنّ الصفعة التي تلقاها هذا الكيان غير مسبوقة وأنه فعلاً شعر بالتهديد الوجودي. لذا تسارع الغرب، لإحتضان الكيان اللقيط خوفاً من تداعيات هشاشة قوة هذا الكيان.
نعم، قصف مطار بن غوريون بالدقة العالية التي حصلت والتهديد الجدي بوقف حركة الملاحة الجوية فيه، إضافة إلى قناعة قسم كبير من المستوطنين أن لا مستقبل في العيش في هذا الكيان مما يعني اقتراب ما يُسمى بالهجرة الجماعية، عوامل قلق لا بل عوامل رعب لقادة هذا الكيان ومن بقي من مؤسسيه. إلا أنّ الدافع لتسكير المطار هو في مكان آخر.
تعتمد الطيارات المدنية على نظام تحديد المواقع GPS، في حركتها بدءاً من الإقلاع إلى حين الهبوط. ويعتبر من الاستحالة بمكان اليوم، استخدام الطيران المدني دون نظام GPS. واذا ما قرأنا ما جاء في وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الأحد 15 تشرين الأول/أكتوبر عن أنّ الجيش يزيد بشكلٍ كبير من التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لإحباط هجوم حزب الله بطائرات بدون طيار، نرى الهدف الحقيقي جراء إقفال المطار.
إغلاق مطار بن غوريون هو نتيجة الرؤية الإسرائيلية بضرورة التشويش على نظام تحديد المواقع GPS لتجنب أي مسيرات أو صواريخ دقيقة تعتمد على هذا النظام، وهذا ما يمنع حركة الملاحة الجوية.
المسيّرات والـ GPS
نجحت المقاومة اللبنانية بإطلاق العديد من المسيرات التي اجتازت الحدود وبعضها وصل إلى أماكن اعتبرها الإعلام الاسرائيلي بالحساسة. ولكن لاحقاً، ومع استخدام العدو لتقنيات التشويش على GPS حدت من دخول المسيرات إلى الأراضي المحتلة قليلاً.
ولكننا اليوم، بالتحليل لا بالمعلومات، نرَى أنّ أبناء القائد في المقاومة حسان اللقيس مهندس مسيّرات المقاومة اللبنانية قد طوروا تقنيات هذه المسيرات لتصبح تهديداً حقيقياً للكيان الغاصب وقد رأينا ذلك في عجز أجهزة التشويش والردارات وأنظمة الاستشعار عن وقف هذه المسيرات عندما حلقت طويلاً فوق حقل كاريش.
حتماً، مسيرات المقاومة إما باتت لا تعتمد على GPS أو إنها تعرف كيف تتعامل مع الموجات المشوشة.
الميادين
إضافة تعليق جديد