خفايا صفقة الشاي المنتهية الصلاحية
"من 27 الف طن إلى 3750 طنا"
" إن قراءة واحدة في المخالفات التي تنظمها وزارة التجارة الداخلية تشير الى ان هناك ميلا واضحا لدى الكثير من التجار وحتى أصحاب الورش لبيع الناس مواد فاسدة دون ان يرف لهم جفن .. لذلك كان يجب عدم الإعلان بهذا الشكل عن بيع الشاي الفاسد تحسبا لاحتمال إعادة ضخه في الاسواق بطريقة غير قانونية وثانيا كان يجب أولا دراسة طريقة التخلص من الشاي بالشكل الذي يضمن عدم لجوء من يشتريه الى إعادة توزيعه في الأسواق "..
في العام 2012 تم استيراد حوالي 3750 طنا من الشاي الإيرانية اعتمادا على الخط الائتماني الإيراني الأول الذي استمر من عام 2012 حتى عام 2014.. وكان توجّه الحكومة آنذاك هو استيراد حوالي ٢٧ الف طن. (بحسب مسؤول في وزارة الاقتصاد. طلب عدم الكشف عن اسمه).
وفي جواب له على سؤالنا عن سبب ارتفاع الكمية التي كانت تنوي الحكومة شراءها قال: تم تحديد الكمية بناء على طلبات الجهات العامة التي تحدد حاجة البلد. وأنه تم الاخذ في الاعتبار ظروف الحرب وتخزين المادة. لكن تم الاكتفاء بكمية ال ٣٧٥٠ طنا، التي وصلت على دفعات، بعد تحليل عينات منها في مخابر وزارة التجارة الداخلية و مخابر وزارة الصناعة، وبعد أن تبين عدم مطابقتها للمواصفات القياسية السورية لجهة نقص نسبة الكافيين، وعدم التلوين بلون الشاي المعتاد ، (لونها مثل لون الزهورات) وتتميز بأنها ناعمة جدا. لذلك طلبت الحكومة إيقاف استيراد بقية الكمية
ويتابع المسؤول : تم طرح رأي آنذاك بأن تُعاد الكمية الى إيران لكن، رأي الحكومة استقر على عدم إعادتها،لاسباب معينة .
كانت النية حينذاك أن يتم توزيع الشاي على المواطنين عبر قسائم "البونات"، ذات الارقام (٧٠ /٧١) مع مادة البرغل. ولكن بعد ذلك تم إلغاء البونات بقرار من الحكومة، فتم طرح كميات الشاي في جميع منافذ المؤسسة الاستهلاكية، وتمت محاولات عديدة لبيع قسم منها لإدارة التعيينات العسكرية ولوزارتي الزراعة والصناعة، ولكن لم توافق تلك الجهات على شرائها.
وقد تم طرح قسم منها في السوق الحرة، ولكنها لم تلق قبولا أيضا من المواطنين.. (رغم أنها مقبولة، بل ومطلوبة بشدة لدى الإيرانيين بحسب ما افادنا به مدير عام السورية للتجارة الاستاذ أحمد نجم) .
تم التعاقد على الكمية، واستيرادها في عهد حكومة د. وائل الحلقي عام ٢٠١٢. و قامت شركة "القرشي" الايرانية بتوريد الكمية لصالح "المؤسسة الاستهلاكية" آنذاك، والتي تم دمجها فيما بعد مع مؤسسات اخرى تحت اسم "السورية للتجارة". مدير عام سابق للمؤسسة الاستهلاكية (على علاقة بالموضوع. أيضا طلب عدم ذكر اسمه ) قال بأنه تم بيع حوالى ١٦٠٠ طن من كمية الشاي خلال عامي ٢٠١٢-٢٠١٣ وبقي ٢١٥٠ طنا.
"تبريرات"
.. وفي تبرير لما حدث أيضا يقول مسؤول سابق في وزارة الاقتصاد على علاقة بالموضوع - (طالبنا بعدم ذكر اسمه) : كنا في حالة حرب، وبحاجة الى مادة الشاي، ودفعنا ثمنها من الخط الائتماني الإيراني.. ولم يكن هناك مناقصة، وكان رأي الحكومة أن ما هو مقبول في إيران مقبول لدينا، وليس هناك سمسرة في الصفقة لأن من ورّدها هي شركة "قرشي" الإيرانية، ولأنه لم يكن هناك إعلان مناقصة
"سبب قرار ببيع المادة بعد هذه السنوات"
نتيجة إشكال بين الأمن الجنائي بمنطقة التل وبين السورية للتجارة يتعلق بمخالفة السورية للتجارة لتخزينها مواد منتهية الصلاحية تم التوجيه من وزارة التموين والتجارة الداخلية للسورية للتجارة باعتماد أحد حلّين بخصوص الشاي :
- إما إتلاف الكمية، وهي حوالي ٢١٥٠ طنا.
- أو بيعها بالمزاد العلني لأغراض زراعية أو صناعية، ومراقبة الجهة المشترية لجهة عدم وصول أي جزء منها إلى الاسواق مرة أخرى، علما أن سعرها الآن بضع مليارات من الليرات. (تم إعلامنا بالمبلغ، وسبب عدم ذكره هنا كي لا يؤثر على عروض العارضين المتقدمين لشرائها).
وعندما سألنا السيد أحمد نجم عن حقيقة إمكانية استخدامها لأغراض صناعية أو زراعية قال : تستخدم "تورب".. أي مع التراب للنباتات الزراعية.. وقد تقدم عدد من الراغبين لشرائها، ولكننا لا نستطيع بيعها بالتراضي، وننتظر نتائج عروض المتقدمين للمناقصة. وعن كيفية التأكد من عدم عرضها في السوق من قبل الشارين مرة أخرى ، قال : يتم ذلك من خلال خلطها بالرمل والتراب أمام لجاننا، بحيث لا يمكن إعادة استخدامها لأغراض غذائية.
"تقرير الهيئة في أدراج رئاسة الوزراء" !!!
تم التحقيق بهذا الملف من قبل خمس بعثات رقابية تفتيشية، منها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، التي انتهت من تحقيقاتها منذ حوالي عام ونصف العام، وأرسلت تقريرها الى رئاسة مجلس الوزراء، (في عهد رئاسة المهندس عماد خميس له).
بقيت الهيئة تنتظر توجيه رئاسة الحكومة منذ عام ونصف، ولكن التوجيه لم يأتِ حتى الآن، (بحسب مصدر مطلع في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. طلب عدم الإفصاح عن اسمه).
قد يتساءل البعض : لماذا ارسلت الهيئة تقريرها إلى رئاسة مجلس الوزراء، ولماذا تنتظر توجيهها؟!..
وهذا سؤال في محله..
والجواب : لأن اللجنه التي قررت شراء الشاي مؤلفة من عدد من الوزارات، إضافة إلى اللجنة الاقتصادية التي تتألف من عدة وزارات ).. أي لأن الخطأ، والمخالفات، وسوء إدارة الصفقة (إن وجدت) فهي تطال عددا من الوزارات التي تشكلت منها لجنة الاستيراد.
وربما تطال رئيس الحكومة الأسبق د. وائل الحلقي الذي وجّه بعدم إعادة الشاي إلى إيران .
وللعلم فقد حدد تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الأخطاء والمسؤوليات.. والمفترض أن يتم العمل بتوصيات تقريرها حتى لو طال عددا من الوزراء.. وإن كان هناك مبررات سياسية، يمكن أن يأخذ القضاء بها).
أخيرا.. نقول :إن تقرير الهيئة العامة للرقابة والتفتيش الموجود لدى رئاسة مجلس الوزراء حدد المسؤوليات في هذا الملف ... ونأمل، كما يأمل المواطنون من رئيس مجلس الوزراء الحالي، المهندس حسين عرنوس إخراج تقرير الهيئة من الادراج كي يأخذ مداه ومسراه القانوني لدى القضاء.
هلال عون
إضافة تعليق جديد