أيّهما أطول عمرًا؟!
شرّع الله عزّ وجلّ الزواج ووضع نظمه وأهدافه وحقوق الزوجين وواجباتهما تجاه بعضهما البعض، وحددّ الأدوار المنوطة بهما، فالزواج سعادة نفسية للزوجين في حال أحسنا الاختيار وفهما أبعاده. وهو شراكة طويلة الأمد بين طرفين اختارا بعضهما البعض ليتابعا العمر معًا، بعد أن أحسا بمدى التقارب والتفاهم والانسجام بينهما ولامس الحب قلبهما.
إلا أن تعدد الآراء حول موضوع الزواج حول ما إذا كان يجب أن يكون عن حب أو عقل؟ دفعنا لطرح الاشكالية التالية، هل أن الزواج القائم على الحب أكثر ديمومة من الزواج القائم على العقل؟بدايةً لا بدّ أن نشير إلى أن الزواج الناجح يحتاج إلى حُسن اختيار الشريك، وحُسن الاختيار مرتبط بمدى معرفة الذات للوصول إلى معرفة الاختيار.
الزواج عن حب يدفع بالكثير للتغاضي عن أخطاء وزلات الآخر دون اللجوء إلى معالجتها خاصة قبل الدخول إلى البيت الزوجي، معتقدين بأن هذه الأخطاء ستزول عند الزواج، وعندما يصبحان تحت سقف واحد وبعد فترة قصيرة وكما يقول المثل "بدوب التلج وبيبان المرج"، تبدأ الخلافات والمناكفات والمشاحنات، فالزواج عن حب لا يعني أبدًا أن نحب 24 على 24 ساعة، حتى أن مفهوم الحب في الوقت الحالي بعيد كل البعد عن جوهره، فالحب الحقيقي قائم على التضحية، الاحترام، الاهتمام، الاستماع إلى الآخر، الدعم والمساندة والحماية والنخوة والشهامة، والسعي لإسعاد الشريك وجعل البسمة على وجهه لا جعل الكدمات واللكمات محفورة على وجهه وفي روحه.. وللأسف أكثرية من اختاروا هذا الزواج وقعوا فيما بعد في أفخاخ الخيانة الزوجية والروتين الزوجي والطلاق الخفي، خاصة أنهم عند ارتباطهم بالشريك أحبوه إما لوسامته وجماله أو لسيارته أو لكلامه أو لهداياه أو لأنه يمتلك شقة أو... فإذن الزواج عن حب فقط سيما الحب الذي تحدثنا عنه لا يدوم ولا يبقى فهو عند أول مفترق سيتبخر.
أما الزواج عن عقل وفقط عن عقل فنتيجته لا تختلف عن نتيجة الزواج عن حب، لأن الزواج يتطلب مشاعر إعجاب وإنجذاب، فهو ليس بالتالي صفقة تجارية لنفكر بالربح والخسارة. فتدخل العقل ضروري في اختيار الشريك من ناحية مدى التقارب والتوافق الفكري والنفسي والأخلاقي والاقتصادي والعاطفي، ففي حال لم يكن بهذه الطريقة ستتحول الزوجة إلى آلة لإنجاب الأطفال والزوج مصرف نقال، وبالتالي سيفقد البيت الزوجي معاني المودة والرحمة.
إذن الزواج الناجح يقوم على عنوان واضح وصريح ألا وهو "التلاقي بين العقل والقلب"، وهذا لا يتم إلا إذا كان الفرد متصالح مع ذاته عارف لنفسه يعرف ما هو الزواج، ويعي بأن الزواج ليس مرحلة مؤقتة بل هو النواة الأساس لبناء المجتمع. إضافة إلى أن هذا الزواج يمنح الطرفين الأمن والأمان والاستقرار بكافة أنواعه، وبالتالي يكون الحوار هو الحل لإدارة الخلاف، فلا يوجد أي بيت زوجي يخلو من المشاكل، لكن بإمكانهم إطفاء نار المناكفات عبر عقار "الحوار"، وبالتالي سينعكس إيجابًا على الصحة النفسية للأطفال وعلى حُسن تربيتهم، وسيكون الوالدان القدوة التي يسعى الأبناء للتماهي والاقتداء بها.
التوازن بين العقل والقلب مفتاح السعادة الزوجية.. فاسعوا إلى تملكه.
نسرين نجم
المصدر: بيروت برس
إضافة تعليق جديد