البنك الدولي ينتقد التضييق على الصحافة في الشرق الأوسط
خلص تقرير دولي يعرض لأول مرة إلى أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني من تأخر كبير في "الحكم الراشد" والشفافية ومحاربة الفساد، مقارنة بمناطق أخرى من العالم.
ونبه خبير البنك الدولي دانيال كوفمان في تقرير عرضه يوم السبت بملتقى نظمه البنك والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الجزائري، إلى أن الهوة تزداد اتساعا بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة، ودول شرق آسيا من جهة أخرى، التي تقترب شيئا فشيئا من دول الاتحاد الأوروبي في مجال الحكم الراشد.
وأوضح كوفمان أن البنك الدولي اعتمد لتحديد الحكم الراشد مقاييس الحريات السياسية والمحاسبة والاستقرار وفعالية الحكومة ونوعية التشريع وسيادة القانون ومراقبة الفساد.
وشملت الدراسة دول المنطقة خلال الفترة بين 1995 و2005، وخلصت إلى نتائج تضعها في ذيل الترتيب خلف دول أميركا الجنوبية، وبعيدا عن دول أوروبا الشرقية وشرق آسيا.
كما بين التقرير تقدما في الشق الاقتصادي من الحكم الراشد، لكن التأخر لا يزال كبيرا في الشقين السياسي والمؤسساتي.
وأشار إلى ما حققته دول الخليج من كفاءة اقتصادية وتطور في المراقبة ومحاربة الفساد والرشوة، بفضل فعالية الحكومات. إلا أن الوضع في شمال أفريقيا ومصر لا يزال مقلقا.
ومن جهة أخرى، حققت دول أفريقيا تحولا إيجابيا في الحريات السياسية وبناء المؤسسات، على غرار الجزائر أو المغرب، إلا أن مستويات الرشوة والفساد والمحاسبة مازالت عالية، مما جعل الدول المعنية تعاني في الاستثمار والرخاء الاجتماعي.
وأكد كوفمان أن دراسات البنك الدولي تشير بوضوح إلى ارتباط التطور الاقتصادي وانتعاش الاستثمار بالحكم الراشد. فمراقبة الفساد ومحاربة الرشوة تزيد من إيرادات الحكومات، وتساعد على مكافحة الفقر، بينما يدفع ذوو الدخل الضعيف ثمن الرشوة والممارسات غير القانونية في الاقتصاد.
ويشير التقرير إلى أن تراجع حرية الصحافة في دول المنطقة لا يساعد على مكافحة الرشوة والفساد، ويجعل الممارسات غير القانونية والمشبوهة تفلت من أجهزة الرقابة.
ولاحظ أن الصحافة في بلد مثل الهند وجنوب أفريقيا، والبرازيل لا تختلف كثيرا عن وضعها في أوروبا، بينما لا تزال في المنطقة العربية متأخرة.
وألح على أن الحكم الراشد لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان نابعا من الدولة نفسها ومن الشعب، وأنه ليس مادة تستورد.
التقرير، الذي اعتبره رئيس المجلس الاقتصادي محمد الصغير بابس حلقة ضمن برنامج التعاون مع البنك الدولي، اعتمد على معطيات قدمتها 25 منظمة وهيئة دولية تعمل بمختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويغطي 213 دولة في العالم.
وتعليقا على مضمون التقرير، قال ممثل منظمة ترانسبارنسي الدولية بالجزائر الجيلالي حجاج للجزيرة نت إن تنظيم الملتقى مبادرة جيدة تسمح بكشف الحقائق ومواجهتها أمام الرأي العام.
أما نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجزائر مصطفى مقيدش، فقد عاب على التقرير طول الفترة الزمنية التي تناولها، وقال إن بعض الدول مرت بفترات دقيقة ثم حققت تحولا سريعا، ولا يمكن تقييم وضعها بنفس الطريقة.
وأوضح مقيدش أن الجزائر عانت من تراجع اقتصادي خلال التسعينيات بسبب العنف المسلح، إلا أنها عرفت تحولا سريعا منذ سنة 2000 بعد استرجاع الاستقرار السياسي، وشرعت في بناء المؤسسات الدستورية وتطوير الاقتصاد.
وأشار مشاركون في الملتقى إلى أن التقرير لم يتناول تأثير الرشوة والفساد بالدول الغربية والمتقدمة على مبادرات الإصلاح التي تشرع فيها الدول النامية، ومنها دول المنطقة العربية.
وأكدوا أن الشركات متعددة الجنسيات اكتشف تورطها في ممارسات غير قانونية ومشبوهة، مما يزيد من صعوبة تدعيم مؤسسات وهيئات المراقبة.
أحمد روابة
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد